إسرائيل تريد مواجهة إيران وأمريكا معًا!
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 21 أبريل 2021 - 7:10 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع 180 مقالا للكاتب خلدون الشريف يرى فيه أن إسرائيل ستفعل كل ما بإمكانها، حتى لو وصل الأمر إلى إشعال حرب بالمنطقة، لتمنع إيران من امتلاكها للقوة النووية.. نعرض منه ما يلى.
قبل دخوله إلى البيت الأبيض وبعده، لا يخفى جو بايدن رغبته فى العودة إلى الاتفاق النووى مع إيران. بالمقابل، لا تخفى تل أبيب «حربها» ضد الاتفاق، حتى لو أضرّ ذلك بالعلاقات الأمريكية ــ الإسرائيلية!
حصَّن الرئيس الأمريكى جو بايدن نفسه بفريق يعرف إيران جيدًا، وسبق وتعامل معها، من وزير الخارجية أنتونى بلينكن إلى نائبته ويندى شيرمان إلى مستشار الأمن القومى جيك سوليفان وصولًا إلى روبرت مالى الذى كُلّف بمتابعة الملف الإيرانى فى وزارة الخارجية الأمريكية. كما استعان بوزير الخارجية السابق جون كيرى عبر تعيينه مبعوثًا للمناخ فى الإدارة الأمريكية، وهو الذى نجح قبل خروجه من وزارة الخارجية، فى عقد اجتماع مع رئيس لجنة التخطيط للسياسة الخارجية فى مكتب المرشد الأعلى السيد على خامنئى، كمال خرازى فى باريس، بحضور عدد من الشخصيات المذكورة آنفًا، كما أقر مؤخرًا روبرت مالى.
وبحسب مصادر عديدة، لم تتوقف اللقاءات بين شخصيات من الحزب الديمقراطى وشخصيات رسمية إيرانية، طوال حقبة دونالد ترامب، وهذا الأمر، شكّل عنصر دفع إضافيا لكل من إسرائيل والسعودية والإمارات للاصطفاف بقوة خلف ترامب ومحاولة دعمه بوسائل شتى فى انتخاباته الرئاسية الأخيرة التى خَسِرها، وهو الأمر الذى دفع الإدارة الجديدة لممارسة ضغوط على هذه الدول الثلاث سواء من خلال تأخير اتصال بايدن ببنيامين نتنياهو، أو تسريب وثائق وإقرار عقوبات بحق مسئولين سعوديين، والتلويح بملفات تطال مقربين من ولى عهد أبو ظبى، وصولًا إلى محاولة تحسين علاقات بلاده بإيران وحلفائها الإقليميين.
***
يبدو أن إسرائيل قررت مواجهة التانجو الأمريكى ــ الإيرانى؛ فقد أبلغ نتنياهو الإدارة الأمريكية فى مطلع شهر إبريل الحالى إن أى اتفاق أمريكى مع إيران يهدد أمن إسرائيل ولا يراعى مصالحها لا يلزمها بأى شىء. واستقبل بعد ذلك بثلاثة أيام وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن ليضيف على ما سبق، وأمام الضيف الأمريكى، بأنه لن يسمح لإيران بتهديد وجود إسرائيل من خلال برنامجها النووى. كان جواب وزير الدفاع الأمريكى أن أمريكا لن تتخلى عن إسرائيل وعن التشاور معها فى ما يخص المنطقة، من دون أن يذكر إيران بالاسم.
تريد إسرائيل، من أى اتفاق نووى جديد أن يضمن كف الهجمات الإيرانية انطلاقًا من العراق وسوريا ولبنان وغزة والبحر الأحمر، عبر أذرعتها الإقليمية، من جهة، ووضع حد للبرنامج الصاروخى الباليستى الإيرانى، من جهة ثانية، وهو ما ترفض إيران البحث به حتى الآن.
تعتمد إسرائيل فى مواجهتها مع إيران على ثلاثة مرتكزات:
أولًا، إضعاف وتعطيل البرنامج النووى الإيرانى من خلال الاغتيالات، الهجمات السيبرانية، زرع العبوات وتفخيخ المنشآت، وكان أبرزها قبل تفجير نطنز التخريبى فى مطلع أبريل الحالى، الهجوم الإسرائيلى على موقع نووى إيرانى فى يوليو ٢٠٢٠، واغتيال واحد من أهم العلماء النوويين، محسن فخرى زادة، فى نوفمبر من العام الماضى.
ثانيًا، استهداف أذرعة إيران فى سوريا ــ وإلى حد ما عند حدود العراق الغربية ــ ومحاولة منع وصول ترسانة الصواريخ الدقيقة إلى كل من سوريا ولبنان، وهى عملية انطلقت بوتيرة متصاعدة منذ مطلع عام ٢٠١٣ وتستمر حتى يومنا هذا.
ثالثًا، شن هجمات منذ العام 2019 على السفن الإيرانية التى تحمل النفط والأسلحة الإيرانية عبر البحرين المتوسط والأحمر، أى فتح جبهة حرب بحرية جديدة، عنوانها «الحد من النفوذ العسكرى الإيرانى فى الشرق الأوسط». ويبدو فى «حرب السفن»، أن إيران تتقدم على إسرائيل فى البحار.
وحسب قول رئيس مركز أبحاث السياسة البحرية والاستراتيجية فى جامعة حيفا، شائول خوريف، لـ«نيويورك تايمز»، فإنه «على الرغم من فرض إسرائيل وجودها فى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، إلا أنها تعتبر أقل فعالية فى المياه القريبة من إيران، مما يجعل السفن المملوكة لإسرائيل أكثر عرضة للهجمات الإيرانية فى طريقها إلى موانئ الخليج العربى».
ومن السذاجة بمكان افتراض أن قرار ضرب نطنز والسفن الإيرانية، وآخرها «سافيز» فى البحر الأحمر، كما كل العمليات التى سبقت، هو قرار أحادى اتخذه نتنياهو لأسباب انتخابية أو حكومية بل هو قرار يحتاج إلى موافقات أمنية مكتملة الدوائر ومنها موافقة خصم نتنياهو اللدود وزير الدفاع بنى جانتس على شن هجمات كهذه. ومن نافل القول إن ضربات كهذه، موجهة لتعديل مسارات التفاوض فى فيينا لتشمل الباليستى والحضور الإقليمى، تحمل فى طياتها محاولة للضغط على الولايات المتحدة قبل أن تكون موجهة ضد إيران.
ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت» بتاريخ ١٨ أبريل، فإن إدارة بايدن نقلت رسائل غضب إلى حكومة نتنياهو فى الآونة الأخيرة ــ على الأرجح عبر لويد أوستن ــ عبّرت من خلالها عن استيائها من الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية، فى موازاة بدء محادثات فيينا غير المباشرة بين واشنطن وطهران. وقال الأمريكيون إن الهجمات الإسرائيلية «تحرجنا وتمس بالمفاوضات».
***
ذكر موقع «والا» الإسرائيلى أن مسئول الأمن القومى الإسرائيلى مئير بن شبات تواصل مع مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان فى مارس الماضى، واتفقا على تنسيق جهودهما الاستخبارية فى الملف النووى الإيرانى. وبحسب الموقع، فقد شدد مستشار الأمن القومى على أن أحد الأهداف المركزية لإدارة بايدن هو منع إيران من حيازة سلاحٍ نووى على مدى سنواتٍ طويلة.
وأشار مسئولون إسرائيليون إلى أن سوليفان قال فى المحادثات إن الولايات المتحدة ملتزمة بالتعامل بشفافية مع إسرائيل فى كل ما يتعلق بخطواتها وقراراتها فى الموضوع الإيرانى، وإنها تتوقع من إسرائيل التعامل كذلك بشفافية معها فى كل ما يتعلق بالموضوع الإيرانى.
لكن المواقف والخطوات العملية تثبت يومًا بعد يوم أن إسرائيل غير مطمئنة لإدارة بايدن وأنها توجه رسائل متتالية مفادها أن أى اتفاق لا تحسب فيه واشنطن حساب مصالح تل أبيب لن يمر، ولو أدى خطأ ما إلى اندلاع مواجهات تشمل لبنان وغزة واليمن وسوريا، وصولًا إلى إيران وقلب إسرائيل نفسها.
وفى الوقت نفسه، يزداد الحديث فى الإعلام العبرى عن «نتنياهو جديد»، فى الآونة الأخيرة. تقول «هاآرتس» إن زعيم «الليكود» لم يعد هو نفسه رئيس الحكومة الذى لا يفضل الحروب بل الالتفافات الدبلوماسية، والسبب هو أن مستقبله الشخصى والسياسى على المحك، الأمر الذى قد يضع إسرائيل فجأة فى حالة حرب مع إيران وأذرعتها.
لذلك، تتحدث بعض السيناريوهات عن استعداد إسرائيل كما إيران لحرب شاملة تطال كل الإقليم بحيث تتولى إسرائيل، ضرب الحوثيين فى اليمن وحزب الله فى لبنان وحركة الجهاد الإسلامى وحماس فى فلسطين.
بالمقابل، صار محسوما أن أى مواجهة عسكرية فى المرحلة المقبلة، لن تكون بمعزل عن ترابط الساحات (لبنان، سوريا، فلسطين، العراق واليمن)، وهى النقطة التى أشار إليها أكثر من مرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
من الصعب التكهن سلفًا بما يمكن أن تسفر عنه حرب كهذه لا بل من الصعب افتراضها كخيار، خصوصا وأن جميع حروب إسرائيل احتاجت إلى ضوء أخضر أمريكى.
لا مصلحة للطرفين الإسرائيلى والإيرانى بخوض مواجهة شاملة لكن الحروب تحصل أحيانًا نتيجة خطأ أو صدفة وفى التاريخ أمثلة لا تُحصى عن حروب الصدفة.. والأخطاء.
النص الأصلى هنا