«الهدهد» وشرارة الحرب الإقليمية
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 24 يونيو 2024 - 6:30 م
بتوقيت القاهرة
العدوان الإسرائيلى على غزة يقترب من دخول شهره العاشر، ويبدو أن العصابة اليمينية الحاكمة فى تل ابيب لم تشبع من دم الأبرياء الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم المائة ألف بين شهيد وجريح، وها هو نتنياهو وأركانه من المتطرفين أمثال إيتمار بن غفير وبتسيئيل سموتريتش يقرعون طبول التصعيد مع جنوب لبنان وسط تسارع التحذيرات الدولية من مخاطر اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله».
المخاوف من توسيع دائرة الحرب دفعت قبل أيام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إلى إطلاق تحذير من أن شعوب المنطقة والعالم لا يمكنها تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى. وقال: إنه وجد نفسه مضطرًا للإعراب عن مخاوفه بشأن التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، مشيرًا إلى أن التصعيد و«استمرار تبادل إطلاق النار، والخطاب العدائى من الجانبين» يوحى «كما لو أن حربًا شاملة أصبحت أمرًا وشيكًا».
يحذر الأمين العام للامم المتحدة، ويبدى قلقه من التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، لكن واشنطن وبدلًا من لجم إسرائيل ووقف عدوانها على غزة، لا تزال تنحاز لاستمرار اشتعال الحرائق فى المنطقة، فالمبعوث الأمريكى إلى لبنان آموس هوكستين، قال خلال زيارته لبيروت أخيرًا، إنه حذر المسئولين اللبنانيين من أن الولايات المتحدة ستدعم أى هجوم إسرائيلى إن لم يوقف حزب الله هجماته على شمال إسرائيل.
تحذيرات المبعوث الأمريكى إلى لبنان تزامنت مع رد الأمين العام لحزب الله اللبنانى، حسن نصرالله وتأكيده على أنه «لا يمكن لشىء أن يؤدى إلى إيقاف جبهة لبنان إلا وقف العدوان على غزة بشروط المقاومة». وفى لغة تهديدية قال نصر الله إنه فى حال اندلاع الحرب، فكامل مساحة إسرائيل لن تكون بمنأى عن صواريخ الحزب، الذى تحضر «لأسوأ الأيام».
وعقب فيديو اختراق مسيرة «الهدهد» الذى نشره حزب الله لمواقع استراتيجية فى حيفا، وإعلان الجيش الإسرائيلى المصادقة على خطط لهجوم واسع على لبنان، اعتبر مراقبون أن المنطقة باتت منفتحة على كم كبير من الاحتمالات التى قد تؤدى إلى اندلاع حرب إقليمية.
القلق من اتساع دائرة الحرب دفعت البيت الأبيض بدوره إلى الإعراب عن وجود مخاوف جدية من تعرض الجيش الإسرائيلى لضربات كبيرة وفق مصادر رسمية لشبكة «سى إن إن»، والتى اعتبرت أن تداعيات حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله ستكون مدمرة.
هذه المخاوف وثيقة الصلة بزيارة وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، ولقائه كبار مسئولى السياسة الخارجية والدفاع الأمريكيين، فى ظل الخلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكى جو بايدن بشأن تزويد إسرائيل بمزيد من الأسلحة والذخائر لمواصلة العدوان على غزة.
الذهاب شمالًا، أو الهروب إلى جبهة لبنان ربما يعتبره نتيناهو فرصة جديدة لاستمرار بقائه ممسكًا بمقود القيادة فى إسرائيل، بعد فشله فى تحقيق أهدافه فى غزة على الرغم من المساندة الأمريكية الواسعة على مدى تسعة أشهر منذ بدء العدوان على غزة، فلا القضاء على حركة حماس تحقق، ولا الأسرى والمحتجزين عادوا إلى إسرائيل.. فقط إيغال صهيونى فى دم الأطفال والنساء الفلسطينيين.
الجبهة اللبنانية، تلقى بظلالها على سيناريوهات مخيفة إذا ما اندلعت حرب واسعة بين الجيش الإسرائيلى وحزب الله، بالنظر لما يملكه الحزب من إمكانيات عسكرية، تفوق كثيرًا ما كانت تمتلكه حماس عشية السابع من أكتوبر الماضى، مع الوضع فى الاعتبار خطوط الدعم اللوجستية الإيرانية التى يمكن أن تأتى للحزب، والخطوط اللوجستية الأمريكية فى المقابل لإسرائيل.
قرار بدء الحروب أيسر كثيرًا من الرغبة فى إنهائها، وإشعال النيران أسهل من إخمادها، والحرائق سيكتوى بلهيبها الصامت، وقد يصل شرارها للأسف إلى من يحرصون على الابتعاد عن لظاها.