كيف نمنع 7 أكتوبر المقبل؟

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الإثنين 20 أكتوبر 2025 - 6:37 م بتوقيت القاهرة

مع إطلاق سراح جميع مخطوفينا وإعادة رفات القتلى منهم، وهو أمر نأمل جميعا أن يكتمل قريبا، تنتهى حرب 7 أكتوبر 2023؛ لقد انتهت الحرب، لكن السلام لم يأتِ بعد.

ومع ذلك، سارع الرئيس ترامب، مهندس الاتفاق الذى أدى إلى وقف الحرب وعودة المخطوفين، إلى إعلان نهاية الصراع الدموى الذى نعيشه فى هذا البلد منذ أكثر من 150 عاما. لقد تحدث الرئيس الأمريكى، بهذه المناسبة، عن صراع عمره ثلاثة آلاف عام. يحق لنا ــــ الآن ـــــ أن نتساءل: هل يؤمن ترامب فعلا بأنه من خلال تصريحات حاسمة بشأن السلام القادم يمكن حلّ صراع معقد وعميق كهذا، فشل فى حلّه كثيرون عبر الزمن، على الرغم من انطلاقهم من ظروف أفضل كثيرا؟

لكن فى الوقت الذى ننظر إلى المستقبل بأمل ـــــ وبحذر ــــ لا يجوز لنا أن ندير الظهر للماضى وننسى العامَين الأخيرين، لأن علينا التأكد من أننا استخلصنا الدروس وتعلمنا من الأخطاء التى جلبت لنا، وللمرة الثانية خلال 50 عاما، مفاجأة استراتيجية كارثية، ولا يتعلق الأمر فقط بالاستهانة بالعدو، أو الغرور والثقة الزائدة، بل أيضاً بتقديس الوضع القائم.

عشية 6 أكتوبر 1973، كانت إسرائيل مقتنعة بأن وضعها كان أفضل من أى وقت مضى، ولذلك، رأت أن الصواب هو التمسك بالوضع الراهن وتجنّب أى خطوة،  سياسية كانت، أم عسكرية.

وعلى غرار ما حدث فى تلك الأيام، عشية 7 أكتوبر 2023، كنا مقتنعين أيضا بأن وضعنا ممتاز، وأن الامتناع من أى تحرك – ضد «حماس»، أو حزب الله، وكذلك الامتناع من القيام بأى تحرّك سياسى – إزاء  الداخل، أو إزاء  العرب، هو التصرف الصحيح، أى عدم القيام بأى شىء. لكن، حسبما تبيّن لاحقاً، فإن هذا الجمود و«الوقوف فى منطقة مريحة» جلبا لنا الكارثة، بل منعانا من الاستعداد لها، أو الحئول دون وقوعها.

واليوم أيضا، هناك مَن يدعون إلى العودة إلى الوضع القائم، وبعد وقف إطلاق النار فى غزة – الانتظار حتى تفشل مبادرة ترامب، هناك شكوك أساسا فيما إذا كانت ستتحقق، والعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر، لكن مع "حماس" أضعف، ومن دون قوة عسكرية جرى تدميرها خلال المعارك.

على مدار الربع قرن الأخير، تمسكت إسرائيل بالوضع القائم، ومن هذه الناحية، لم يكن هناك فارق كبير بين اليمين واليسار والوسط. لقد اعتقدنا أن هذا الوضع يسمح لنا بتعزيز سيطرتنا على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والحفاظ على هذه المناطق، إمّا كوديعة لأيام أفضل قد تأتى فى المستقبل، يمكن التوصل فيها إلى تسوية سياسية مع الفلسطينيين، أو كمجال لتعزيز «أسرلتها»، إذ إن كل يوم يمرّ يبعد الفلسطينيين عن حلم الدولة الفلسطينية، ويعزز الوجود الإسرائيلى وسيطرته على الأرض.

لكن هذا كله انفجر فى وجوهنا. ومن هنا، نستخلص الاستنتاج الضرورى، ومفاده بأن الدولة التى تريد البقاء، لا بد لها من الحفاظ على حركة مستمرة، وإظهار ديناميكية ومبادرة، ومعالجة مشكلاتها بشكل ناشط، لأنها لن تُحل من تلقاء نفسها.

إذا لم نُعالج الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وبدلاً من ذلك، اخترنا إبقاءه فى  حالة جمود عميق، فسيأتى مَن يعالجه بدلاً منا – سواء من منظمات مثل حركة «حماس» التى ستجدد هجماتها ضدنا، أو الرئيس ترامب والمجتمع الدولى من خلفه، الذين قد يفرضون علينا تسوية قسرية تؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية بشروط غير مريحة لإسرائيل.

وبناءً على ذلك، على إسرائيل إطلاق مبادرتها الخاصة. وهذا يتطلب قرارا شعبيا حاسما: هل نتوجه نحو تسوية سياسية مع السلطة الفلسطينية؟ أم نُفضّل أن يُفرَض علينا الحل؟ وهناك، بطبيعة الحال، خيار ثالث، يتمثل فى ضم الضفة الغربية (أراضى يهودا والسامرة) ودمج الفلسطينيين القاطنين فيها كمواطنين متساوى الحقوق فى دولة إسرائيل.

لكن الأهم هو أن نحدد مصيرنا بأيدينا، ونتخذ خطوة، لأننا إن لم نفعل ذلك، فسنكتشف أن مصيرنا بات فى أيدى الآخرين. لقد أخطأنا؟ إذاً، لنتعلم ونُصلح.


إيال زيسر

يسرائيل هيوم (جريدة ذات توجه يمينى)

مؤسسة الدراسات الفلسطينية

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved