أن يعتنق أى شخص فكر جماعة الإخوان، فهذا ليس مبررا لكى يتم سجنه. اعتناق أى فكر ليس جريمة، طالما أنها لم تقترن بأى تحركات وأفعال على الأرض تخالف القانون.
ولذلك فإن أى شخص يعتنق فكر الإخوان، وتم سجنه دون أن يخالف القانون ينبغى أن يتم إطلاق سراحه فورا.
قد يسأل البعض: وما مناسبة هذا الكلام؟
السبب ببساطة أن بعض أعضاء اللجنة الرئاسية التى تبحث إطلاق سراح بعض المسجونين قالوا وكرروا أكثر من مرة إنه لن يتم إطلاق سراح أى إخوانى، فقط لأنه إخوانى.
يفترض أن كل من يعرفنى أو قرأ لى منذ سنوات، يعرف موقفى المختلف تماما مع جماعة الإخوان وأفكارهم ومناهجها وطرقها وسياساتها، لكن هذا شىء، والدفاع عن المبادئ شىء آخر.
لو أن الحكومات والسلطات تحاسب الناس وتسجنهم، على ما يعتنقونه من أفكار متطرفة فسوف تضع ربع أو خمس العالم فى السجون.
حتى أيام قليلة مضت كان الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب يطلق تصريحات عنصرية ولو حوسب هو وأنصاره على هذه الأفكار المتطرفة، لوجب سجنه، لكنه صار الرئيس المنتخب.
فى معظم بلدان أوروبا هناك حركات ومنظمات يمين فاشى عنصرى متطرف، يمكنهم أن يعلنوا عن أفكارهم التى تتناقض مع معظم الأفكار الأوروبية التقليدية المؤيدة للحرية والتعددية والمناهضة للعنصرية والتطرف، ولكن لا يتم وضعهم فى السجون، هم يعبرون عن أنفسهم بكل حرية، ومن يتجاوز منهم يتم محاسبته بالقانون.
لدينا فى بلدان كثيرة ليس فقط معارضون متشددون، لكن لدينا ملاحدة وكافرون بوجود الله سبحاته وتعالى فهل نسجن هؤلاء أيضا؟
القرآن الكريم يقول: «لكم دينكم ولى دين»، ويقول أيضا: «ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، وبالتالى وإذا كان رب البشرية بأكملها قد حسم هذه القضية حتى يوم القيامية.. فهل نغيرها نحن الآن؟
من حق أى شخص أن يؤمن بفكر جماعة الإخوان ــ الذى أراه وهو غالبية الأفكار الدينية متطرفا وسببا رئيسيا فى جزء كبير من تخلفنا ــ لكن ليس من حق هذا الشخص أن ينزل إلى الشارع ويدعو لهذا الفكر، لأنه فى هذه الحالة يخالف القانون، الذى يعتبر جماعة الإخوان إرهابية وغير شرعية.
يحق لأى مواطن أن يؤمن بفكر الإخوان، طالما أنه لا يمارس ذلك على أرض الواقع، أى لا يكون حركيا أو تنظيميا، نحن لا نستطيع أن نمنع الناس من الإيمان بأى شىء، فإذا كنا نعجز عن إقناع الناس ألا يكفروا بالله ويصبحوا ملحدين، فهل نجبرهم على عدم الإيمان بجماعة انضموا إليها منذ عشرات السنين؟
أفضل شىء تفعله الحكومة وأجهزتها فى الأيام المقبلة أن تفرج عن أى مسجون يثبت أنه برىء بغض النظر إذا كان يؤمن بفكر الإخوان أو غيرهم.
خروج أى إخوانى برىء من السجن يعنى إطفاء حريق ملتهب فى مكان ما ونزع فتيل قنبلة موقوتة ستنفجر فى أى لحظة.
ما الذى يمنع من إطلاق سراح إخوانى برىء، ليمارس حياته الطبيعية، وفى اللحظة التى يتم ضبطه يمارس أى عمل تنظيمى فى إطار الجماعة، التى صارت محظورة وإرهابية يحق القبض عليه وسجنه من جديد.
إطلاق سراح أى إخوان برىء سيصب فى النهاية فى صالح الحكومة وأجهزة الأمن، لأنه ــ أغلب الظن ــ سوف يخرج من السجن ليركز على حياته الخاصة وحياة أهله وأقاربه. وبالتالى سيخفف من الاحتقان الشديد الموجود فى المجتمع.
أعلم الظروف والمناخ والحالة التى تدفع بعض الزملاء فى لجنة العفو الرئاسية لإطلاق تصريحات متشددة تقول: إنه لن يتم إطلاق سراح أى إخوانى لمجرد أنه إخوانى. هى تصريحات لتهدئة بعض الرأى العام الثائر، وبعض الجهات التى ترى فى إطلاق سراح أى مسجون خطرا يهدد الأمن القومى.
لو أن معيار السجن الوحيد هو الانتماء للإخوان، بغض النظر إذا كان هذا المسجون مدانا أو ارتكب بعض الجرائم وخالف القوانين، ففى هذه الحالة نسأل الزملاء فى اللجنة: هل سنلقى القبض على أى إخوانى خارج السجن لمجرد أنهم إخوان؟
مرة أخرى وهل عندما كان الإخوان فى الحكم كان يحق لهم اعتقال أى شخص ينتمى لنظام مبارك بغض النظر إذا كان بريئا أم لا؟ لو كنت مكان الحكومة وأجهزتها لأطلقت سراح كل من يتم التأكد أنه برىء بل كل من ارتكب جرائم بسيطة وخفيفة، بل أطلق سراح الجميع ما عدا من قتل أو خرب أو دمر أو تظاهر بالمولوتوف.