أردوغان يغرد خارج السرب
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 23 مارس 2014 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
كنا نلوم محمد مرسى وجماعة الإخوان أنهم لم يتعلموا من رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية، ثم استيقظنا الآن على كابوس أن أردوغان هو الذى تعلم من تجربة مرسى، أسوأ ما فيها.
زرت أنقرة أواخر عام 2012 وشاهدته يخطب لساعات فى اعضاء حزبه بحضور ممثلى الإسلام السياسى بالمنطقة. كنت معجبا بإنجازات حزبه بل وبشخصه الذى حقق لبلاده إنجازات حقيقية فى عشر سنوات.
ما الذى حدث لأردوغان منذ سقوط الإخوان فى 30 يونيو الماضى؟!.
الزعيم التركى كان ملء السمع والبصر، وكان نموذجا ملهما لكل الإسلاميين فى العالم، بل ولأولئك الباحثين عن النموذج الذى يصالح الإسلاميين على الديمقراطية. وعندما زار مصر بعد الثورة صدم الإسلاميين عندما قال إنه علمانى، ثم اكتشفنا أنه كان يمارس أسلوب «التقية» لأنه عمليا يطرح نفسه زعيما للإسلام السياسى فى العالم او الرجل الذى سيعيد مجد الخلافة.
أردوغان شن الهجوم الأبشع ضد ثورة 30 يونيو المصرية وكل من شارك فيها من تيارات سياسية.
فعل كل ذلك معتبرا ما حدث محض انقلاب. من حقه ان يعتقد فيما يشاء، لكنه ومنذ تفجر الأزمة الطاحنة بينه وبين جماعة عبدالله جولن ثم داخل حزبه نفسه، رأيناه ينقلب على كل ما يرفعه من شعارات ديمقراطية وإيمان بحرية التعبير وآخرها قرار إغلاق موقع تويتر للتغريدات القصيرة.
المأساة ان كل ما انتقده أردوغان بحق الآخرين ومنها ما حدث فى مصر فعله وربما بطريقة أسوأ.
هاجم تدخل القضاء فى الحياة السياسية المصرية، ثم فوجئنا به يتخذ قرارات إدارية تجعل حزبه يتدخل فى صميم أعمالهم.
هاجم الشرطة المصرية بحجة انها تقمع الإسلاميين الديمقراطيين، ثم رأيناه يغير تماما قواعد عمل تعيين كبار الضباط ليقيد من حركتهم فى ملاحقات الفساد داخل حزبه.
ما فعله أردوغان فى القضاء والشرطة، وقبل ذلك فى الجيش هو انقلاب كامل الأركان لكن مع فارق بسيط هو عدم تحرك الدبابات فى الشوارع.
أردوغان فعل ما لم يستطع الإخوان ان يفعلوه أو لم يلحقوا ان يفعلوه وهو تأميم الجيش عبر سياسة بطيئة جدا لتغيير بنيته من جيش كمالى اتاتوركى علمانى إلى جيش محايد تمهيدا ربما لتغيير عقيدته القتالية. هل ينجح فى ذلك أم لا؟! سؤال يحتاج وقتا للإجابة عليه.
عندما اعتقد أردوغان انه آمن خطر الجيش استدار إلى بقية المؤسسات، وكاد ينجح لولا صدامه الأكبر مع رفيقه القديم فتح الله جولن.
كنا نعتقد أيضا ان أردوغان مثال عملى للنزاهة والشرف ثم فوجئنا بفضائح الفساد المالى ليس فقط داخل حزبه، لكن داخل بيته، بعدما ترددت معلومات قوية، وتسجيلات مسربة عن تورط ابنه فى وقائع فساد.
أردوغان لم يتعظ حتى من درس حسنى مبارك حينما قطع إشارة البث عن الاتصالات أثناء ثورة يناير. ورأينا الرجل يغلق تويتر بحكم قضائى أو إدارى ما دفع البعض للقول انه يغرد سلبا ليس فقط خارج تويتر ولكن خارج سرب حزبه وحكومته ورفاق دربه بمن فيهم صديقه الرئيس عبدالله جول. كثيرون اعتبروا ان ما فعله هو انقلاب رقمى يمهد للانقلاب الأكبر.
سؤال فرعى قبل الختام: كيف ينظر الإخوان والمتعاطفون معهم إلى ما فعله ويفعله أردوغان؟!.
لو أدانوا الرجل سنصدق فعلا انهم ديمقراطيون، ولو دافعوا عنه وبرروا له فعليهم ان يتوقفوا عن اسطوانة الانقلاب والديمقراطية.