فحص المواطنين أمنيا على المقاهى!!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 25 أبريل 2016 - 7:00 ص
بتوقيت القاهرة
هناك مشكلة كبيرة فى طريقة تعامل الحكومة ووزارة الداخلية وسائر أجهزتها مع المظاهرات التى دعا إليها بعض النشطاء، اليوم الاثنين، احتجاجا على الاتفاق الذى أعطت بموجبه مصر جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية.
هذه المشكلة يمكن اختزالها فى عنوان عريض اسمه «العشوائية» أو غياب الرؤية.
حينما تقتحم قوات الأمن أحد المقاهى فى منطقة وسط البلد وتقبض عشوائيا على الموجودين فيه، ثم تفرج عن معظمهم لاحقا، فمعنى ذلك أن هناك انعداما لأبسط أبجديات وقواعد الأمن المفترض توافرها فى مثل هذه الحالات.
عرفت من شخص كان يتردد على هذا المقهى بصفة منتظمة أنه كان موجودا فى هذه الليلة على المقهى، ثم غادره فجأة ليقوم بتوصيل بنات أخته الصغيرات إلى المنزل، وبالتالى أفلت من الوقوع فى فخ الاعتقال. يقول هذا الشاب إن معظم من تم القبض عليهم ليلتها لا صلة لهم بالسياسة من قريب أو بعيد، وبعضهم اعتزل السياسة يأسا بعد أسابيع قليلة من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ولم يعودوا مكترثين لتطورات السياسة وهو أمر لو تعلمون عظيم.
الحمد لله أن غالبية من تم القبض عليهم قد تم إطلاق سراحهم، لكن المشكلة أن كل من أمر أو أقر هذا الأسلوب وتلك الطريقة فى مداهمة المقاهى، لم يفكر فى الخسائر الرهيبة للحملة أو التجريدة الأمنية.
أغلب الظن أن الشرطة تعتقد أنها «خوفت الناس أو بعضهم على الأقل من النزول فى المظاهرات المتوقعة اليوم، وقد يكون ذلك صحيحا، لكن المشكلة أن الخسائر الأخرى جسيمة. قد لا ينزل كثير من الناس للتظاهر اليوم، لكن الدولة والحكومة خسرت عشرات وربما مئات الشباب البرىء ومعهم أسرهم وأصحابهم، والأهم زادت السمعة السيئة لأجهزة الحكومة خصوصا الأمنية.
لاحظوا أننا مازلنا نتحدث فى الشكل وليس المضمون ليس فى هذه القضية فقط، بل فى قضايا أخرى مهمة كثيرة فى الأسابيع الأخيرة.
لا أحد يعترض على أن تقوم الحكومة بالقبض على أى مواطن ارتكب مخالفة، أو ثبتت عليه دلائل جدية على نيته ارتكاب جريمة. لكن أن تدخل مقهى وتلقى القبض عشوائيا على بعض النزلاء فهذا لا معنى له إلا أن هناك عشوائية فى كل شىء، وأن هناك احتمالا أخطر أنك تمسك بالشخص الخطأ، وتترك المجرمين الحقيقيين طلقاء لأنهم أغلب الظن لن يجلسوا على المقهى فى وسط البلد يشربون الشاى ويدخنون الشيشة التفاح ويأكلون ساندوتشات الكبده الإسكندرانى!.
ما لا تدركه وزارة الداخلية أن غالبية شباب هذا الجيل لم يعد مثل سابقيه، هو كسر كل التابوهات أو المحرمات من أول تابوه أسرته إلى تابوه سلطة الدولة وما بينهما من سلطات وتابوهات. أرجو أن تسأل بعض أجهزة وزارة الداخلية وكل من يهمه الأمر نفسها سؤالا بريئا:
ما الذى استفادته الحكومة حينما اقتحمت بعض المقاهى وألقت القبض على العشرات ثم أطلقت سراحهم بعد أن قالت إنه تم فحصهم أمنيا خلال وجودهم فى البوكسات أو الميكرباصات البيضاء؟!!.. ألم يكن ممكنا «فحصهم» بأى طريقة أخرى غير هذا الأسلوب العجيب والكارثى؟.
نسأل الله أن يمر اليوم على خير وألا يقع أى مكروه يتلقفه المتربصون بمصر وأهلها، وندخل فى نفق قد لا نعرف طريقة الخروج منه سريعا.
كل يوم تزداد قناعتى أن انعدام الكفاءة صار مرضا قوميا. اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه!!.