طريقة لعب البرادعى
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 21 يونيو 2010 - 11:38 ص
بتوقيت القاهرة
من تابع لقاء الدكتور محمد البرادعى مع مائة ناشط مساء الجمعة الماضى فى منزل الكاتبة إكرام يوسف سوف يكتشف وجود فجوة، وربما سوء فهم بين د. محمد البرادعى وجمهوره الافتراضى، بل ومع كثيرين يفترض أنهم أقرب الناس إليه.
هذه الفجوة إذا لم يتم ردمها أو جسرها ــ حسب التعبير الشامى ــ سوف تتسع، ولن يستفيد أحد من اتساعها إلا كارهى أنصار البرادعى ومعارضو الحكومة يريدون تغييرا سريعا لأنهم يعيشون واقعا يرونه مؤلما وغير قابل للتأجيل، وفى المقابل فإن الرجل يبدو أنه بدأ يدرك ــ أكثر فأكثر ــ الحقائق على الأرض، وفى مقدمتها أن السلطة متوحشة والاحزاب والقوى السياسية مهترئة، والمجتمع المدنى لايزال يحبو، وأن التغيير يحتاج لتضحيات كثيرة لم يتقدم أحد حتى الآن للإعلان بأنه قادر على تحمل تبعاتها.
المشكلة الحقيقية حدثت ــ ربما بحسن نية ــ منذ وطئت أقدام البرادعى مصر عقب عودته من فيينا منذ نحو أربعة أشهر، هذه المشكلة نفسية فى المقام الأول، وخلاصتها أن حجم الآمال والتطلعات والأهداف كان كبيرا، لدرجة أن البعض بدأ يتعامل مع البرادعى وكأنه أصبح رئيسا للجمهورية فعلا.
قد لا يكون البرادعى مسئولا عن ذلك، لكن المشكلة حدثت فعلا، وخطورتها أنه فى كل مرة يريد البرادعى أن يكون واقعيا يعتقد أنصاره أو حتى منتقدوه وكارهوه، أنه غير مقاتل ويسعى للهروب بعد أن ورط أنصاره فى المعركة.
هل كانت الحكومة ذكية من البداية حينما لعبت على سلاح الإحباط وأنه قد يكون حاسما فى المعركة مع البرادعى، أم أن الأمر حدث عفو الخاطر؟.
بغض النظر عن الإجابة فقد صار على البرادعى أن يغير طريقة اللعب.. لكن المشكلة هنا ان الأمر يشبه فريقا لكرة القدم نزل الملعب وهو واثق من الفوز، ثم فوجئ فى الشوط الأول بهدفين يدخلان مرماه من فريق مصنف باعتباره ضعيفا ولا يعرف قواعد اللعب النظيف.
البرادعى قد لا يحبذ هذا التغيير، لأن الحكومة ربما تتمنى أن يلعب طبقا لقواعدها.. تريده أن ينزل للتظاهر مثلا، فإذا كانت المظاهرة كبيرة، فقد لا يمكن استبعاد أن يتم التعامل معه باعتباره متظاهرا مصريا أصيلا وبالتالى يحصل على كل حقوق المتظاهر!!.. أو أن تكون المظاهرة قليلة العدد فيبدو أقرب إلى المهرج.. ثم إن الوقت لا يلعب لصالحه، وكلما مر الوقت تشعر الجماهير ــ غير الواعية وغير المنظمة ــ باليأس والإحباط.
الجماهير تريد تغييرا سريعا، لكنها لا تريد أن تدفع ثمن التغيير، والبرادعى يريد أن يلعب بطريقته ولا يبدو مستعجلا ربما بحكم إدراكه لقواعد اللعبة، وما بين لهفة الجماهير وهدوء البرادعى تجد الحكومة نفسها تلهو وترتع من دون أن تجد من يضايقها أو يهدد وجودها.