المصالحة مع قطر
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 24 نوفمبر 2014 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
أتمنى مخلصا أن تسير المصالحة مع قطر فى مسارها الصحيح، وأن يكون دقيقا ما نشر عن قبولها شروط مصر للتصالح، وأهمها: وقف الهجوم على القاهرة عبر قناة الجزيرة، ووقف تمويل قيادات الإخوان وغيرهم من العناصر المعادية للنظام، وإعلان قائمة بالجماعات الإرهابية تضم جماعة الإخوان، والالتزام خطيا بعدم الهجوم على مصر، وعدم السماح للعناصر المعادية بمباشرة نشاطها السياسى من داخل قطر أو عقد اجتماعات ومؤتمرات فيها، وأن تتعهد الدوحة بطرد من يخالف هذه الشروط. (المصرى اليوم ـ أمس).
بحسب تقارير صحفية سابقة، فإن أمام قطر ــ حسب الإعلان التكميلى لمؤتمر الرياض ــ من شهر إلى ثلاثة أشهر لإثبات حسن نواياها.
حسنا، قدمت قطر قبل إعلان الرياض، إشارة إيجابية واحدة إلى إمكانية حدوث تغيير فى مواقفها، بمساندتها للقاهرة فى مؤتمر الأمم المتحدة الذى ناقش حالة حقوق الإنسان فى مصر الشهر الماضى، لكنها فى المقابل، قدمت عشرات الإشارات السلبية التى تؤكد استمرارها على النهج المعادى ذاته، فاستمرت قناة الجزيرة تبث سمومها وأكاذيبها، وتواصلت تصريحات الإرهابيين الهاربين من الدوحة، ومازالت الأموال الحرام تتدفق على المحرضين والمخربين، بهدف ترويع المصريين وإفشال النظام.
قلت لك فى البداية إننى أتمنى أن تكون نوايا قطر خالصة، لكننى لا أسرف فى التفاؤل، ولا أتصور أن تقبيل الأمير تميم رأس العاهل السعودى الملك عبدالله، ولا موافقته ــ غير المؤكدة ــ على الشروط المصرية بداية تغيير فى الموقف القطرى.
المسألة ببساطة أن قطر لم تعد ــ عمليا ــ دولة خليجية، حتى وإن كانت عضوا فى مجلس التعاون الخليجى وفى جامعة الدول العربية.
قطر ولاية أمريكية صغيرة، صنعتها أمريكا على عينيها، لتلعب دورا تعجز إسرائيل عن أدائه باعتبارها دولة منبوذة فى المحيط العربى، ولا يمكن قبوله من تركيا بأطماعها المعلنة فى المنطقة، وبإرث استعمارى عثمانى يقف حاجزا بينها وبين العديد من دولها، كما أن السعودية، الحليف التقليدى للأمريكان، كثيرا ما عبرت عن مواقف مستقلة مناهضة للأطماع الأمريكية فى الخليج وفى منطقة الشرق الأوسط.
كان لابد إذن من صناعة هذا الكيان الذى يضم على أرضه أكبر قاعدة أمريكية، وأن تُغذّى باستمرار أطماع أميره الشاب الطامح للعب دور يتجاوز قدراته وطاقة إمارته الصغيرة، مقابل حمايته وضمان استمراره على رأس الإمارة، وسط محيط يموج بالإضطراب، وذكريات مؤلمة عن محاولات للانقلاب عليه، أوعزت المخابرات الأمريكية له أن «مصر مبارك» كانت طرفا فى بعضها.
ثمة شكوك مشروعة يبددها أو يؤكدها متابعة الموقف القطرى خلال الأيام المقبلة، ويتحدد عبرها ما إذا كانت المصالحة تسير فى مسارها الصحيح أم لا، أولها ما يمكن أن يلمسه المتابعون لقناة الجزيرة من تغيرات فى مواقفها، ووقف «الجزيرة مصر مباشر»، والاستجابة لشروط القاهرة للمصالحة دون لف أو دوران.
لكن السؤال الأهم: هل التغير المحتمل فى الموقف القطرى يعنى أن أمريكا رمت طوبة الإخوان، وقررت التخلى عن مشروعها للشرق الأوسط الكبير والتعامل مع الأوضاع الجديدة على الأرض، وهل ستجرى تركيا «على التراك» ذاته بعد قطر؟
الإجابة هناك فى واشنطن، ولهذا تبقى هذه الأسئلة مفتوحة على المستقبل، ولهذا كان رد الرئيس السيسى على تساؤلات قناة 24 الفرنسية حول المصالحة مع قطر: دعونا ننتظر ونرَ.