نتنياهو وجائزة نوبل للسلام

سمير عمر
سمير عمر

آخر تحديث: الأحد 24 أغسطس 2025 - 7:25 م بتوقيت القاهرة

كنت فى إحدى العواصم العربية فى الوقت الذى كانت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة تشهد منافسة ساخنة بين زعيم حزب الليكود ومعسكر أقصى اليمين «بنيامين نتنياهو»، ومعسكر التغيير الذى كان يقوده رئيس الوزراء آنذاك «يائير لابيد»، وفى جلسة مسائية ضمت عددا من الصحفيين العرب انتقل الحديث من الرياضة إلى الفن والثقافة ومن الاقتصاد إلى السياسة حتى استقر دون اتفاق عند الحديث عن الانتخابات الإسرائيلية، وما تشهده من منافسة «ديمقراطية»، كان من بين الحضور من يرى أن مصلحة العرب مع فوز «نتنياهو» فهو حسب رأيه زعيم قوى ويمكنه التوصل لاتفاق سلام، مستشهدا بأن «مناحم بيجين» زعيم «الليكود» هو من أبرم معاهدة السلام مع مصر، وأنه من حصد جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس المصرى أنور السادات وأن الأقوياء داخل إسرائيل هم وحدهم من يستطيعون إبرام الاتفاقات مع العرب، كما حدث فى معاهدة اتفاق السلام الإبراهيمى بين إسرائيل والإمارات قبل نحو عامين.

كان الحديث رغم سخونته حديثا وديا، لكنه فى ذات الوقت كشف عمق التباين والاختلاف فى الرؤى بين الزملاء المجتمعين على طاولة واحدة، تماما كما هو الحال فى اجتماعات الدول العربية تحت مظلة الجامعة العربية.

ونجح تحالف نتنياهو فى الانتخابات بأغلبية المقاعد، وحصد معسكر أقصى اليمين على 64 مقعدا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا، بينما حصد معسكر التغيير 51 مقعدا.

وفى التفاصيل: حصل حزب الليكود بزعامة نتنياهو على 32 مقعدا، وحصد حزبا «يهودوت هتوراه» لليهود الغربيين وحزب «شاس» لليهود الشرقيين 18 مقعدا، فى حين حصد تحالف «الصهيونية الدينية» بزعامة بتسلئيل سموترتيتش و«عظمة يهودية» بزعامة إيتمار بن غفير 14 مقعدا، بينما حصل تحالف الجبهة العربية للتغيير بقيادة أيمن عودة وأحمد الطيبى المعارض للمعسكرين الرئيسيين.

وبعد أسابيع قليلة كانت الحكومة المشكلة، وفقا لهذه النتيجة، قد حازت لقب «الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا فى تاريخ إسرائيل».

فهل حقا يمكن أن نعتبر هذا التوصيف لحكومة نتنياهو وصفا دقيقا؟

أنا طبعا لا أهدف من طرح السؤال تبرئة حكومة نتنياهو من اعتبارها حكومة متطرفة وعنصرية، لكن ما أود مناقشته هو ارتباط هذه الحكومة بتاريخ إسرائيل العنصرى، وتاريخ حكوماتها الملطخ بالدماء.

وفى هذا المجال لن أعدد جرائم إسرائيل وحكوماتها ضد الفلسطينيين والعرب، لكن فقط سأذهب إلى زعيم الليكود «مناحم بيجين»، فهو النموذج الذى حاول نتنياهو تقليده على أمل الفوز بجائزة نوبل كما فعلها بيجين.

مناحم بيجين من أصول بولندية «مسقط رأسه يقع فى روسيا البيضاء حاليا» وهو يرتبط إلى حد ما مع نتنياهو فى هذا الأصل حيث إن والد نتنياهو من وارسو فى بولندا، وإن كانت أمه من مواليد فلسطين حين كانت تحت الحكم العثمانى.

بيجين تزعم منظمة «الأرغون» الإرهابية التى انشقت عن المنظمة العسكرية الأساسية للصهيونية «الهاجاناه» وكان معارضا لسلطة الانتداب البريطانى على فلسطين، فنفذ عمليات إرهابية ضد القوات البريطانية وفجر مقر قيادتها فى فندق الملك داوود، فصنفته بريطانيا إرهابيا ورفضت منحه تأشيرة دخول أراضيها حتى عام 1972.

كما قاد بيجين وجماعته عمليات إرهابية كثيرة ضد الفلسطينيين أشهرها وأكثرها إرهابا هى مذبحة دير ياسين التى راح ضحيتها 360 فلسطينيا باعتراف بيجين نفسه، وبعد إعلان قيام إسرائيل، توجه بيجين إلى العمل السياسى بخلفيته الإرهابية تلك، حتى فاز برئاسة الوزراء، ووقع اتفاقية السلام مع الرئيس السادات ونال جائزة نوبل للسلام مناصفة معه، فهل تغير سلوك بيجين المتطرف بعد حصوله على جائزة نوبل؟

يجيبنا سجل الجرائم التى ارتكبها بيجين بعد ذلك حيث يكشف أنه فى ولايته بدأ توسيع الاستيطان فى الضفة الغربية، وفى عهده تم استهداف المفاعل النووى العراقى، ووفق أوامره اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلى بيروت وأدخلت لبنان فى دوامة عنف لم يخرج منها حتى الآن.

هذه نبذة صغيرة من تاريخ الزعيم الصهيونى مناحم بيجين الذى حاز جائزة نوبل للسلام، والتى تكشف أن عنصرية وتشدد نتنياهو وحكومته رغم إجرامها تبقى حلقة من حلقات الإرهاب الإسرائيلى ممتد الحلقات.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved