..وقال المؤتمر كلمته
يحيى قلاش
آخر تحديث:
الأحد 22 ديسمبر 2024 - 6:55 م
بتوقيت القاهرة
«هذه هى روح الجمعية العمومية للصحفيين التى تجلت فى تجمعها الملفت بالمؤتمر العام السادس الذى دعا إليه مجلس نقابة الصحفيين». هذه هى التركيبة الخاصة جدا لعقل جمعى يتغذى من معين لا ينضب، فيه كثير من الخبرات والتقاليد المتراكمة والممتدة. وهذا هو جيل جديد يطل، يُسمعنا صوته ويشرح لنا واقعه وأوجاعه وإصراره على حفر مجرى يذهب به إلى مستقبل يعبر عن أحلامه. جاءت دعوة المؤتمر وسط أجواء يأس وإحباط وإشارات حول توقيته، وكأن اقتراب الانتخابات يجعل منها مأخذا وهى الآلية التى تم إقرارها لتكون حافزا للتقييم والمحاسبة.
ولم يشكك أحد من جيلى فى نوايا النقيب مكرم محمد أحمد الذى كثيرا ما اختلفنا معه عندما دعا لمؤتمر عام فى يناير ١٩٩١ قبيل فتح باب الترشيح لانتخابات تجديد فترته الثانية بأسابيع قليلة، بل استغرقتنا المهمة وما كنا نسعى إلى تحقيقه من خلال المشاركة فى أعمال هذا المؤتمر المهم، والذى شاركت قامات صحفية كبيرة فى أعماله.
نعم اتفقنا واختلفنا حول جدوى المؤتمر الأخير قبل انعقاده وكنت وما زلت أرى أن مجرد أن نلتقى ونتحاور هو هدف فى حد ذاته ولا يحتاج منا الاحتياط والتحوط وتوفير الشروط والضمانات. ثم طرحنا السؤال المشروع .. بعد انتهاء «المكلمة» أو فى قول آخر بعد خروج التوصيات ماذا سنفعل بها؟!!
وكأن السلطات التنفيذية والتشريعية قد دانت لنا، وأصبحنا لها آمرين رغم أن الثابت من تاريخنا النقابى يؤكد أن أجيالا وراء أخرى كابدت حتى تترك لنا ما نفخر به ونعتز.. لذلك نقدر ولا نحاسب هؤلاء الأجداد الذين أضناهم الشوق لنحو ٥٠ عاما حتى لامسوا حلمهم فى إنشاء كيانهم النقابى، كما أننا ظللنا عاما كاملا فى جمعية عمومية مفتوحة حتى نسقط قانونا جائرا، ونحن الذين لم نسخر ممن علمونا أن معارك الديمقراطية والحقوق فى أوطاننا ما زالت معارك النفس الطويل التى تُكسب بالنقاط، وها نحن مدعوون مع مجلس النقابة أن نستكمل مهمة السعى لتنفيذ ما توصلنا إليه، خاصة ما كشفه الاستبيان من حقائق رغم معايشتنا لها لكنها بدت صادمة وموجعة ومرعبة، مهمتنا من وجهة نظرى بدأت، وجدول أعمالنا أصبح معلنا فى كتاب مفتوح وهى مهمة معلقة فى رقبة كل منا وليست على طريقة «هاتوا لى حبيبى» التى كان يمازحنا بها نقيب النقباء كامل زهيرى عندما يجد أى منا متقاعسا أو متواكلا فى حق نقابى. ولكن لا يقلل كل ذلك من قيمة الاختلاف بين شركاء فى نقابة رأى أو من وجهة نظر تصوب هنا أو تصحح هناك. المهم الآن أنه عندما دارت عجلة المؤتمر والتقت وجوه الزميلات والزملاء والأبناء من كل الأجيال والأعمار مبتسمة متهللة يحدوهم الأمل ويسبقهم الحماس مشاركين فى الحوار بمختلف الجلسات حول الهموم ويحاولون محاولة جادة فتح أفق جديد ينتصر فيه المستقبل قلت فى نفسى الحمد لله. فهذا المؤتمر الذى استهلك البعض وقتا فى شرح تفاصيل لجانه، وجدول أعماله، وإبداء الملاحظات حول من تمت دعوتهم ومن لم تتم، لخص نفسه فى عبارات محددة أكد عليها الكل فى نفس واحد وفى جلسات تُعقد فى قاعات متباعدة وتحمل عناوين مختلفة - أنه لا أفق بدون حرية، ولا مهنة بدون حياة كريمة، ولا صحافة إلا بأدوات العصر حتى نستعيد بالمصداقية ثقة مواطن انصرف وأعطى لنا ظهره، لأنه فى النهاية هو المبتدأ والخبر. نجاح المؤتمر اللافت فى جلستى الافتتاح والختام والإقبال الكثيف على المشاركة فى جلساته التى امتدت على مدى يومين يبعث على الأمل، وبرسالة فيها من الشجن كما فيها من الشجاعة والإصرار على تغيير الحال الذى أصبح من المحال السكوت عليه، والأهم أننا كسبنا كوادر تحظى بالاحترام والتقدير والحيوية بدأت باختيار موفق لشخص الأمين العام الصديق والزميل العزيز الدكتور وحيد عبدالمجيد والزملاء الأعزاء أعضاء الأمانة العامة، ولفيف من الشباب الذين بعثوا الحياة والحيوية وأعطوا فى صمت وسطروا بحب وتفان كثيرا من ملامح هذا النجاح، وكتبوا شهادة ميلاد جيل جديد أصبحت النقابة جزءا من وجدانه، ولا ينتظر أن يشكره أحد أو يشيد به أصحاب المقالات المؤيدة أو الناقدة!
انتهى المؤتمر وأفصح عن رسائله، لكن هل تصل إلى كل معنى بالأمر، وهل يفهم كل مهتم محتواها فى هذا التوقيت الفارق. نحن نسعى، وسيستمر سعينا ما استطعنا، وكما قال سقراط تكلم حتى أراك وقد قال المؤتمر كلمته فهل يراها كل مبصر!!