زلزال فى إيران.. دلالات موت الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الثلاثاء 21 مايو 2024 - 6:15 م
بتوقيت القاهرة
يشكل الموت المفاجئ للرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، فى حادثة تحطم طوافته فى شمال غرب إيران، زلزالًا كبيرًا فى الجمهورية الإسلامية. والمرشد الأعلى يتولى الآن فعلًا رئاسة الدولة، ولديه الصلاحيات الأساسية لإدارة شئونها، خصوصًا قضايا الخارجية والأمن. ومع ذلك، فإن رئيس السلطة التنفيذية يُعتبر رسميًا الشخص الثانى من حيث الأهمية فى هرمية السلطة فى الجمهورية الإسلامية، ولديه تأثير واضح فى إدارة شئون الدولة، خصوصًا فى المجالات الداخلية والاقتصاد؛ فهو يتولى رئاسة الحكومة، ويضع سياستها، ويشرف على تنفيذها، ويتولى رئاسة مجموعة من الهيئات التنفيذية الرفيعة المستوى، وعلى رأسها المجلس الأعلى للأمن القومى، الذى تتمثل مسئوليته فى صوغ استراتيجية عليا تتعلق بالقضايا الخارجية والأمنية.
وإن غياب رئيسى عن المنصة يضع إيران فى مواجهة تطورات مهمة فى الساحة الداخلية والإقليمية والدولية؛ ففى الساحة الداخلية، يواجه النظام أزمة شرعية حادة، وكانت حركة الاحتجاج التى نشبت فى سبتمبر 2022، بعد موت الشابة همسة أمينى، قد قمعت بنجاح، وقد ساد فى هذه الأثناء الهدوء فى الشوارع. ومع ذلك، فقد فشلت السلطات فى إيران، كما فشل الرئيس رئيسى فى المسعى لتقديم حل للضائقة الاقتصادية والاجتماعية الحادة التى يعانى جرّاءها الناس، كما أن انخفاض مستوى المشاركة بصورة غير مسبوقة فى الانتخابات البرلمانية التى جرت مؤخرًا فى إيران هو دليل واضح على التآكل المستمر فى ثقة الجمهور بمؤسسات الجمهورية الإسلامية، واليأس الواضح وسط طبقات واسعة من المجتمع.
وفى هذه الأثناء، تقترب إيران من الصراع على وراثة المرشد الأعلى، على خامنئى، البالغ من العمر 85 عامًا، وكان قد طُرح اسم رئيسى كأحد المرشحين الأوفر حظًا لهذا المنصب، وعبْر انتخابه رئيسًا فى يونيو 2021، كان قد أنهى مرحلة أُخرى فى عملية تأهيله لتولّى زعامة الجمهورية الإسلامية، وبعد مرور 3 سنوات على انتخابه، كان يواجه انتقادات متزايدة من جانب المحافظين على خلفية فشل سياسته الاقتصادية، كما أخفق فى تحسين مكانته لدى الجمهور كونه من المشاركين فى إعدام عدد كبير من المعارضين السياسيين فى سنة 1988 عندما كان يشغل منصب المدعى العام فى طهران.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا شك فى أن موت رئيسى يشكّل ضربة شخصية قاسية بالنسبة إلى الزعامة الإيرانية؛ فهو يُعتبر الرئيس المخلص، والأكثر راحة بالنسبة إلى خامنئى، منذ تعيينه مرشدًا أعلى فى صيف 1989. كما عكس انتخاب رئيسى تغيرًا مهمًا فى موازين القوى السياسية فى السلطة التنفيذية، وفى عودة سيطرة تيار المحافظين على جميع مراكز القوى فى إيران، خصوصًا بعد 8 سنوات من رئاسة حسن روحانى الذى كان يتماهى مع المعسكر البراغماتى. وقد أدى انتخاب رئيسى إلى تعزيز التركيبة المتشددة فى المجلس الأعلى للأمن القومى.
وكان للرئيس رئيسى تأثير كبير فى إدارة السياسة الخارجية الإيرانية. وبالإضافة إلى هذا، فسيكون لموت وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، الذى كان برفقته فى الطوافة، تأثير فى الساحة الإقليمية، فمعرفته العميقة بالشرق الأوسط، وإتقانه للغة العربية، وقربه الكبير من فيلق القدس، كلها أمور حوّلته فى السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد نشوب حرب غزة، إلى عنصر مهم فى قيادة المعركة السياسية الإيرانية. ودوره يُعد بارزًا مقارنة بوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذى كانت علاقته بالحرس الثورى فى أوقات كثيرة متوترة، كما أدى دورًا مركزيًا فى المساعى الإيرانية لإزالة التوترات مع الدول العربية المجاورة، وفى الساحة الدولية. فضلًا عن أن رئيسى كان إلى حد بعيد وراء مساعى النظام للدفع قُدُمًا بسياسة «التوجُه شرقًا»، والتى ترتكز على أساس التعاون الاستراتيجى مع روسيا والصين.
وفى الخلاصة، ليس من المتوقع أن تتغير الاستراتيجيا الإيرانية بعد وفاة رئيسى، والجمهورية الإسلامية قادرة من الناحية القانونية والتنظيمية على مواجهة رحيل مفاجئ، وبحسب القانون الإيرانى أعلن المرشد الإيراني، علي خامنئي، تعيين نائب الرئيس محمد مخبر رئيسا مؤقتا للبلاد حتى تحديد موعد انتخابات جديدة رئاسية خلال مدة لا تتعدى 50 يومًا. ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن يؤدى موت رئيسى إلى زعزعة المنظومة السياسية فى إيران على المدى القريب بشأن الصراع على الخليفة المستقبلى. وعلاوة على ذلك، فإن أوضاع موت رئيسى يمكن أن تلحق ضررًا إضافيًا بثقة الجمهور فى مؤسسات الجمهورية الإسلامية. هذا بالإضافة إلى أن تحطُم طوافة الرئيس، حتى لو كانت له علاقة بأوضاع الطقس، فإنه يُضاف إلى سلسلة إخفاقات السلطات الإيرانية فى السنوات الأخيرة، كما فى قضية إسقاط الحرس الثورى الإيرانى للطائرة الأوكرانية فى يناير 2020، والأداء الفاشل فى مواجهة الكوارث الطبيعية وانتشار كورونا، ومجموعة من الإخفاقات الأمنية التى كُشفت بعد حدوث اغتيالات وعمليات تخريب، نُسبت إلى إسرائيل فى السنوات الأخيرة ضد شخصيات ومنشآت أمنية حساسة فى إيران.
نشر بتاريخ 20 مايو على يديعوت أحرونوت
راز تسيمت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية