مذيع لا يعرف اسم الضيف.. يا للهول!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 25 فبراير 2021 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
فيديو مراسل القناة الفضائية مع الفنانة سميرة عبدالعزيز، يُفترض أن يدق أجراس إنذار قوية لوسائل الإعلام عموما، والقنوات الفضائية خصوصا بمراجعة ضرورة العلاج حتى لا تتفاقم الظاهرة المخجلة.
الفيديو لمن لم يشاهده لمراسل إحدى القنوات الفضائية، يقترب من الفنانة الكبيرة سميرة عبدالعزيز، ويطلب أن يسجل معها عن المهرجان الذى تحضره لكنه يفاجئها بسؤال عن اسمها!!.
الفنانة اندهشت من أن إعلاميا موجودا فى مهرجان فنى سينمائى، ويريد أن يسجل معها ولا يعرف اسمها، ولذلك رفضت التسجيل معه، لكن الأطرف أن الشاب لم يشعر بأى خجل وقال للفنانة وهى تنصرف عنه: «استهدى بالله يا حاجة»!.
الفنانة الكبيرة وعضوة مجلس الشيوخ، قالت للإعلامى الكبير عمرو عبدالحميد على قناة تن مساء الثلاثاء الماضى، إن هذا الموقف كان من ٣ سنوات، ولم تعرف لماذا عاد الفيديو مرة أخرى ليتصدر تويتر، مضيفة أن «المذيع معندوش خبرة، ليه يروح يعمل حوار مع واحدة مش عارفها»، ونفت الفنانة وجود أى خصومة مع أى فنان.
كثيرون مندهشون من تصرف المذيع، وكأنه أمر جديد أو غريب، للأسف فإن الواقع أكثر سوءا مما يتخيل كثيرون، شخصيا لم أندهش، لأننى واجهت هذا الموقف عشرات المرات.
فى أكثر من ندوة أو مؤتمر كنت اتفاجأ بشخص يحمل ميكروفون قناة فضائية، ويريد أن يسألنى عن رأيى، لكنه قبلها يسألنى عن اسمى، وكنت دائما أسأله: إذا كنت لا تعرف اسمى، فما هو الذى يضطرك إلى إجراء مقابلة معى، خصوصا أننى فى كل هذه المواقف، لم أكن قد تحدثت بالمرة فى الندوة. بل وفى بعض المرات كان موضوع الندوة شديد التخصص، وآخر مثال لذلك أننى حضرت مؤتمرا قبل شهور عن مرض اسمه «الكرونز» بدعوة من الصديق الدكتور حسين الأمين. لم أكن أعرف أى شىء عن المرض، وحتى لو كنت أعرف فلست طبيبا، وفوجئت بأحد المذيعين يسألنى عن رأيى فى المؤتمر شديد التخصص.
من الظلم البيِّن أن نطلق وصف مذيع على مثل هؤلاء الأشخاص. هم فى أفضل الأحوال «حاملو ميكروفون» فقط لا غير.
بالطبع لا أعمم، فهناك مراسلون فضائيون على أعلى درجة من الفهم والتخصص والكفاءة، وأعرف كثيرا منهم معرفة شخصية فى قنوات التليفزيون المصرى وإم بى سى مصر وسكاى نيوز عربية وبى بى سى والحرة والعربية والحدث وDMC وon e والحياة.
لكن للأسف مع كثرة القنوات الفضائية والأزمة الاقتصادية الخانقة التى ضربت معظم وسائل الإعلام، استسهلت بعض القنوات تشغيل مثل هذه النوعية التى تفتقد الحد الأدنى من التأهيل، فتحولوا إلى مأساة تمشى على قدمين.
هذه النوعية لم تقرأ كتابا، أو حتى موضوعا واحدا. كل أملها وحلمها أن يطلق عليها لقب مذيع، ويظهر فى أى تقرير، ولو لمدة خمس ثوانٍ، حتى يتباهى و«يتمنظر» أمام أهله وأصحابه.
لا ألوم هؤلاء بالمرة، بل ألوم تماما من شغلهم أو بالأحرى من «سرحهم»، وأطلقهم على الندوات والمؤتمرات واللقاءات، لكى يعيثوا جهلا فى المجتمع.
الطبيعى والمنطقى أنه قبل أن توظف أو تشغل أى قناة شخصا ما لكى يقوم بمهمة المراسل التليفزيونى، أن يكون دارسا للإعلام، أو على الأقل مهتما بهذه المهنة، وبعدها تخضعه لدورات تأهيلية فى فنون المهنة، وبعدها دورات أخرى فى صميم تخصصه.
فى هذه الدورة لابد أن يتعلم أولا من هو الشخص الذى سيجرى معه المقابلة سواء كانت لمدة دقيقة أو حتى ساعتين، والأمثل أن يعرف كل شىء عن الضيف، وإذا كان ذلك صعبا أو مستحيلا، فعلى الأقل يكون هذا المراسل أو المذيع ملما بالحد الأدنى من المعلومات العامة عن الضيف مثل مجال عمله. لكن أن يذهب المذيع أو الصحفى ليسأل شخصا لا يعرف اسمه، فتلك هى الكارثة بعينها!.
أتمنى أن تستفيد كل القنوات الفضائية المصرية من الدرس القاسى للشخص الذى انتحل صفة مذيع مع الفنانة سميرة عبدالعزيز، بحيث تضع هذه المقابلة كنموذج ينبغى ألا يكرره أى شخص، يفكر فى امتهان مهنة المراسل أو المذيع أو أى وظيفة مرتبطة بمجال الإعلام.
وإذا تكاسلت إدارات بعض الفضائيات عن القيام بهذه الواجب المبدئى، فعلى المجلس الأعلى للإعلام، أن يتدخل ويفرض قيودا وعقوبات على غير الملتزمين.
مهنة الإعلام فى مصر يكفيها ما تعانيه من أوضاع اقتصادية صعبة ومحتوى غير متنوع، وبالتالى لا ينقصها مثل هذه النوعية من منتحلى صفة مذيع!!.