هل يمكن أن نكتفى ذاتيًّا من القمح؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 24 أبريل 2022 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
سؤال هل يمكن أن يأتى يوم ونحقق فيه الاكتفاء الذاتى من القمح حتى لا نجد أنفسنا تحت رحمة ظروف ومتغيرات دولية مستمرة؟
الإجابة نظريا هى نعم، لكن بشرط صعب جدا وربما شبه مستحيل، وهو أن نزرع كل أو معظم أراضينا بالقمح، ونتوقف عن زراعة بقية المحاصيل خصوصا البرسيم، الضرورى جدا للماشية.
طرحت هذا السؤال لأن هناك عددا كبيرا من المصريين يسأل هذا السؤال كثيرا، وكأنه أمر عادى وسهل ومتاح، من دون أن يجهد نفسه فى معرفة حقيقة وواقع الزراعة المصرية والأرض المتاحة للزراعة والقابلة للاستصلاح وتكلفة كل ذلك.
طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن مساحة الأرض الزراعية فى مصر بلغت ١٠٫٣ مليون فدان عام ٢٠١٩، مقابل ١٠٫٢ مليون فدان عام ٢٠١٧، وربما تكون قد زادت إلى أقل قليلا من ١١ مليون فدان هذا العام.
صباح الخميس الماضى حضرت إعطاء الرئيس عبدالفتاح السيسى إشارة البدء لموسم حصاد القمح فى توشكى، وفى هذا الاحتفال قال وزير الزراعة الدكتور السيد القصير إن المساحة المزروعة قمحا فى مصر بلغت هذا العام ٣٫٦٥ مليون فدان.
موسم الحصاد بدأ بالفعل. والمتوقع أن يبلغ المحصول ١٠ ملايين طن، تستهدف الحكومة استلام من ٥٫٥ إلى ٦ ملايين طن. وبقية المحصول يحتفظ به الفلاحون لأنفسهم من أجل استهلاكهم الشخصى فى بيوتهم، أو لبيعه للقطاع الخاص.
لكن هذا العام ونظرا للأزمة الصعبة الناتجة عن الحرب فى أوكرانيا فإن وزارة التموين ألزمت الفلاحين بتوريد ١٢ إردب قمح من أى فدان مزروع قمحا، على أن يحتفظ الفلاح ببقية إيراد الفدان وهو حوالى 6 أرادب باعتبار أن إنتاجية الفدان فى المتوسط هى ١٨ إردبا، فى حين أن بعض الفلاحين يقولون إن الانتاجية ليست كبيرة هكذا دائما وأحيانا تهبط إلى ١٤ إردبا للفدان، كما أنهم يرون السعر الذى حددته الحكومة وهو ٨٨٥ جنيها قليل جدا مقارنة بما تدفعه للمستورد.
وزير الزراعة قال يوم الخميس الماضى إنه تم زيادة المساحة المزروعة قمحا
بـ٢٥٠ ألف فدان، وكذلك التوسع فى نسبة التغطية للتقاوى المعتمدة والتوسع فى استخدام الميكنة فى الزراعة والحصاد لتقليل الفاقد.
للأسف نحن الدولة الأولى فى العالم استيرادا للقمح، حيث استوردنا ١٢٫٩ مليون طن فى عام ٢٠٢٠ بقيمة ٣٫٢ مليار دولار، طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وفى ديسمبر الماضى توقع الدكتور على المصيلحى وزير التموين فى تصريحات لفضائية «الشرق بلومبرج» أن تنخفض واردات الحكومة من القمح إلى ٥٫٣ مليون طن بسبب الزيادة فى الإنتاج المحلى، أما بقية الكمية فإن القطاع الخاص هو من يستوردها، فى حين أن إجمالى ما يصل للحكومة من الفلاحين والاستيراد يوجه للمخابز التى تؤمن إنتاج من ٢٥٠ــ ٢٧٠ مليون رغيف يوميا لـ ٧١ مليون مصرى، يحصلون على الرغيف المدعم بخمسة قروش، وتقول الحكومة إنه يتكلف ٦٥ قرشا، قبل الزيادات الأخيرة التى فرضتها الحرب الروسية ــ الأوكرانية.
المصيلحى قال يوم الخميس الماضى فى توشكى إن لدينا استراتيجية لتوفير السلع الاستراتيجية ومنها القمح لمدد لا تقل عن ستة شهور وأن الاحتياطى الموجود حاليا يكفى بالفعل حتى نهاية يناير المقبل، ولدينا الآن ٢٫٦ مليون طن قمح مستورد، إضافة للإنتاج المحلى الذى بدأت فى استلامه بالفعل، إضافة بالطبع لزيادة الصوامع.
فى نفس اليوم عرفنا من اللواء وليد أبو المجد مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية أنه تم زراعة ٢٢٠ ألف فدان من القمح فى توشكى والعوينات والفرافرة وعين دلة بإجمالى إنتاجية مستهدفة تصل إلى ٥٥٠ ألف طن، والجهاز يتطلع مع بداية العام المقبل لاستطلاع وزراعة ٥٣٠ ألف فدان ضمن المرحلة الثانية والثالثة من مشروع توشكى مع وزارة الزراعة والجهات المعنية ليصبح الإجمالى ٧٥٠ ألف فدان بمتوسط إنتاج مليونى طن، وهو يتوقع إضافة ٤٠٠ ألف فدان فى مشروع الدلتا الجديدة بالضبعة ليصبح إجمالى المزروع قمحا ــ إضافة للمساحات القديمة ــ ١٫٢ مليون فدان بإجمالى إنتاجية مستهدفة ٣ ملايين طن، الأمر الذى سيقلل من حجم الاستيراد.
هذه هى الصورة العامة وواقع زراعة القمح الآن فى مصر. ومرة أخرى نظريا يمكن القول إننا نستطيع الاكتفاء الذاتى من القمح، لكن مرة أخرى نسأل: كم يتكلف استصلاح وزراعة الفدان الواحد فى الأرض الصحراوية، وهل نملك المياه الكافية لذلك؟
إذا كان لدى أحدكم المعرفة والتمويل اللازم، فسوف يصل إلى الإجابة الصحيحة.