مصر الجديدة (6)

عماد الغزالي
عماد الغزالي

آخر تحديث: الإثنين 21 مارس 2011 - 9:48 ص بتوقيت القاهرة

 أكتب هذا المقال قبل ساعات من إعلان نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والذى شهد مشاركة غير مسبوقة من المصريين، أجزم أن 90% منهم لم يشاركوا فى اى تصويت من قبل، وإن « صوّت لهم» فى الانتخابات والاستفتاءات السابقة، بالموافقة للرئيس السابق وحزبه بطبيعة الحال.

هذا هو المكسب الأكبر فى مشهد السبت الماضى، بصرف النظر عما يمكن أن يقال عن تجاوزات هنا أو هناك، وهو مكسب ينبغى أن نعمل فورا على ترسيخه والبناء عليه، فليس يسيرا أن ينتقل الناس من السلبية إلى الفاعلية، أن يغادروا مقاعد المتفرجين وينزلوا بجسارة إلى أرض الملعب، ليعلنوا دون مواربة أن الأمر يعنيهم، وأن هذا البلد يخصّهم، وأن مستقبله بأيديهم، أن يشعروا بأنهم مهمون ومؤثرون، مهما يكن وضعهم فى السلم الاجتماعى.

«آباؤنا الذين فى النخبة»، عليهم أن يدركوا ذلك قبل غيرهم، وأن يتخلصوا من أمراضهم العتيدة التى أوردت الأمة فيما سبق موارد الهلاك، فالحوار فى الشأن الوطنى ليس نزالا فى حلبة مصارعة، أو مناسبة للنفى والإقصاء.

أعرف أن كثيرين على الجانبين بانتظار أن تأتى النتائج كما تمنوها، كى يرفعوا حاجب الاستهزاء الأيسر، ويميلوا بظهورهم للوراء، سعداء بفراستهم ونباهتهم وحسن توقعهم، مستعرضين قدراتهم الخارقة فى التحليل والتمحيص، وهم يتمتمون بلهجة الواثق : «ألم نقل لكم»، بعدها تبدأ فورا عملية إبعاد من صوتوا فى الاتجاه المعاكس، باعتبارهم خونة أو مأجورين أو قلة مندسة، أو فى أحسن الأحوال مهزومين لايحق لهم المشاركة فى المباراة بعد هزيمتهم الساحقة الماحقة، هذا نمط من التفكير لايلائم مرحلة مابعد ثورة 25 يناير، فضلا عما يكرسه من فرقة وانقسام تباعد بيننا وبين مانتطلع إليه فى المستقبل، وبالمناسبة، فإن نجاح الثورة- أى ثورة- لايقاس فحسب بمدى ما تحققه من مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية، وإنما بما تحدثه من تغيير فى أنماط التفكير، وما تستحدثه من رؤى فى البصر والتبصر، وبقدر ما تنجح فى هذا المسعى، بقدر مايكون الانقضاض عليها أوالالتفاف على أهدافها عسيرا إلى حد الاستحالة.

ماأريد أن أقوله إننا بحاجة للوحدة لا التشرذم، وأيا ماكانت نتيجة الاستفتاء، فنحن مطالبون بالاصطفاف خلف مشيئة الغالبية، والإضافة إلى رؤاهم وبرامجهم، لا الانسحاب لأن النتيجة لم تصادف هوانا.

هذه هى الديمقراطية التى ارتضيناها، هذه هى شرعية القانون التى نرجوها بديلا عن شرعية «الحشد» وإغراء غلبة « الجماهير الغفيرة».

الوطن يحتاجنا جميعا.. الذين قالوا نعم.. والذين قالوا لا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved