فى انتظار «السامبا» على مسرح كرة القدم

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

** كانت مباراة بالميراس وبورتو أول ما تلقيته من انطباع عن الأندية البرازيلية وهى تبدأ مرحلة جديدة كما أظن. كان أداء بالميراس مغايرا لما عرفته عن الفرق البرازيلية منذ سنوات، وكذلك كان الانطباع أن بالميراس وبورتو لعبا مباراة عنيفة اتسمت بقوة الالتحامات والسرعات. وتأكد ذلك حين لعب الأهلى مع بالميراس، ثم حين عاد بالميراس أمام إنتر ميامى فى الدقائق الأخيرة وتعادلا 2/2 ليصعدا معا إلى دور الستة عشر.
** يوم الإثنين الماضى نشرت الجارديان البريطانية تقريرا من نيويورك عن «الانقلاب الذى تحدثه الفرق البرازيلية فى نظام الكرة العالمى».. والواقع أنه من المبكر جدا وصف الأمر بأنه انقلاب برازيلى. صحيح هناك نجاح برازيلى نسبى بالنتائج كما قالت الجارديان، على الرغم من أن الكرة البرازيلية بالكامل تعانى منذ سنوات، من المنتخب إلى الأندية إلى المسابقات المحلية لأسباب مالية وعلمية وتدريبية وفنية عميقة ضاربة فى الجذور، وهو أحد أسباب استعانة الاتحاد البرازيلى بالمدرب الإيطالى أنشيلوتى لقيادة المنتخب الأول، بعد تجارب فاشلة متكررة لمدربين برازيليين وتناولنا هنا هذا التعاقد فى ثلاثة مقالات بعنوان: لماذا أنشيلوتى؟
** أكتب قبل مباراة فلومينينسى وصن داونز، وربما يكمل الفريق البرازيلى دائرة فرق السامبا ويتأهل مع بوتافوجو، وفلامنجو وبالميراس إلى دور الستة عشر، إلا أن وصف التأهل إلى هذا الدور بأنه انقلاب فى نظام الكرة العالمى، ليس دقيقا ومن المعروف أن البرازيل فقدت شخصيتها الكروية التى أثرت على اللعبة كما أثرت رحلات أبوللو الأمريكية إلى الفضاء على تكنولوجيا الاتصالات، وكما أثرت فرقة البولشوى الروسية على فنون الباليه.. لكن كرة البرازيل عانت على مدى السنوات الـ15 الماضية لدرجة أنه قد يكون من الصعب تذكر تاريخها، وذلك وفقا لشبكة «ذى أتلتيك». وكانت البرازيل سيدة الكرة فى العالم فى الفترة من 1958 إلى 1970، وذلك على مستوى المنتخبات فى بطولة كأس العالم، وعلى مستوى الأندية فى بطولة الإنتركونتيننتال فى الستينيات وكانت تجرى بين بطل كأس أوروبا وكأس الليبراتادورس. وعلى الرغم من فوز البرازيل بكأس العالم 1994 ثم 2002، بدأت رحلة انهيار الكرة البرازيلية منذ البطولة الأخيرة، حين ظلت مدرسة السامبا مؤمنة بأن المهارة الفردية سوف تهزم القوة واللياقة والسرعة فى أوروبا، وصمم البرازيليون على الاحتفاظ بطابع لعبهم فى مواجهة الأندية والمنتخبات الأوروبية: «رسم الهجوم بالتصوير البطىء، ونقل اللعب تدريجيا إلى منطقة المنافس، ثم الانقضاض بالمهارات الخارقة قياسا بمهارات الأوروبيين المحدودة».. ولم تنجح تلك الخطة. فأصيب المنتخب بخسارة فادحة وفاضحة أمام ألمانيا 1/7 فى مونديال 2014، فى ملعب مينيراو، وعرفت بأشباح بيلوهوريزنتى؟ ومن قبلها أشباح ماراكانا فى نهائى مونديال 1950 أمام أوروجواى.
** على الرغم من الانتصارات القليلة الأخيرة للأندية البرازيلية - مثل فوز ساو باولو على ليفربول عام 2005، وفوز إنترناسيونال على برشلونة عام 2006، وفوز كورينثيانز على تشيلسى عام 2012 - إلا أن الأمور انقلبت فى هذا القرن. فقد أخذت الأندية تعانى من سوء الإدارة المالية وتضطر لبيع أفضل لاعبيها. مواهبها، وعلاوة على ذلك، زادت أموال حقوق البث التلفزيونى فى أوروبا، بشكل مذهل، وأصبحت الفرق الأوروبية ثرية ماليا بينما تفشى الفساد المالى فى الأندية البرازيلية. وكل هذا صحيح لكنه ليس سببا مباشرا للفارق بين الكرتين فى السنوات الأخيرة.
** بعض الخبراء والنقاد أسهبوا فى أسباب تألق الأندية البرازيلية فى مونديال أمريكا 2025، بأن الفرق الأوروبية قادمة من موسم طويل ومرهق، بينما الدورى البرازيلى فى منتصفه (لعبوا 12 أسبوعا)، إلا أن جوارديولا وصف كأس العالم للأندية بأنها فترة إعداد رسمية، فهى مرحلة ما قبل بدء الموسم. والبعض أرجع نجاح الفرق البرازيلية (حتى تلك المرحلة) إلى تحمل لاعبى البرازيل درجة الحرارة بينما أوروبا تعانى مع الحرارة المرتفعة، والواقع أن الفرق البرازيلية اشتكت هى أيضا من ارتفاع الحرارة، وكذلك الفرق الإفريقية والآسيوية.
** الفرق البرازيلية والمنتخب يحاولون تغيير أساليبهم فى مواجهة الكرة الأوروبية. فبدأوا المزج بين الهجوم والدفاع، وبين المهارة والعنف والقوة، وبين الشراسة والضغط وتغيير الإيقاع. وبين التحضير وسرعة التحول استنادا على سرعات جرى اللاعبين، وسرعات تمرير الكرة، وسرعات التحول من مواقف الدفاع إلى مواقف الهجوم.
** وفى انتظار أداء الفرق البرازيلية بمزيج فنى جديد يكون حقا انقلابا فى نظام الكرة العالمى أو على الأقل عودة بعض من سحر السامبا التى أمتعت وكانت مبارياتها قديما حفلات راقصة على مسرح كرة القدم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved