اطلبوا العلم فى الصين
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 22 ديسمبر 2018 - 11:30 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب محمد عارف ويتناول فيه اهتمام الصين الكبير بالبحث العلمى وتطورها التكنولوجى الهائل وجاء فيه:
هكذا هى الصين وعلومها يصح فيها القول المنسوب للرسول (صلّى الله عليه وسلّم): «اطلبوا العلم ولو فى الصين»، فما إن تتأخر يوما عن متابعتها حتى تجدها قد تغيّرَت. فى العام الماضى بلغ عدد أوراق البحث الصينى فى العلوم والتكنولوجيا 426 ألف ورقة، مقابل 409 آلاف ورقة أمريكية، حسب معطيات «مجلس العلوم القومى فى الولايات المتحدة»، التى تذكر أن «زخم هذا التغير يجعل الصين تتخطّى الولايات المتحدة بسرعة خارقة، حيث ضاعفت بحوثها فى العلوم والهندسة خمسة أضعاف، ما بين عامى 2003 و2016». وفى الابتكارات التكنولوجية تتحرك الصين، مثل كائنها الخرافى المارد «التنين». ففى عام 2012 بلغت نسبة إنفاقها على البحث والتطوير 34% من إنفاق أمريكا، وقفزت النسبة عام 2016 إلى 88%، والمتوقع أن تفوقها عاجلا. فموازنتها فى البحوث العلمية الأساسية عام 2016 أكثر من 14 مليار دولار، وهى أعلى بنسبة 19% مقارنة بعام 2015. وعند حساب عدد الباحثين الفعليين تأتى الصين فى المرتبة الثانية بعد أوروبا، فيما أمريكا فى المرتبة الثالثة. وتُقلقُ أوروبا سرعة نمو عدد باحثى الصين، خصوصا فى الابتكارات، وهى تدرك أن احتلالها المركز القيادى حاليا يتدهور بسرعة فائقة جدا، لأن مؤشرات تحسن الأداء الصينى تفوق سرعتها بسبعة أضعاف سرعة المؤشرات الأوروبية.
«وقد يعنى حجم أوراق البحث العلمى، مع تدهور عدد الطلاب الأجانب فى أمريكا، بداية نهاية القرن الأمريكي». ذكر ذلك «ريتشارد شروك»، الأستاذ فى جامعة «كنساس» الأمريكية، والذى يتابع «كيف تنفق أمريكا مبالغ ضخمة على السلاح، وتفعل الصين العكس». وحذر علماءٌ أمريكيون عدة من «اندلاق سياسة الحرب التجارية التى يشنها ترامب على العلوم، فيما تتحول الصين الطَّموحُ من اقتصاد التصنيع إلى الابتكار، وتتوجه نحو شركاء متعاونين، مثل إسرائيل، وروسيا، وبلدان الوحدة الأوروبية، وكندا وأستراليا». ورغم التزاحم الشديد على مكانة عليا فى «جدول الابتكارات العالمي»، والذى يضم 126 دولة، فقد قفزت الصين من المرتبة 29 فى عام 2015 إلى المرتبة 17 فى عام 2018.
«وستنجح الصين فى بناء صناعة تكنولوجية تمكنها من منافسة الولايات المتحدة حتى ولو شرع ترامب فى الحرب التجارية لوقفها». ذكرت ذلك «نيويورك تايمز» فى تقرير مسهب عن مدينة «دونغاون» التى كانت تعتبر «بحرا عظيما من القوة البشرية، لكن بسبب تضاعف أجور العاملين، وقلة اهتمام العمال الشباب بعمل المصانع، احتلتها صفوف من روبوتات طنانة يقوم كل واحد منها بدور 15عاملا». وهنا تتحقق خطة «صنع فى الصين عام 2025»، والتى تمثل طموح الصين لإعادة تجهيز صناعاتها للتنافس فى ميادين مهمة، مثل الأتمتة، ورقائق الكمبيوتر، والسيارات ذاتية القيادة. وهذه ليست أهداف تروّج لها قيادة «الحزب الشيوعى الصيني»، بل «سياسة يجرى التحرك فيها من الأسفل للأعلى، من عالم الأعمال والمدن عبر الصين، التى تدرك أن عليها أن تتطور أو تندثر».
وفى سبعينيات القرن الماضى كان الزعيم الصينى «دينج شياو بينج» يدعو إلى أن يصبح للصين ألف باحث موهوب، وشرع بإرسال مئات المبتعثين للدراسة فى الجامعات الأمريكية. آنذاك «كانت مصر بالمقارنة أحسن حالا من الهند والصين»، حسب الأكاديمى «أنطون زحلان» فى كتابه «العلم والسياسة العلمية فى العالم العربي». ويتطلع العرب اليوم إلى نصيب يأتيهم به خبراؤهم من الصين، وباللغة الصينية. وقد بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنشاء «مركز الشيخ زايد للغة العربية والدراسات الإسلامية» فى «جامعة بكين للدراسات الخارجية»، وفى أبوظبى أقيمت «كلية تدريس اللغة الصينية» عام 2010، و«معهد كونفشيوس» فى «جامعة دبي»، وكان الأول من نوعه فى المنطقة. و«أينما تذهب اذهب بقلبك كله»، حسب «كونفشيوس»، وهذه حكمة أول رحلة قام بها الرئيس الصينى «شى جين بينج» إلى المنطقة عقب إعادة انتخابه فى مارس الماضى، وقد استهلّها بزيارة دولة الإمارات.