رمضان فوق البركان.. المدينة والفيلم
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 23 أغسطس 2024 - 6:20 م
بتوقيت القاهرة
وضعت السينما المصرية أغلب نجومها الذين لمعوا فى الثمانينيات فى إطار متكرر، ضيق للغاية، وهى أنهم فقراء يعيشون على هامش المجتمع، تأتيهم الثروات فجأة وبسهولة شديدة، فيصبحون من الأغنياء ويكون أول ما يفعلونه هو الخروج عن القانون وممارسة الموبقات، حدث هذا فى أفلام نادية الجندى وعادل إمام وآخرين، وكان الخطاب السهل الذى تقدمه السينما هو اخطف واجرِ تعِشْ سعيدا، وفى الأفلام التى قدمها المنتج والمؤلف سمير عبد العظيم للنجم عادل إمام خير دليل على هذا الأمر، وقد جاءت مرحلة التعاون الإذاعى ثم السينمائى بين سمير عبدالعظيم وعادل إمام فى الثمانينيات بشكل مختلف تماما، حيث جاءت مرحلة عمل فاتن حمامة وشادية معه فى مسلسلات ميلودرامية فاقعة للغاية مثل «أفواه وأرانب» ثم تحولت هذه الأعمال الى أفلام، وفى الثمانينيات ابتعدت فاتن عن سمير عبدالعظيم، الذى انفرد بعادل إمام وأنتج له أفلاما حول الموظف المصرى الفقير الذى تأتيه فرصة الحصول على ميراث ضخم دون وجه حق فى فيلم «شعبان تحت الصفر»، ثم يقوم موظف حكومة بإخفاء ما لديه من عهدة وتسليم نفسه للشرطة ليقضى فترة عقوبة كى يهنأ بما أخفاه عقب خروجه من السجن فى فيلم «رمضان فوق البركان»، فى تلك الفترة كانت السينما تخاطب الجمهور الأعظم من المصرين، وهم الفقراء جدا أصحاب الدخول المنخفضة وكأنها تبعث لهم برسالة أن اختلسوا وعيشوا حياتكم، وقد ظل عادل إمام على هذا الحال حتى بدأ العمل فى أفلام كتبها وحيد حامد وأخرجها شريف عرفة، ليتغير شكل البطل وهدفه، ولكنه سيبقى دوما الفقير الى الله الذى يعتمد على الحكومة فى كل ما يفعله.
كان عادل أمام يمتلك موهبة وحضورا تجعله مقبولا فى كل أدواره، ويذهب الناس لمشاهدته فى كل أفلامه، وفى الألفية الجديدة صارعادل إمام يجسد أدوار رجل الأمن أو رجل الأعمال فتغيرت صورته أمام جمهوره وكان دائما حاضرا يختار أفلامه بذكاء شديد.
صار عادل أمام هوالنجم المعصوم من النقد يعرف متى يقوم بدور الشرير الذى يتوب ويعود عن المعصية، كما أنه العاشق المغرم بالمرأة الجميلة، شديد الحيوية، بما يعنى أن عادل كان هو النجم المرن الذى تتغير تشكيلاته من فيلم الى آخر ومن مرحلة الى مرحلة، وكى نعرف المكانة التى وصل إليها يمكننا مشاهدة فيلم «المشبوه» المأخوذ عن الفيلم الأمريكى «كان لصا»، الذى عرض فى قاعات العرض أمام فيلم آخر مأخوذ عن الفيلم الأمريكى نفسه بطولة محمود ياسين وناهد شريف باسم «اللصوص» إخراج تيسير عبود، وزيادة فى التأمل فإن فيلم عادل أمام وسعاد حسنى إخراج سمير سيف كان مكتظا بالمشاهدين أما الفيلم الاخر فقد كانت الصالة فيه خاوية جدا، بما يعنى ان عادل امام هوالأصل، كما بدا الأمر نفسه فى فيلم «المحفظة معايا» الذى انتجت السينما المصرية جزءا اخر للفيلم بعنوان «أجراس الخطر» بطولة نور الشريف ونورا، إذن فقد كانت روح الشخصية فى الفيلم الأول مليئة بالحيوية والحياة ولعل المشاهدين لا يعرفون أبدا أن هناك فيلما بهذا الاسم «أجراس الخطر»، كم من أعمال مشابهة إذا قام عادل إمام ببطولتها امتلأت بالألق وإذا قام نجم كبير آخر ببطولتها فى أى صورة رأينا العمل المقابل قد خلا من كل جاذبية كما أن الأمر نفسه وصل الى أحمد زكى الذى كان يتمتع بوهج يخصه هو فى الأعمال التى يتم اقتباسها وتسند إليه بطولتها.