إيران وإسرائيل.. من الذى انتصر؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

من الذى انتصر ومن الذى انهزم فى المواجهة الإسرائيلية الإيرانية التى استمرت 12 يوما متواصلة، ولم يوقفها إلا تدخل مباشر من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى كان قد أمر بقصف المنشآت النووية الإيرانية قبل هذا التدخل بساعات؟!

السؤال السابق، يردده الجميع فى إيران وإسرائيل والمنطقة والإقليم وأماكن أخرى فى العالم، والمؤكد أنه سوف يستمر لفترة طويلة من دون إجابة شافية.
ورغم أننا فى عصر انفجار ثورة المعلومات، لكن المفارقة أن حجم الدعاية والتضليل والشائعات وأنصاف وأرباع وأخماس الحقائق هو سيد الموقف ويجعل عددا كبيرا من الناس فى حالة صعبة من التشوش والارتباك.

شخصيا - ولأننى أحاول أن أكون موضوعيا قدر المستطاع - أقول بوضوح إنه يصعب علىّ أن أحدد من الذى انتصر فى هذه المعركة، حتى تتضح الحقائق والبيانات والمعلومات الصحيحة، أو حينما تتضح وتتجسد النتائج السياسية على الأرض.

ورغم ذلك فسوف نحاول سرد وقراءة بعض المؤشرات التى ربما تقربنا من الإجابة عن السؤال.

المؤشر الأول: أن مثل هذا النوع من الحروب، بل وأغلب الحروب لا تقاس نتائجها بعدد القتلى والجرحى والمفقودين أو حتى بحجم الدمار فقط، ورغم أهمية هذه العوامل، إلا أن القياس الحقيقى لنتائج أى حرب هو ما سيتم ترجمته من نتائج سياسية على الأرض.

وقد يسأل البعض: وكيف يمكن تطبيق وقياس هذا العامل على أرض الواقع؟

الإجابة ببساطة يمكن معرفتها من خلال تأمل أحوال وأوضاع كل طرف قبل بداية الحرب وبعدها، ليس فقط فى معركة الـ12 يوما الأخيرة، ولكن فى المعارك والحروب فى عموم المنطقة منذ عملية «طوفان الأقصى» التى نفذتها حركة حماس ضد المستوطنات الإسرائيلية صباح 7 أكتوبر 2023، وأدت إلى شن إسرائيل لعدوان كاسح على غزة وجنوب لبنان وسوريا واليمن ما يزال بعضه مستمرا حتى الآن.

على سبيل المثال فإن إيران قبل 7 أكتوبر كانت تملك برنامجا نوويا وصاروخيا طموحا، فكيف صار وضع هذا البرنامج الآن؟

وكان لدى إيران نفوذ هائل فى كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، فهل يستمر هذا النفوذ أم يتراجع أم يختفى تماما؟

المؤشر الثانى: هو حجم الاختراق الاستخبارى لكل طرف من الأطراف، من الذى تمكن من تسجيل عمليات نوعية أكثر، وأظن أن إجابة هذا السؤال تصب للأسف فى صالح إسرائيل تماما.

أحد المؤشرات المهمة فى حساب النتائج هو النظر إلى تحقيق الأهداف التى رفعها كل طرف..

أول هدف أعلنته إسرائيل هو القضاء على البرنامج النووى الإيرانى، وقد وجهت بالفعل ضربات موجعة للمنشآت، ثم جاءت ضربة «مطرقة منتصف الليل» الأمريكية ضد المنشآت قبل ساعات من وقف إطلاق النار.

ترامب قال إنه تم تدمير البرنامج، ونتنياهو قال وجهنا له ضربات موجعة، وإيران تقول إن البرنامج ما يزال كما هو، وكل ما حدث هو تدمير للمبانى والمقرات والهياكل، وليس للبرنامج نفسه.

السؤال المحورى هنا هو: هل ستتمكن إيران من استئناف البرنامج، وبأى نسبة تخصيب، وهل ستتمكن من تصنيع قنبلة نووية من الـ 400 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب، فى حين أن نتنياهو هدد بتوجيه ضربات لهذا البرنامج لو استأنفت إيران العمل فيه؟!

من الأهداف أيضا أن إسرائيل أرادت القضاء على البرنامج الصاروخى الإيرانى. ومن الواضح طبقا للوقائع أن إيران ظلت تقصف إسرائيل بالصواريخ حتى آخر دقيقة قبل وقف إطلاق النار.

لكن الحقيقة سوف تتضح أكثر حينما نعرف ما هو حجم ما تبقى من صواريخ لدى إيران، وكذلك القدرة على تصنيعها.

لو أن إيران هى التى تصنع هذه الصوريخ بشكل كامل، فسوف يكون ذلك خبرا سيئا لإسرائيل، لأن تجربة الـ12 يوما أثبتت أن إيران قادرة على إيذاء إسرائيل بصورة كبيرة.

فى الأيام المقبلة سوف نرى جمهور كل طرف يحتفل بالانتصار، وهذا أمر طبيعى خصوصا عند الجمهور الأكثر ولاء لإيران أو لإسرائيل، لكن مرة أخرى فإن الإجابة الحقيقية عن سؤال من الذى انتصر لن تكون سهلة، والأهم أنها سوف تستغرق وقتا حتى تتجسد فى صورة نتائج سياسية على الأرض.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved