نتنياهو وإعادة احتلال غزة
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 26 فبراير 2024 - 6:35 م
بتوقيت القاهرة
يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى استمرار سياسة فرض الأمر الواقع، والتعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم أهدافا مشروعة للقتل والتهجير القسرى، بل والإبادة الجماعية، فى ظل غياب أى ضغط حقيقى على حكومته اليمينية المتطرفة لوقف المذابح بحق الفلسطينيين العزل فى قطاع غزة، ومع تهديد قوات الاحتلال بشن هجوم واسع النطاق على النازحين إلى رفح بحثا عن ملاذٍ أقل خطرا.
وتحت إلحاح من الإدارة الأمريكية، الشريك الكامل فى جرائم الحرب الإسرائيلية، تشجيعا وتمويلا، قدم نتنياهو إلى مجلس الحرب فى حكومته، خطة اليوم التالى لانتهاء العدوان على غزة، التى تقوم على إعادة احتلال قطاع غزة، وإطلاق يد الجيش الإسرائيلى فى الجوانب الأمنية بلا أمد زمنى محدد ضمن السعى لـ«قبر القضية الفلسطينية»، والقضاء على الشعب الفلسطينى، كما يتوهم.
خطة نتنياهو التى نشرتها وسائل الإعلام العبرية، تقوم أيضا على استمرار العدوان حتى يتم الإجهاز على القدرات العسكرية والبنية التحتية لحركتى حماس والجهاد الإسلامى، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة، ومنع إمكانية أن يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل فى المستقبل، وفق ما جاء فى تلك الخطة.
لكن ما هو شكل إدارة القطاع وفق هذه الخطة؟، لقد لجأ نتنياهو إلى الغموض المتعمد بحديث عن إدارة يتولاها مسئولون محليون لا علاقة لهم بما أسماه «الدول والكيانات التى تدعم الإرهاب».
ولأنه تجاهل ذكر أى دور للسلطة الفلسطينية فى إدارة القطاع كان منطقيا أن تسارع الخارجية الفلسطينية برفض تلك الخطة، باعتبارها «اعترافا رسميا بإعادة احتلال قطاع غزة وفرض السيطرة الإسرائيلية عليه» فضلا عن كونها «خطة لإطالة أمد حرب الإبادة على الشعب الفلسطينى، ومحاولة لكسب المزيد من الوقت لتنفيذ مخطط التهجير»، بينما اعتبرتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «مجرد أضغاث أحلام».
خطة نتنياهو لا تقف عند هذا الحد بل تتمادى فى التعنت بوضع بند يتضمن للعمل على حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأنروا» فى قطاع غزة واستبدالها بوكالات إغاثة دولية أخرى، وأن أية عملية إعادة إعمار لن تتم إلا بعد نزع سلاح المقاومة، وتنفيذ «خطة تربية» لمواجهة «التطرف فى التعليم» والقضاء على ثقافة الكراهية لإسرائيل!!، وأنظر من يتكلم عن الكراهية؟!
وعن خطة نتنياهو والتى تتضمن فى جوهرها إعادة احتلال قطاع غزة قال وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، خلال مؤتمر صحفى فى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس غداة إعلان تلك الخطة إنه «لم يطلع عليها» لكنه: «ينبغى ألا يحصل احتلال إسرائيلى جديد لغزة ويجب عدم تقليص أراضى غزة».
بلينكن الذى لا يكف عن زيارة المنطقة منذ 7 أكتوبر الماضى، وانخراطه الدائم فى دعم إسرائيل، أشار إلى أن «دولا عديدة فى المنطقة تعمل معًا على خطة لمرحلة ما بعد الحرب فى غزة»، وأنه ناقش الأمر مؤخرًا مع «شركاء عرب» على هامش اجتماع مجموعة العشرين فى البرازيل ومؤتمر ميونيخ للأمن، فى محاولة للإيحاء أن هؤلاء الشركاء مطلعون على ما يدور فى رأس الحكومة الإسرائيلية من خطط رغم إعلان رفضهم رسميا لكل تلك المخططات!.
خطورة ما يطرحه نتنياهو، ليس فى إعادة احتلال قطاع غزة فقط، بل فى غياب الرادع لوقف مخططات اليمين الإسرائيلى فى تهجير سكان قطاع غزة، وبما يهدد الأمن القومى المصرى فى الصميم، وهو ما تخشاه مصر التى عبرت عن رفضها له فى أكثر من محفل، مع مواصلة الدعوة للوقف الفورى لإطلاق النار.
وفى المرافعة المصرية التى قدمتها الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية أمام محكمة العدل الدولية، بدا جليا مدى انتهاك إسرائيل للقانون الدولى من خلال أوامر الإخلاء بالقوة للسكان الفلسطينيين فى غزة، وهو ما يعد بمثابة «تطهير عرقى»؛ لأن مواد القانون الدولى «لا تمنع فقط ترحيل السكان، بل تشدد على أن التهجير القسرى أمر مرفوض».
لكن القانون الدولى، للأسف، يقف، حتى الآن، عاجزا عن ردع نتنياهو، ومنع تل أبيب من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، فى ظل الدعم الغربى، و«الفيتو» الأمريكى المشهر دائما لصالح إسرائيل.