«الصباحى» يؤيد الرئيس
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 22 يناير 2018 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
ظل الرئيس المخلوع حسنى مبارك يأتى إلى سدة الحكم بطريقة الاستفتاء الشعبى منذ مقتل الرئيس أنور السادات فى 6 أكتوبر 1981 فى حادث المنصة الشهير، ولأربع دورات متتالية قبل أن يفاجئ الرأى العام بالمطالبة بتعديل المادة 76 من الدستور بما يتيح إجراء أول انتخابات تعددية مباشرة فى سبتمبر عام 2005.
دوافع مبارك ونواياه الحقيقية لتعديل هذه المادة يظل تفسيرها متباينا لدى المراقبين والمحللين السياسيين، وإن كانت حالة التململ التى بدأت تظهر على الرأى العام من طول مقام مبارك فى الحكم بالطريقة والأسلوب ذاته، واتساع رقعة الفساد السياسى والاقتصادى، لم تكن غائبه جنبا إلى جانب مع رغبة المخلوع أو بالأحرى زوجته فى توريث نجله، وهو ما أجهضته ثورة 25 يناير.
فى سبتمبر 2005 خاض مبارك الانتخابات وإلى جواره 9 مرشحين كان من بينهم الحاج أحمد الصباحى عوض الله خليل. والحاج الصباحى لمن لا يعرفه كان يرأس حزبا كرتونيا لا يتجاوز أعضاؤه أصابع اليدين فى أقصى تقدير، وكان يتخذ من شقة صغيرة فى بيت متداع قرب محطة مترو السيدة زينب مقرا، لكن أهم ما يميز الرجل طربوشه الأحمر الذى لا يفارق رأسه، وبراعته فى قراءة الكف والطالع.
أتذكر أننى أجريت حوارا صحفيا مع الحاج الصباحى، كان الهدف منه تسلية القراء بآرائه الغريبة، ومنها على سبيل المثال، المطالبة بتوجه مجموعة من الرجال الأشداء إلى الحدود العراقية الإيرانية فى ذروة الحرب بين الطرفين فى ثمانينيات القرن الماضى، رافعين المصاحف على أسنة الرماح للفصل بين المتقاتلين، وغيرها من الأفكار الغرائبية فى كل قضية سياسية، أو اقتصادية.
وقبل أن أهم بالمغادرة، بعد انتهاء الحوار، ألح الرجل كى أعطيه كفى عله ينبئنى بطالع الأيام، لكننى كنت فى عجلة من أمرى فقلت له: «مرة تانية»، وأعتقد أن الفرصة لم تتحها أبدا.
وعلى طريقته فى اللجوء إلى كل غريب، وللفت الأنظار إلى حملته الانتخابية المتواضعة، التى لم تجاوز الشارع الذى يسكن فيه، فوجئ الناخبون بالحاج الصباحى يرتدى رابطة عنق عليها صورة منافسه حسنى مبارك، ويعلن بشكل واضح أنه سينتخب أبو علاء الذى لا يرضى عن غيره رئيسا.
وأتذكر يومها أن الحاج الصباحى توجه للقاء مبارك للتعبير عن مساندته، ووفقا لما قاله، عقب اللقاء، إنه طالب الرئيس «بقرشين» لإعانته على إدارة الحزب، لإن «الأمور ناشفة»، وقد أحاله مبارك لمسئول لتلبية طلبه.
طبعا الحيلة جلبت إلى الحاج الصباحى بعض الشهرة الإعلامية، ولكنها أعطت مثالا على صورة الانتخابات التى أرادها مبارك ذرا للرماد فى عيون منتقديه، وهى الانتخابات، التى لم يحصل الحاج الصباحى خلالها سوى على 4393 صوتا، كما لم يحصل غالبية المرشحين الآخرين ــ باستثناء أيمن نور (نصف مليون صوتا)، ونعمان جمعة (200 ألف صوت) ــ على أرقام تتخطى الأربع خانات.
تلك الانتخابات التى جرت على هذه الشاكلة لم تر النور ثانية، فقد جاءت ثورة 25 يناير لتقطع الطريق على تكرار الأمر، وشهدنا استحقاقيين رئاسيين، كانت التعددية والجدية فيهما لا يمكن إنكارها، وهو الدافع وراء مطالبة القوى السياسية اليوم بأن نمضى على ذات المنوال، وأن يخوض السباق مرشحون قادرون على المنافسة على المقعد الأهم فى الدولة المصرية، وبما يجنبنا الكثير من المزالق أقلها ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، أو ظهور مرشحين على شاكلة الحاج أحمد الصباحى.
مصر تستحق بعد ثورتين، وكفاح سنوات طويلة، وتضحيات جمة، أن تكون الانتخابات الرئاسية فيها ترجمة عملية لسعى الملايين لامتلاك ناصية المستقبل بثقة وثبات، ووجود منافسين أقوياء للرئيس ضمانة لتدعيم مركزه، وليس بالخصم منه، فالرئيس المنتخب بسبعين فى المائة من بين منافسين حقيقيين ربما يكون قراره أكثر مصداقية، من رئيس جرى الاستفتاء عليه بـ99.9 %، على غرار ما كان الوضع فى عهد المخلوع مبارك.