العالم السرى للدبلوماسية.. ماذا يفعلون؟
مواقع عالمية
آخر تحديث:
الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 8:50 م
بتوقيت القاهرة
سلطت استقالة السير كيم داروش، السفير البريطانى لدى الولايات المتحدة، الضوء على عالم الدبلوماسيين السرى.. ونشر موقع Standard Evening مقالا للكاتبة كيت ويلز نستعرض منه ما يلى:
كان هنرى ووتون، الكاتب والدبلوماسى فى القرن السابع عشر، يعتبر أن السفير هو رجل أمين أرسل للخارج «يكذب ويصنع المكائد» لخدمة مصالح بلده. وبعد أن تم تسريب المذكرات السرية التى وصفت إدارة ترامب بأنها «خرقاء وغير كفؤة» فى وقت سابق من شهر يوليو، اضطر السفير البريطانى فى الولايات المتحدة إلى الاستقالة، ما أثار التساؤلات حول دور الدبلوماسية فى العصر الحديث.
يقول ديفيد دن، أستاذ السياسة الدولية بجامعة برمنجهام، إن الدبلوماسية تنطوى بطبيعتها على اتصالات سرية بين الدول وبعضها البعض وبين المبعوثين الدبلوماسيين وبين حكوماتهم فى بلدهم الأم. والواقع أن الكلمة نفسها ــ الدبلوماسية ــ تعنى ورقة مطوية للحفاظ على سريتها. ومهمة السفارة هى تمثيل حكومة بلدها فى الخارج، بالإضافة إلى توفير تحليل واضح للحالة السياسية فى الدولة المستقبلة والقيادة السياسية فيها.
وهذه الأحكام غير الخاضعة للرقابة هى السبب فى أن الحقيبة الدبلوماسية، التى تُستخدم لنقل المستندات الحساسة والمهمة بين السفارة والحكومة الأصلية، لا يجوز تفتيشها بأى شكل من الأشكال (وهو الامتياز الذى بدوره أسيء استخدامه على مر التاريخ بداية من نقل السيجار الكوبى لتشرشل وصولا إلى تهريب شحنات الكوكايين). ولكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعى، ورسائل البريد الإلكترونى المشفرة، كيف ستبدو الحياة حقًا للسفراء فى القرن الحادى والعشرين؟
***
يقول بيتر ميليت، سفير سابق فى كل من الأردن وليبيا إن «مهمة السفير تغطى مجموعة واسعة من الأنشطة». خلال تدريب وزارة الخارجية، نتعرف على ثلاثة أهداف رئيسية. الأول هو أمن المملكة المتحدة، من حيث الإرهاب وما إلى ذلك. والثانى هو الازدهار، وتعزيز التجارة البريطانية والتصدير ومساعدة الشركات البريطانية. والثالث هو القنصلية وحماية المواطنين البريطانيين. عليك أن توفر الحماية لهم وتقدم الشركات البريطانية إلى الوكلاء المحليين وتدير موظفيك بشكل كفء. أنت أيضًا صورة للمملكة المتحدة فى دولتك المضيفة».
«تتجاوز مجموعة المهارات التى يتمتع بها الدبلوماسى الجيد المهارات التقليدية واتقانه العديد من اللغات. كما قال السير كريستوفر ماير، السفير البريطانى السابق فى واشنطن العاصمة: فالدبلوماسى بحاجة إلى عقل سريع، ورأس صلب، ومعدة قوية، وابتسامة دافئة وعين باردة».
من الواضح أن دور الدبلوماسيين قد تطور بشكل كبير منذ أن استخدم السفراء لأول مرة لنشر المعلومات بين الدول فى إيطاليا فى القرن السابع عشر. يقول أوليفر مايلز، سفير سابق فى ليبيا ولوكسمبورغ واليونان: «ربما كان أكبر تغيير فردى فى الدبلوماسية هو مقدمة التلغراف فى منتصف القرن التاسع عشر». وهذا يعنى أن السفراء لم يعودوا «مفوضين» حقًا يتمتعون بصلاحيات كاملة، كما يتم وصفهم حتى الآن.
يمكن أن تكون مهمة الدبلوماسية مهمة عالية المخاطر، ففى العديد من الوظائف، نجد أن مسألة الأمن هى مصدر قلق كبير. يقول ميليت: «فى ليبيا لم أكن أستطع الذهاب إلى أى مكان». ويمكن أن يكون صعبا للغاية على عائلتك أن تعيش فى مثل هذه الظروف. لقد أرسلنا بناتنا إلى مدارس داخلية. وعندما بدأت هذا العمل، لم يكن لدى معلومات كافية عن أى شيء. لقد تلقيت مكالمة هاتفية تقول: «اصطحب نفسك على متن طائرة متجهة إلى كراكاس»، لكن الآن أصبح الأمر أكثر سهولة، قد يتاح للبعض اختيار الأماكن التى يرغبون فى العمل فيها وإذا كان الشخص متزوجا ولديه أسرة، فإنه يحتاج إلى مكان أكثر راحة واستقرارا مثل باريس أو واشنطن، ويحدث هذا لتجنب مشكلة الوظائف الشاغرة.
ويضيف أنه على الرغم من صور السفراء الذين يعيشون فى لندن فى مساكن فاخرة على حساب دافعى الضرائب، استمرت (الشقة التى تبلغ قيمتها 12 مليون جنيه إسترلينى فى نيويورك للقنصل العام والمفوض التجارى البريطانى تتصدر عناوين الصحف فى مارس). إلا أن «الراتب ليس رائعًا مقارنةً براتب الرئيس التنفيذى لشركة متعددة الجنسيات على سبيل المثال».
***
على الرغم من أن الدبلوماسية ما زالت مجالًا يهيمن عليه الرجال البيض الذين ذهبوا إلى المدارس العامة، إلا أن الأمور أصبحت أقل حدة عن ذى قبل. بصفتها مفوضة عليا لموزمبيق، تعد نينى إوجى إيم أول سفيرة سوداء فى المملكة المتحدة ــ المفوض السامى يعادل سفير فى دول الكومنولث. تقول: «إن الأمور تتغير فى وزارة الخارجية وأنا مثال على ذلك». لدينا الآن 49 رئيسة، ونحو 50 فى المائة من سفيراتنا من النساء. الاعتقاد الخاطئ هو أننا نأكل «الفيريرو روشيه»، وهذا بعيد تماما عن الحقيقة. على الرغم من أن جزءًا كبيرًا من هذه المهمة ينطوى على التواصل الاجتماعى وبناء العلاقات، إلا أننى «أم» ومن ثم يجب على أن أحقق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية بشكل صحيح.
جين ماريوت، والتى ستصبح قريبا المفوض السامى فى كينيا وكانت سابقًا سفيرة فى اليمن، عانت من ذلك من قبل. وتقول: «عندما كنت أصغر سنا، كنت أمشى إلى مكان ما كان الناس ينظرون ورائى لأنهم يبحثون عن رجل يرتدى بدلة ويتساءلون أين كان السفير «الحقيقى». «لكن الوضع تحسن الآن بشكل كبير. ولكن لا يزال هناك نقص حقيقى وعدم وضوح فى فهم ما أقوم به، حتى بين أصدقائى وعائلتى الذين تابعوا مسيرتى المهنية منذ 20 عامًا. فى القرن التاسع عشر، كان السفير هو رجل فى سن معينة، ولكن الآن يتعلق الأمر بتشكيل فريق قيادى رفيع المستوى والتعاون مع الإدارات الأخرى المختلفة.. وتضيف أن من أهم التحديات التى تواجه السيدات فى هذه الوظيفة هى الحياة الشخصية.
إن العمل الدبلوماسى يحتوى على درجة مخاطرة عالية وضغوط كثير على العاملين فيه، إلا أنه يظل عمل ممتعًا للغاية.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:
https://bit.ly/2KVCCBo