نحو مناهج تصطاد المواهب
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأحد 24 يوليه 2022 - 9:15 م
بتوقيت القاهرة
نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا بتاريخ 23 يوليو للكاتب عبداللطيف الزبيدى، ناقش فيه دور المدرسة فى إبراز ودعم المواهب بالإضافة لدورها التعليمى... نعرض من المقال ما يلى:
متى يبدأ البحث عن المواهب الأدبية؟ السؤال صعب، لكن عدم الإجابة نقيصة. كل ميدان يحدّد السن المعقولة للبدء فى الاستكشاف والتقاط الإشارات. الرياضيات والموسيقى يمكن أن تظهر المواهب فيهما فى وقت مبكّر، ولكن هذا ليس حتميّا قطعيّا. أمّا المواهب الأدبية، فسن المراهقة أنسب، أى فى الإعدادية مثلا. المنطق يقتضى ذلك، لضرورة تحصيل حدّ أدنى من أدوات الكتابة والتحكم فى اللغة سلفا، لا بدّ من سنوات دراسية.
مستبعد أن تكون المناهج العربية قد وضعت فى الحسبان والتخطيط قضية البحث عن المواهب، بوجه عام، وأخذتها جدّيا كمسئولية وغاية. هذا فى رأيها خارج عن نطاقها ووظيفة إضافية، لا تعرف كيف تضطلع بها. هبها عثرت على فتيات وفتيان فى الإعدادية، لهم استعدادات أسلوبية غير عادية، شعرا أو نثرا، فماذا عساها تفعل أكثر من منحهم علامات عالية، وتكريما على لوحة الشرف فى المدرسة؟ هذه هى المسألة.
فى الكثير من الحالات، تُعدّ المدرسة أقدر من الأسرة على التقاط إشارات الموهبة والنبوغ. منظومة الأساتذة تمثل تخصصات مختلفة، كل واحد هو أدرى بمجال اختصاصه، وأدوات الاستشعار فيه، والأمر بالغ الأهمية إذا كان ميدان الموهبة بعيدا من طبيعة تكوين الأبوين، كأن يكونا من أهل الهندسة والتقانة، بينما الموهبة أدبية، وهما بلا ميول فى هذا الاتجاه. العكس أيضا، كأن يكونا بلا بضاعة فى الرياضيات والعلوم، بينما النبوغ علمى.
تحاشيا للجدل، نحصر نطاق المسئولية. إذا كانت الأسرة تتحمل جانبا منها، فإن للمدرسة قدرات تربوية وتعليمية لا يملكها الآباء فى أحيان كثيرة. ثم إن الدراسة تحتل المنطقة الزمنية بين السادسة والثامنة عشرة، وحتى الثانية والعشرين إذا أضفنا الجامعة. تأمّل كم يدرس الطلاب من الموادّ، فى الأدبى والعلمى. قد يبزغ التألق والتفوق فى أى مجال من تلك المجالات. بداهة، لا تستطيع الأسرة الإحاطة بكل تلك المسالك والمشارب. ما الذى يضير المناهج أن يكون كل أستاذ صيّاد مواهب فى ميدان تخصصه.
العبقريات عملات نادرة، حجارة كريمة نفيسة، تستحق أن يُنفق نظام التربية والتعليم وقتا خاصا فى صقلها، فهى يوم تتجلّى تشرق شموس سواطع على الأوطان والإنسانية، تغيّر حياة الشعوب والأمم.
لزوم ما يلزم: النتيجة الوهميّة: وهم الأوهام أن ينصرف الذهن إلى أن العناية الخاصة بالنبوغ تمييز طبقى أو نخبوى.