شيعة البحرين.. هل هم عملاء إيران؟
العالم يفكر
آخر تحديث:
الثلاثاء 24 يونيو 2014 - 6:00 ص
بتوقيت القاهرة
نشر المركز الأمريكى American Enterprise Institute مقالا للكاتب مايكل روبين يتحدث عن الاضطراب الطائفى بين السنة والشيعة فى البحرين. حيث إنه على الرغم من زعم سلطات الأمن البحرينية أن قادة المعارضة الشيعية فى البحرين يخضعون لنفوذ إيران، يرفض الشيعة هذا الزعم، مدعين أنهم يسعون لوقف التمييز والحصول على المساواة الاجتماعية مع المواطنين السنة.
•••
ويرى الكاتب أنه لدى الشيعة فى البحرين مظالم مشروعة. ولكن حتى لو لم يكن الاضطراب الطائفى فى الدولة نتيجة مباشرة للنفوذ الإيرانى، يكاد يكون من المؤكد أن إيران سوف تنتهز أى فرصة للتأثير على البحرين. وسوف يستمر الاضطراب الطائفى، حتى ينعم الشيعة بالمساواة فى ظل القانون، وسوف يدفع عملاء إيران المؤثرون حركة المعارضة إلى التطرف، من أجل الإطاحة بالنظام الملكى وطرد الأمريكيين من البلاد. وتحتكر الأقلية السنية الحكم فى أصغر بلد عربى؛ حيث تنتمى الأسر المالكة، وقوات الأمن، وجانب كبير من نخبة رجال الأعمال إلى السنة، فى بلد يعيش فيه مواطنون أصليون من المسيحيين واليهود أيضا. بينما ينتمى أغلبية السكان إلى الشيعة؛ حتى إن البحرين تضم أعلى نسبة من السكان الشيعة مقارنة ببقية البلدان العربية، بما فيها العراق.
•••
وأشار روبين إلى رفض شيعة البحرين اتهامهم بأنهم يخفون ولاء مزدوجا. ففى 1970، بينما كانت بريطانيا بسبيلها لإنهاء احتلال البلاد، طالب شاه إيران بضم البحرين إلى بلاده، اعتمادا على أن إيران كانت تسيطر عليها حتى القرن السادس عشر، عندما استولى البرتغاليون على الجزيرة. وكان أمام شيعة البحرين الفرصة للمطالبة بالوحدة مع إيران، فى استطلاع الرأى الذى تم برعاية الأمم المتحدة عام 1970. ولكنهم بدلا من ذلك شاركوا غالبية البحرينيين من السنة والمسيحيين واليهود اختيار الاستقلال. فصارت البحرين دولة مستقلة فى 1971. وبدأت المتاعب الحقيقية فى السنوات التى تلت ذلك، عندما سعى آية الله روح الله الخمينى إلى نشر أيديولوجيته فيما وراء حدود إيران. وعلى الرغم من أن بعض شيعة البحرين تورطوا فى الخيانة عام 1981، إلا أن تعميم الذنب على الجماعة الشيعية، تصرف غير عادل من الحكومة البحرينية. وعززت محاولة انقلاب الشعور بالأزمة الذى استغلته الحكومة لتبرير تعليق الدستور والبرلمان. ومع ذلك، تبدد الشعور بالأزمة الملحة بداية من أوائل التسعينيات. وظلت إيران ملتزمة بتصدير الثورة، ولكن عقب ثمانى سنوات من الحرب المدمرة مع العراق، ووفاة آية الله الخمينى، تراجع سلوك إيران العدوانى تجاه جيرانها.
•••
كما أوضح روبين أن البحرين لا تتمتع بنظام إحصاء سكانى يضمن المساواة بين المواطنين، بل تم تقسيم الأقاليم المحلية، بما يضمن الهيمنة السنية. وقد مهد هذا الوضع الطريق لأحداث 2011. فمع اندلاع أحداث الربيع العربى التى أطاحت ببعض الحاكم المستبدين، دعا البحرينيين ليوم الغضب فى 14 فبراير 2011، مع الذكرى العاشرة للاستفتاء على ميثاق العمل الوطنى. واستغل المواطنون الشيعة المناسبة، للاحتجاج على سوء المعاملة، والمطالبة بدستور جديد، يشترك فى إعداده الشيعة والسنة معا، والإفراج عن السجناء الشيعة، ووضع حد للتعذيب. وأدى تدخل قوات الأمن فى ظل القبضة الحديدية لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة إلى قتل أحد المتظاهرين. ومثلما يحدث فى أنحاء المنطقة، حفزت جنازته المزيد من المحتجين، مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا. وهكذا، تحول ما بدأ كمظاهرة سلمية إلى حركة هزت أسس الاستقرار البحرينى وأدت بعد شهر، إلى التدخل العسكرى والشرطى من قبل قوات مجلس التعاون الخليجى وأغلبها من السعودية. وفى غضون شهر، توفى أكثر من 30 متظاهرا. واستطرد الكاتب؛ مازالت السلطات البحرينية تلقى بمسئولية معظم أحداث العنف الأخيرة على إيران. وربما كانت محقة فى ذلك. فلا يعنى عدم تسبب المسئولين الإيرانيين فى بداية الاضطرابات، أنهم لم يسعوا لاستغلالها. ومازال مسئولون إيرانيون كبار يطالبون بالسيادة الإيرانية على البحرين. كما أن تأثير وسائل الإعلام الإيرانية بين الشيعة البحرينيين واسع النطاق. حيث يقول سائقو سيارات الأجرة ورجال الأعمال والطلاب والنشطاء السياسيون، إنهم يحصلون على الأخبار من قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية، أو عندما يتم التشويش عليها من صوت إيران، وغيرها من القنوات الإيرانية. وربما تحتفظ إيران أيضا بتأثير كبير على التسلسل الهرمى الدينى الشيعى فى البحرين. ولا شك أن لقوة المال دورها أيضا فى توجيه المتمردين أو تغذية الثورات. وفى حين يعترف نشطاء معارضون فى البحرين بتلقيهم مساعدات من مكاتب آيات الله القائمة فى العراق وربما إيران، يرى مسئولون حكوميون بحرينيون أن دور البحرين كمركز للتمويل الدولى، يسهل على السلطات الإيرانية تمويل المعارضة. وحتى لو توصل المسئولون الغربيون ولجنة تقصى الحقائق التى شكلتها حكومة البحرين والمعروفة باسم لجنة بسيونى إلى أن الانتفاضة البحرينية لا تحمل بصمات إيران، سيكون من الخطورة بمكان افتراض أن السلطات الإيرانية ستبقى بشكل دائم، بعيدة عن التدخل.
•••
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الاضطرابات فى البحرين ذات جذور عميقة، ولدى الشيعة البحرينيين مظالم مشروعة ليس لها علاقة بإيران. ومن شأن عدم تصدى الحكومة البحرينية بجدية للمشاكل التى يعانى منها الشيعة، أن يخلق أرضا خصبة ليس فقط للاحتجاج المشروع، ولكن أيضا لأولئك الذين يسعون للقضاء على النظام الملكى فى البحرين أو إخضاع السيادة البحرينية لإيران. ويرفض الملك حمد ورئيس الوزراء خليفة، إجراء إصلاح موضوعى، اعتقادا بأن المملكة العربية السعودية لن تسمح بانتصار المعارضة. وفى الوقت نفسه، يعملان على تغيير التركيبة السكانية الطائفية فى البحرين من خلال منح الجنسية إلى السنة من الباكستانيين، واليمنيين والأردنيين، والعراقيين، فى مقابل قيامهم باستثمارات كبيرة، أو الخدمة فى قوات الأمن الطائفية فى البحرين. ولن تؤدى هذه الاستراتيجية إلى تآكل هوية البحرين بإخضاعها إلى سيطرة إيران، لكنها ستدفع البحرين ايضا إلى اضطرابات دائمة، حيث إن نزع ملكية أكثر من ثلثى السكان ليس صيغة للنجاح أو الأمن الاقتصادى. ويعنى ذلك أنه حتى لو لم تكن الاضطرابات الحالية ناجمة عن تدخلات إيرانية، سيكون من الحماقة أن تفترض السلطات البحرينية والدبلوماسيون الغربيون، أن الحرس الثورى الإسلامى ليست لديه خطة للسيطرة على الجزيرة كما فعل فى 1981. وفى حين قد يؤمن شباب الشيعة البحرينيين حقا أنهم يناضلون من أجل الحقوق المدنية الأساسية، ربما يكون قادتهم من جيل 1981، يخفون أهدافهم الحقيقة، وهى دفع الشباب فى الصراع بهدف قلب النظام الملكى. ولا شك أن البحرين سوف تظل صندوقا من البارود، ما لم يتمتع المواطنون الشيعة بالمساواة فى ظل القانون. وفى الوقت نفسه، يتعين على المعارضة البحرينية أن تكون حذرة إزاء أى محاولة من جانب إيران لاستمالتها، مما قد ينزع الشرعية عن المعارضة ونضالها من أجل الإصلاح لعشرات السنين القادمة.