اعرف قيمة ما تملك قبل أن تفقده
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 24 يوليه 2015 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
فى يوم 6 يوليو الماضى توفيت السيدة غادة عبدالكريم زوجة الزميل الصحفى والإعلامى أحمد فرغلى، بعد أن وضعت توءمين أثناء عملية الولادة، عمرها 36 سنة وكانت تعمل مدرسة.
ما كتبه الزميل عن زوجته على صفحته على الفيس بوك كان مؤثرا للغاية، وأعتقد أنه ليس أمرا شخصيا بل يمكن أن يكون مفيدا للجميع.
اتصلت بالزميل عبر الفيسبوك واستأذنته أن أكتب عن القصة بالطريقة التى يراها مناسبة فوافق مشكورا على أن أكتب بالأسماء والتفاصيل.
بعد الوفاة بقليل كتب أحمد فرغلى يقول:
«يارب لك الحمد ولك الشكر.. اللهم إنى رضيت بقضائك وأذعنت لقدرك ولا أملك إلا الصبر على ابتلائك الكبير.. أخذت منى أمانتك الاثنين الماضى.. زوجتى الحبيبة.. الأصيلة المثقفة المخلصة العابدة الشاكرة الراضية المرضية المعطاءة..التى كانت تعلى قيمة العلم وتتسلح بالضمير ولا تستحل شيئا لنفسها حتى لو كان يخصها.. رحلت الغالية شهيدة وهى مبطونة فى رمضان بعد أن وضعت طفلتين.. غادة ومريم.. اللهم لطفك وعفوك ورحمتك.. اللهم إنى أشهد جميع خلقك أنها كانت مخلصة وعظيمة وأنها زوجة وحبيبة وابنة وأم لا تتكرر ولا تعوض فارحمها وتغمدها وامنح كل أطفالها بعضا من خصالها.. اللهم لطفك بنا فأنا أعلم أنها أفضل منى وأن أعمالها البيضاء هى التى تضمد الجرح الغائر.. ولا حول ولا قوة إلا بك سبحانك أنت رب العرش العظيم.. اللهم اغفر لها ما تقدم من ذنبها وما تأخر وتجاوز عن كل أخطائها..اللهم إنى مكسور ومغلوب بفقدها فطمنى برحمتك لها.. يا الله.. وإنا لله وإنا إليه راجعون».
بعدها بيومين عاد أحمد فرغلى ليكتب كلاما بديعا هو الذى شجعنى أن أنقله هنا كى تكون فائدته واسعة للجميع.. قال هذا الزميل المكلوم:
«لا أود أن أفسد عليكم فرحة العيد.. فمن حقكم أن تفرحوا وتسعدوا.. ولكنى أنتهزها فرصة لكى أنقل لكم جزءا من تجربتى المريرة ربما نعرف قيمة ما بأيدينا.. لقد رحلت زوجتى غاده الحبيبة وتركت حسرة وألما وحزنا لن تمحوه الأيام فى صدرى، وفى صدور كل من عرفوها.. وربما لأنها ماتت فجأة لم نودعها الوداع اللائق بقدر ما قدمت لنا.. لكن العبرة من المصيبة أننا لم ندرك قيمة ما قدمته لنا إلا بعد رحيلها.. لم نعرف دفء صوتها إلا بعد سكوتها.. ربما لم نصغ لنصحها أحيانا لكننا نتلهف الآن على كلماتها.. عاشت لتمنحنا الستر والثبات والحياة ثم غادرت الدنيا بأسرع مما نتخيل.. حلمت لأولادنا وكانت تنتظر أن يفرحوا قلبها بالعلم والتفوق لكن قضاء الله نفذ.. قالت لى أنا بجوارك كأعظم القادة فى الميدان فى إشارة لتحمل المسئولية ورحلت تاركة أطفالها الرضع.. كثيرة هى المواقف والأحداث التى دفنها الموت معها وأصبحت مجرد ذكريات.. حتى جدارن البيت وقطع الأثاث باتت حزينة وكئيبة لفقدها.. لكن المهم هنا أن نفكر فيما بين أيدينا ونتسامح سواء فيما هو عام أو خاص.. أن نعيد حساباتنا، أن ندرك قيمة ما يفعله اﻵخرون من أجلنا.. لا تنتظر لتفقد حتى تعرف، ولكن عليك أن ترضى ثم تعرف..لا تستهتر لتفقد وطنا ومؤسسة وعملا.. لابد أن نبحث عن القيمة.. وليكن لدينا همة.. فرب همة أحيت أمة.. رحم الله زوجتى ورحم كل موتانا وحفظ العباد والبلاد.. وهدانا إلى الخير والصواب.. ولله الأمر من قبل ومن بعد».
انتهى كلام الزميل أحمد فرغلى.. رحم الله زوجته وأعانه الله على الصبر وتربية أولاده الخمسة، والقصة بأكملها درس عملى لنا جميعا أن نعرف قيمة ما نملك قبل أن نفقده.