الكف
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 25 يوليه 2025 - 9:49 م
بتوقيت القاهرة
فى النصف الثانى من الثمانينيات انتشر فى السينما المصرية عدد من الأفلام تتحدث أغلبها عن الظواهر الخفية فى حياتنا اليومية، ومنها قراءة الكف والفنجان ومس الجن، وأيضا حالات التقمص وذلك بعد النجاح الملحوظ لمثل هذه الظاهرة قبل عشر سنوات فى السينما الأمريكية، وما إن انتهت هذه الظاهرة فى هوليوود حتى شاهدنا أفلاما عديدة منها الإنس والجن، بصمات فوق الماء، والتعويذة، وكابوس، وأيضا فيلم الكف.
وبالمصادفة فإننى فى تلك الفترة تعرفت على مذيع هندى فى برامج المواجهات بالإذاعة المصرية تصادقنا وطلب منى ذات يوم أن يقرأ كفى، وقبل أن يفعل راح يقرأ دباجة يحفظها جيدا عن علم الكف، وقال إن العلماء قد توصلوا إلى هذا العلم من خلال قراءة كفوف الأحياء ثم ربط علامات راحة اليد بمصائرهم عقب وفاتهم، وطوال التاريخ تأسس هذا العلم رغم أن القرآن الكريم يرى أن المنجمين كاذبون، ولم يقل لى هذا الصديق شيئا مهما عدا أن خط العمر طويل، وأنا الآن فى عقد السبعينيات وأعتقد أنه بالفعل مرحلة طويلة.
فى تلك الفترة وفى عام 1985 عرض فيلم الكف تأليف أحمد عبدالرحمن وإخراج محمد حسيب، الذى كان يعمل بكثرة فى تلك الفترة والفيلم من بطولة فريد شوقى ومديحة يسرى وفاروق الفيشاوى وآثار الحكيم، وهو يعرض بكثرة ملحوظة فى القنوات الفضائية، وبعد أن شاهدته للمرة الأولى والوحيدة بدأت أتجنب إعادة المشاهدة، حتى لا أقع بين حبائل التكذيب أو التصديق وهى نفس الحبائل التى يعزف عليها الفيلم.
المستشار السابق مختار يموت له ولداه الأكبر بعد عقد قران كل منهما ويتذكر من خلال صديق له ما ردده يوما أحد السعاة فى مكتبه بأنه سوف يفقد أبناءه الثلاثة عقب عقد قران كل منهم، إذا ومع بداية الفيلم لم يبق لهذا الأب سوى ابن واحد هو الدكتور عمر الذى حصل على شهادة عليا فى إحدى جامعات هولندا، وعندما عاد إلى القاهرة التقى بسهام العائدة من الولايات المتحدة وسرعان ما ينجذب كل منهما إلى الآخر ويدخلان فى مشروع خطبة وزواج وهنا يقف الأب أمام ذلك الارتباط بقوة، ويبدأ فى البحث عن العراف الذى أخبره بالأمر منذ نيف وعشرين عاما، ويعرف أنه مات إذا فليست هناك فرصة كى يتأكد أن النبوءة قد تنطبق على ابنه الثالث.
وسرعان ما يعرف والد الفتاة ومن أجل مصلحة ابنته يرفض هذا الارتباط، وتبدو الفتاة هنا ذات شأن قوى غير مؤمنة بهذا العلم أو تلك الظاهرة وتحث حبيبها أن يأخذ قراره بالزواج وأن يسافرا إلى هولندا، وأمام كافة الآراء فإن عقد القران يتم توقيعه ويركب العروسان طائرة لقضاء شهر العسل إلا أن المحركات يصيبها عطل وتصدم الطائرة بالأرض وينقل العريس إلى المستشفى ولكن الموت لا يأتى الآن أى إن النبوءة قد كذبت وأن الأبوين قد فازا بحياة ابنهما الثالث أى إننا أمام نهاية سعيدة وسط الكثير من مآسى الأقدار.
إذا فنحن أمام فيلم يحدثنا عن ظاهرة موجودة طوال الضهر وها هى السينما تقدمها على طريقتها، وليس هناك تفسير أن يعيش الابن إلا لسبب واحد هو إسعاد الجماهير.
بالطبع فإن أغلب الأفلام التى عرضت فى تلك السنوات أكدت كلها أن هناك ظواهر خفية فى حياتنا الإنسانية وأنها ليست كاذبة ومن هذه الأفلام ما ذكرناه سابقا وغيرها، وهناك أيضا أفلام أجنبية تناولت هذا الموضوع مثل طائر الأرواح الشريرة، والنذير، وأودرى روز.
الغريب أن كل الأفلام الأجنبية التى شاهدناها مأخوذة عن روايات أمريكية كتبها أدباء لهم قراء كثيرون أما السينما المصرية فإنها لم تتعامل قط مع أى نصوص أدبية وكما نرى فإن تلك الأفلام وغيرها مكتوبة من قِبل كُتاب سيناريو محترفين.