ترامب وإعادة طرح خطة القرن.. الاستعداد للسيناريوهات الصعبة فى الشرق الأوسط

أيمن النحراوى
أيمن النحراوى

آخر تحديث: الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

المدقق فى معايير اختيار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لوزرائه سيلاحظ أن أحد أهم المعايير لديه هو الولاء والإخلاص، ثم الكفاءة والخبرة بما يتفق مع توجهات ورؤية ترامب الاستراتيجية للقضايا، ثم المعيار الثالث بأن يكون من مناصرى إسرائيل وداعميها.

 


‎إن ماركو روبيو المرشح وزيرا للخارجية؛ يعرف عنه مساندته غير المشروطة لإسرائيل، حيث صرح منذ بدء العدوان الوحشى الإسرائيلى على غزة بقوله إنه لن يدعو إلى وقف إطلاق النار، وأن إسرائيل يجب أن تقضى على عناصر حماس باعتبار هؤلاء حيوانات شرسة.
‎أما مايك هاكابى المرشح كسفير فى إسرائيل فيعد من عتاة المحافظين المؤيدين لإسرائيل، واشتهر عنه قوله أنه لا يوجد شىء اسمه فلسطينى، ووصفه لحل الدولتين بأنه غير واقعى وغير قابل للتنفيذ، وقوله إذا تم إنشاء دولة فلسطينية فيجب أن تكون فى دول مجاورة مثل مصر أو سوريا أو الأردن، وليس داخل حدود إسرائيل.
‎أما إليز ستيفانيك المرشحة كسفيرة لدى الأمم المتحدة فقد سبق لها وصف الأمم المتحدة بأنها مستنقع لمعاداة السامية، لمجرد تنديد مسئولى الأمم المتحدة بسقوط عشرات الآلاف من القتلى والضحايا فى غزة.‎
الرئيس المنتخب ترامب نفسه ومنذ عدة شهور صرح تصريحا خطيرا بقوله إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، وأضاف أنه لطالما فكر كيف يمكن توسيعها؟! وهو تصريح جد خطير ينبغى أخذه بجدية وحذر.
• • •‎
كل ذلك يجب ألا يغيب عن الذهن ولاسيما أن ترامب أثناء فترة رئاسته الأولى قد اعترف رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقع قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دون أى اعتبار للشعب الفلسطينى وحقوقه التاريخية ولا القرارات الدولية بشأنها.
كما أن ترامب نفسه كان عراب صفقة القرن التى تعد بمثابة تصفية مهذبة وهادئة للقضية الفلسطينية حيث تنكر على الشعب الفلسطينى حقوقه الثابتة وتنتزعها منه بإلغاء حق العودة تماما ونهائيا، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية الكاملة على مدينة القدس ومقدساتها، وضم 35% من أراضى الضفة الغربية بما عليها من مستعمرات إلى إسرائيل، وبحيث يتبقى للجانب الفلسطينى فى النهاية أقل من 20% من مساحة فلسطين التاريخية ليقيم عليها دولة اسمية منقوصة السيادة منزوعة السلاح.
• • •
‎ترامب أيضا وأثناء فترة رئاسته الأولى كان راعى اتفاقات إقامة علاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وأبرمت تلك الاتفاقات دون أى ثمن تدفعه إسرائيل، ولو كان حتى إيقاف مؤقت لسرطان الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية، وبالفعل فلم تمض عدة أيام على توقيع تلك الاتفاقيات حتى عقد رئيس وزراء الكيان الصهيونى اجتماعا مع مجلس التخطيط الأعلى للبناء فى المستوطنات للمصادقة على بناء خمسة آلاف وحدة استيطانية جديدة فى الضفة الغربية ورصد الاعتمادات المالية لتوسيع مستوطنة بيتار عيلتيت ببناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة فيها، مع استمرار تنفيذ مخططات بناء مستوطنات جديدة على الأراضى الفلسطينية.
• • •
‎السؤال الذى يطرح نفسه هو ماذا لو أعاد ترامب طرح صفقة القرن فى إطار جديد وبمسميات جديدة وحاولت إدارته فرضها بممارسة ضغوط قوية على الجانب الفلسطينى والدول العربية المعنية بمنأى عن حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية؟.
‎السيناريوهات الأمريكية ستأتى متعددة ومتنوعة وبمداخل مختلفة يتوقع معها أن تستخدم كل درجات الترغيب والترهيب على الجانب الفلسطينى والدول العربية، لكنها ومن المؤكد ستقوم على الانتصار لإسرائيل والانتقاص من حقوق الشعب الفلسطينى، فلم تكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ أكثر من 75 عاما سوى مؤيد وداعم ومبرر ومتحدث ومفاوض ومتصرف باسم الكيان الصهيونى ولصالحه.
• • •
‎إدارة ترامب فى فترة رئاسته الجديدة لن تخرج عن هذا النهج الثابت فى السياسة الخارجية الأمريكية بل يتوقع لها أن تكون الأعتى والأشد فى تطبيقه على الشعب الفلسطينى والدول العربية مستخدمة كلما لديها من أساليب وسيناريوهات لتحقيق تصور الرئيس ترامب فى أن يكون الزعيم الذى أوقف الحرب وأحل السلام.
‎فالرئيس المنتخب ترامب يقدم نفسه دائما باعتباره القادر على تحقيق الإنجازات غير المسبوقة، وبأنه القادر على إنهاء الحروب والصراعات، والتى ذكر من ضمنها الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وهو ما سيسعى لتنفيذه حتما خلال السنوات الأربع القادمة بكل السبل حتى يدخل التاريخ باعتباره زعيما عظيما حقق ما لم يحققه أحد من قبله، ولربما أيضا سيسعى كمطمح شخصى للحصول على جائزة نوبل للسلام، ولما لا فطموح ترامب لا حدود له.
‎لا بأس فى ذلك كله، فإنهاء الحروب وحل الصراعات وإحلال السلام هو فى حد ذاته عمل نبيل مقدر، لكن على أى أساس سيتم الأمر، هل سيحل ترامب الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس قرارات الأمم المتحدة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى؟! من المؤكد أن الإجابة هى لا...‎
ومن المؤكد أيضا أن لدى الولايات المتحدة العديد من السيناريوهات بشأن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ولا نحسبها ستأتى إلا لصالح إسرائيل وبثمن باهظ يدفعه الجانب الفلسطينى والدول العربية والشرق الأوسط بأكمله، لذلك نحسبها سيناريوهات صعبة يتوجب التحسب والاستعداد لها، لأن الرياح الأمريكية لن تأتى أبدا بما تشتهيه السفن العربية، فهى لا تهب إلا لخدمة إسرائيل.‎

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved