زوجة بالنيابة
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 26 مارس 2021 - 9:35 م
بتوقيت القاهرة
أجمل ما فى سينما الأربعينيات هى قصة الحب العظيمة التى جمعت بين المخرجين والنجمات الشهيرات مثلما حدث مع محمود ذو الفقار وعزيزة أمير ونيازى مصطفى وكوكا، وحسين فوزى ونعيمة عاكف، وأنور وجدى وليلى مراد، إلا أن أجمل هذه القصص على الإطلاق التى ربطت بين أحمد جلال ومارى كوينى، فعلى الرغم من أن المخرج الزوج قد مات عام 1947فإن الزوجة ظلت مخلصة لزوجها وفنها لأكثر من 60 عاما.. كان أحمد جلال حالة خاصة بدأ صحافيا مثقفا ثم عمل فى دار الهلال، وتعاون مع كل من آسيا ومارى كوينى التى تزوجها وأخرج لها مجموعة كبيرة من الأفلام خاصة بعد أن استقل معها فى العمل وأسسا استوديو جلال سنة 1936 خاصة فيلم زوجة بالنيابة حيث كانت البطلة الرئيسية هى آسيا والثانية مارى كوينى ونلاحظ أن جلال كان يؤلف قصصا ينتجها ويخرجها مع المجموع وفى هذا الفيلم رأيناه يجسد دور الشرير، أما آسيا فقد قامت بتجسيد شخصيتين هما فتاة لبنانية تهرب من الريف اللبنانى إلى مصر حتى لا تتزوج برجل تريده أسرتها وتتسلل إلى السفينة وتشاهد جريمة قتل امرأة تشبهها تدعى أمينة هانم وتدور مطاردات بين القاتل والفتاة التى وجدت زوج أمينة هانم ينتظرها فى ميناء الإسكندرية ويتعامل معها على أنها زوجته التى كانت على سفر لمدة عام فلما رجعت صار عليه أن يقتنع بالتغيرات التى حدثت لها. أم فيما يتعلق بالباحث فيتمثل فيما ردده كوهين تاجر المجوهرات فى حواره مع أمينة قبل قتلها فنجده يقول لها إنه امتلك تراثا شعبيا تكون على مدى مئات السين خاصة المجوهرات، وصارت ملكا له.. وهو ما يعنى أن الثقافة المصرية كانت تعى تماما ما يفعله أمثال كوهين بالنسبة للحضارة أو التراث الإنسانى فقد كان كوهين رجلا طيبا أمينا يعرف تماما كيف يتعامل مع الزبون فهو يمنح أمينة زوجة الثرى ما لديه من كنوز ثمينة لتختبرها أمام المرآة ثم تعيدها إليه أى أن الأمانة لدى كوهين هى جزء من حياتها وثروتها وحسب أحداث الفيلم فإن أمينة تموت مقتولة على يد قاتل محترف وتكون الفتاة اللبنانية شاهدة على الجريمة وسرعان ما ترتدى ملابس القتيلة وتبلغ كوهين أنها ارسلت المجوهرات مع القاتل عدنان.
وعندما تصل إلى الإسكندرية تبدأ حياة جديدة مع زوجها فى بيت مع رجل ثرى يتقبل كل ما يفعله بحب ومرونة باعتبار أن الزوجة بالنيابة غريبة تماما عن الزوجة القتيلة أما عدنان فإنه يطارد المرأة ويبتزها بالحصول على مبالغ كبيرة وهو عشيق لفتاة صغيرة جسدتها فى أعماله مارى كوينى..
وفى الحياة تزوج أحمد جلال من مارى كوينى وكان أول ما فعله أن صارت زوجته هى بطلة أعماله واتجهت آسيا للإنتاج بمفردها واكتشفت مخرجا مهما هو بركات بما أن الزواج كان دورا فنيا وحياتيا فقد أنجب الزوجان ابنهما نادر جلال وأخرج لها أفلاما عديدة منها: رويا، ماجدة، رباب، أى أن التحول كان مرحلة مهمة فى هذه القصة الجميلة.. العشق الإنسانى السينمائى حسب قصة فيلم زوجة بالنيابة فإن عدنان لم يقع فى حب أمينة ولكنه كان على ارتباط بعاشقته أى أن الحدوتة التى يكتبها أحمد جلال لا تضع أى قصة حب على الشاشة بين الخالة آسيا وبين البطل وقد حدث هذا أيضا فى أفلام أخرى مثل عيون ساحر والبنكنوت وبنت الباشا أى أن مارى كوينى لم يكن لها ان تحصل على البطولة المطلقة إلا بعد أن انفصلت عن خالتها وصارت نجمة مصر الأولى كما كانت تسمى فى إعلانات الأفلام طوال الأربعينيات وهى التى توقفت عن التمثيل عام 1953 وتفرغت للإنتاج وساعدت ابنها فى سنواته الأولى كمخرج.. إذا عدنا للفيلم فنجد أن الفتاة اللبنانية التى تقمصت شخصية أمينة هانم بدت متعلقة بالفضيلة لفترة طويلة فها هى تمنع زوجها أن يمسها كما أنها لا تبوح بسرها لأحد وتتعقد الأحداث حتى تموت مقتولة على يد عدنان بنفس الطريقة التى ماتت بها أمينة هانم فى السفينة، أى أن السينما لا تقبل أن تسامح صاحبها نفس هذا السلوك وعلى الرغم من أن أجواء الفيلم توحى بأننا أمام عمل بوليسى فإن القيمة الاجتماعية تسود الفيلم خاصة أن شخصية الزوج بالغة الطيبة فهو عاشق لزوجته ولم يكتشف قط ان المرأة التى استقبلها فى الميناء هى زوجة بالنيابة فقد عاشت معه متباعدة عنه لكنها لم تستغله ماديا.
هذا الفيلم فى حاجه إلى إعادة مشاهدة للتعرف على عالم هذه الأسرة الغنى العواطف والفن.. والإخلاص المتناهى.