كيف تتعامل الصحافة مع وفيات المشاهير؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
هل يحق للصحافة وسائر وسائل الإعلام أن تنقل ما يدور أثناء دفن الشخصيات المشهورة وخلال سرادقات العزاء ؟
الإجابة هى: نعم، لكن وفق شروط وقواعد المهنة وكل شروط تنظيمية أخرى.
أمس الأول الأحد تم دفن الملحن الشاب محمد رحيم، وأثناء عملية الدفن حاولت زوجته دخول المقبرة.
أحد الزملاء الصحفيين قام بتصوير فيديو لما حدث وقيل إن الزوجة صرخت بقولها أثناء عملية إبعادها من قبل أقارب زوجها، «موتوه»، وبالطبع نعرف أن أشقاءه قالوا إن وفاته طبيعية، وإن سبب الوفاة هو كهرباء زائدة فى القلب.
غالبية تعليقات القراء على هذا الخبر اتجهت إلى لوم من قام بالنشر وبث الفيديو ، الذى يظهر ما يبدو أنه مشاجرة بين الزوجة وأشقاء الملحن الراحل.
غالبية التعليقات تقول إن مثل هذه الأخبار مسيئة للراحل ولأسرته ولا تحترم ولا تقدر حرمة الموتى.
الإجابة التى قد تصدم البعض فى هذا الصدد هى أن وظيفة الصحافة هى نقل الأخبار سواء كانت جيدة أم سيئة.
ولا يمكن تصور حصر وظيفة الصحافة والإعلام فى نقل الأخبار الجيدة واللذيذة التى تخص المشاهير فقط والتغافل عن الأخبار السيئة.
بل إن الدرس الأول فى كلية الإعلام كان يقول إن الكلب حينما يعض رجلا فهذا ليس خبرا لأنه أمر عادى، أما الخبر فهو أن يعض الإنسان كلبا!
طبعا المثال مبالغ فيه، لكنه يظهر أن الناس عموما أى القراء والمشاهدين لا يكترثون كثيرا للأخبار العادية، لكنهم يفضلون دائما الأخبار الإسبايسى، أو الحراقة أو الغريبة.
السؤال مرة أخرى هل حينما يتشاجر أهل نجم مشهور أمام المقابر، وتقوم الصحافة بنشر ذلك، هل ذلك يخدش حرمة الموتى؟!
الامر فعلا مزعج لكن ظنى أن الإجابة هى لا. ما هى المشكلة أن يتم نشر خبر خناقة بين زوجة نجم مشهور وعائلته؟!
انتهاك حرمة الموتى، حينما تقوم الصحافة بتصوير جثة ميت، وهو ما حدث قبل عقود حينما قامت صحيفة بنشر جثمان الرئيس الأسبق أنور السادات رحمه الله قبل دفنه.
إذا كان المشاهير يحرصون على نشر أخبارهم وصورهم فى كل أوقاتهم الطيبة مثل وجودهم على «السجادة الحمراء» فى المهرجانات الفنية المختلفة، فمن حق الجمهور الذى يلاحق أخبارهم أن يعرف أيضا أخبارهم السيئة. هذا هو ما يحدث فى كل بلدان العالم فيما يخص المشاهير.
ولدنيا أمثلة حية من الدول التى تتمتع بحريات صحافة كاملة مثل أمريكا وبريطانيا لدرجة تصل إلى قيام المصورين بمطاردة النجوم لاقتناص صورة لهم.
ليس من حق المصور أن يقتحم بيت النجم أو الشخصية المشهوة ويلتقط له صورة، وليس من حق الصحفى أن ينشر صورا لآحاد الناس من دون إذنه، لكن من حق الصحفى أن ينشر أخبارا وصورا للشخصيات العامة فى أى مكان عام، ما لم تكن هناك قواعد منظمة تمنع دخول الصحفيين مثلا.
قبل أيام حضرت عزاء الفنان الكبير مصطفى فهمى رحمه الله، وحزنت كثيرا أن بعض الزملاء المصورين يحاصرون النجوم الداخلة إلى سرادق العزاء بصورة منفلتة وغير حضارية بالمرة.
بل إن بعضا من هؤلاء حاصروا سيارة الفنان محمد رمضان وعطلوا نزوله من السيارة لدقائق، قبل أن يتمكن حراسه من تأمين ممر آمن له لكى يدخل إلى سرادق العزاء فى مسجد عمر مكرم.
هذا أمر مسىء للصحافة وللمهنة. وعرفت من زملاء أن غالبية من فعلوا ذلك ليسوا صحفيين، بل أصحاب صفحات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعى يحاولون وضع كل ما هو مثير لزيادة «اللايكات والشير».
هنا فى مثل هذا المثال ينبغى على الإعلاميين احترام القواعد التنظيمية التى تضعها أسر الراحلين أو حتى فى الأفراح. ويمكن مثلا أن يقف المصورون فى مكان معين لممارسة عملهم من دون التسبب فى الفوضى وقد رأينا محاولة لفعل ذلك بين نقابة الصحفيين والنقابات الفنية.
مرة أخرى أقدر تماما مشاعر أهالى المشاهير حين وفاتهم، وحرصهم على أن تظل صورة النجم وعائلته فى أبهى صورة. لكن من ناحية أخرى فإن وظيفة الصحافة هى نقل كل أنواع الأخبار الجيد منها والسيئ. لو كانت الصحافة تنقل الأخبار الجيدة فقط، ما كان الناس ليقرءوها أو يشاهدوها.