الموضوع السورى ومؤتمر القمة العربى القادم
علي محمد فخرو
آخر تحديث:
الأربعاء 23 مارس 2022 - 8:50 م
بتوقيت القاهرة
مهما كان الاختلاف السياسى مع نظام الحكم فى الجمهورية العربية السورية فإن من الحكمة والواجب القومى الترحيب بالتطور الجديد المفرح فى علاقة سوريا بدولة اتحاد الإمارات العربية. موضوع المقاطعة والإبعاد ما عاد قابلا للتبريرات العبثية والمحاجات الصراعية القطرية التى يقدمها البعض كسبب لإبعاد هذا القطر أو ذاك عن الجامعة العربية أو المجالس الجهوية من مثل مجلس الاتحاد المغاربى أو مجلس التعاون الخليجى.
المبرر الوحيد المقبول هو التعاون والتآمر مع عدو من أعداء الأمة العربية ضد المصالح والثوابت القومية العليا أو ضد المصالح المشروعة لقطر عربى آخر. ما عدا ذلك فهو لا يعدو أن يكون خلافا فى وجهات نظر، أو سوء فهم سياسى يتكرر، أو تجاوز خط أحمر اتفقت أقطار الأمة العربية على تحريم تجاوزه من قبل أية جهة عربية كانت.
لقد ملت، إلى حدود الغثيان، شعوب الأمة العربية الاستماع إلى الملاسنات والفحش فى القول فيما بين أنظمة الحكم العربية، أو مفاجأتها بأخبار استدعاء سفراء أو قطع علاقات يؤدى فى الغالب إلى تسميم أجواء العمل القومى المشترك، أو إرباك العلاقات العربية مع هذه الجهة الدولية أو تلك. وما أن ينجلى الغبار وتعرف الحقائق حتى يتبين بأن الأسباب كانت واهية، أو شخصية فيما بين هذا المسئول الكبير أو ذاك، أو بإيحاء من هذه الجهة الأجنبية أو تلك، وعلى الأخص من الجهات الخبيثة الراغبة فى إبقاء هذه الأمة مجزأة متباعدة متصارعة ليسهل إبقاؤها خارج العصر إلى الأبد.
والواقع أن هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد وجدت وتكررت وأربكت منذ استقلال وقيام الدول القطرية الوطنية العربية الحديثة. ويعرف القاصى والدانى مقدار الدمار الذى عانته هذه الأمة بسبب خيانة هذا النظام أو ذاك لالتزاماته القومية، أو حتى وصول الأمر إلى التآمر العبثى المجنون ضد هذه الخطوة الوحدوية أو تلك، كما حصل بالنسبة لتدمير قيام الجمهورية العربية المتحدة كاتحاد فيما بين مصر وسوريا، والذى كان مرشحا لإيقاف التدهور والاستغلال الاستعمارى فى الحياة العربية كلها، من المحيط إلى الخليج.
ما يجعل هذا الموضوع بالغ الحساسية والخطورة هو تجرؤ حتى الدول الإقليمية فى الدخول فى لعبة الشد والجذب فيما بين الأقطار العربية، بعد أن كان هذا الميدان حكرا على الدول الاستعمارية الكبرى.
نقولها رسالة إلى رؤساء الدول العربية الذين سيحضرون مؤتمر القمة العربى القادم بأنهم يجب أن يضعوا على جدول أعمالهم هذا البند المفصلى الهام ويكونوا لجنة من مفكرين وأخصائيين ونشطين فى الحياة السياسية العربية، بالإضافة إلى شخصيات رسمية مشهود لها بالحكمة والتوازن والنضج النفسى، لتتدارس هذا الأمر وتقدم لهم مقترحات تحدد الالتزامات القومية، والخطوط الحمر، ونوع القرارات المرفوضة مبدئيا وقوميا، والتعديلات الضرورية فى أنظمة الجامعة العربية لجعلها قادرة على المبادرات والرقابة القومية الفاعلة المانعة لانتشار العبث والتصرفات الحمقاء.
ومن أجل إثبات الجدية يجب أن تحضر أقطار من مثل سوريا واليمن وليبيا مؤتمر القمة، ويجب أن لا يغيب رئيس دولة إلا لأسباب اضطرارية موجبة، ويجب أن تمتد الاجتماعات حسب الحاجة لإنضاج القرارات.
فى اللحظة الحاضرة لا يوجد موضوع أهم، ولا يوجد خطر أكبر من التمزق المرعب الذى تعيشه هذه الأمة وتحترق بنيرانه الشعوب، وإلا فيا شباب وشابات هذه الأمة تصرفوا كأبطال رفض وتصحيح، وسترعاكم المباركة الإلهية.
مفكر عربى من البحرين