رسائل السيسى الأولى
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 23 يونيو 2014 - 8:05 ص
بتوقيت القاهرة
كانت دعوة الحكومة لحلف اليمين فى السابعة صباحا، هى الرسالة الأولى التى أطلقها الرئيس السيسى لمعاونيه: لاوقت لنضيعه.
الرسالة بلغت الوزراء كما بلغت الناس، وهى ترجمة حرفية لما أعلنه السيسى مرارا خلال حملته الانتخابية.
بدأ بنفسه، يذهب إلى مكتبه بالاتحادية فى الخامسة فجرا، ولايغادره قبل التاسعة مساء.
تكليفاته للوزراء حملت المضامين ذاتها، الأمن على رأس الأولويات، ليس محاربة الإرهاب والأمن السياسى فحسب، الأمن الجنائى أيضا، والذين تابعوا عمليات مداهمة البؤر الإجرامية فى عدة محافظات خلال الأيام الماضية، والتى سقط فيها شهداء من ضباط وجنود الشرطة يمكنهم أن يلحظوا هذا التوجه بسهولة، وأشير هنا للحملات الأمنية التى تقوم بها مديرية أمن القليوبية فى منطقة الجعافرة، وتمكنت قوات الشرطة خلالها من إلقاء القبض على عدد كبير من المطلوبين والمسجلين خطر، وجمع كميات كبيرة من الأسلحة والبنادق الآلية.
ولمن لايعرف، فقد كان الاقتراب من الجعافرة محظورا على رجال الشرطة، وكانت الخسائر التى تتكبدها الحملات الأمنية عليها فادحة، اليوم تجرى عمليات تمشيط يومية لمثلث الرعب وماحوله، وهو مشهد يتكرر فى محافظات عدة، ويعنى بوضوح أن الأمن يتعافى، وأنه يمارس مهمته الأصلية دفاعا عن أمن الوطن والمواطن بالدرجة الأولى.
يتصل بمسألة الأمن أيضا، حملات إزالة إشغالات الطرق والاعتداءات على الأرض الزراعية وأملاك الدولة، والتى زادت بوتيرة متسارعة منذ ثورة يناير، وهى إجراءات تقدم عدة إشارات فى وقت واحد، أولاها أن استعادة هيبة الدولة لايمكن أن تتحقق فى غياب القانون، وأن احترام القانون ملزم للكبير والصغير، ونحن نعرف أن التعدى على أراضى الدولة ومخالفات البناء ستضع الدولة فى مواجهة مع حيتان كبار ومسئولين تنفيذيين فى الأحياء، لكن كلاهما، إزالة الإشغالات والتعديات، يمثلان اختبارا مهما لدولة تحاول استعادة عافيتها بعد ثلاث سنوات من التيه. وزراء الحكومة الجديدة خصوصا فى القطاعات الخدمية فهموا الرسالة ونزلوا إلى الميادين ومواقع العمل على الفور، وهى أيضا إشارة رمزية دالة لمعاونيهم: التحموا بالناس ولاتتعالوا عليهم.
غاية ما أتمناه أن تتواصل هذه الحالة وأن تعم أقاليم مصر جميعها، فمصر ليست القاهرة فقط، والتحام المسئولين فى المحافظات بالناس لايسهم فقط فى حل المشكلات أولا بأول، وإنما يقدم النموذج والقدوة لشعب يحتاج إليها الآن أكثر من أى وقت مضى.
تكليفات السيسى للوزراء بدورها قدمت لنا إجابة على توجهاته وانحيازاته الاجتماعية، وجميعها تصب فى صالح الطبقات الوسطى والفقيرة، وأظن أن الإجراءات فى هذا الإطار ستمضى بوتيرة متسارعة ولكن هادئة، دون صدام كبير مع المستثمرين ورجال الأعمال يتوقعه ــ أو يتمناه ــ البعض.
رسالتان أخريان قدمهما السيسى بنفسه، أولاهما ماراثون الدراجات الذى شارك فيه شباب وممثلون وفنانون وإعلاميون، وقطع نحو عشرين كيلومترا فى شوارع القاهرة، وهى تقول بوضوح إن الحاكم الجديد ليس مستبدا ولايحب أن يكون، هو يأتنس بشعبه ويشاركه نشاطا يحبه.
وثانيتهما زيارته للفتاة ضحية التحرش فى ميدان التحرير، واعتذاره وإهداؤه باقة ورد لها.
وهى تؤكد أيضا أنه لايجنح إلى «الفرعنة»، فالفرعون لايعتذر، كما أنها تعكس انحيازه لقيم الشعب المصرى الأصيلة، مسلميه ومسيحييه.
تفاءلوا.. بإذن الله مصر على الطريق.