لا تسوية بين مدمّرى إسرائيل والمدافعين عنها.. حان وقت العصيان المدنى
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 26 يوليه 2025 - 7:30 م
بتوقيت القاهرة
إن إسرائيل التى أُعلنت فى وثيقة الاستقلال، والتى تمثل جوهر الرؤية الصهيونية، تنهار أمام أعيننا. وحالة الطوارئ التى نعيشها اليوم تتطلب يقظة وطنية شاملة فى ظل 5 أسئلة مصيرية: ما الذى يحدث لنا؟ مَن المسئول؟ ما الفعل المطلوب، هدفه ونتيجته؟ مَن هو الذى يجب أن يطلق هذا الفعل ويقوده؟ ومَن الذى يجب عليه أن ينهض لتحقيقه؟
الإجابة عن السؤال الأول: يدرك المواطنون، فى أغلبيتهم الساحقة، تمامًا ما الذى يحدث. لدينا شعب رائع وجيش حقق إنجازات باهرة فى مواجهة حزب الله وإيران وسوريا. لكننا عالقون فى «حرب خداع» فى غزة. الدماء تسيل، والعائلات ورجال الأعمال من جنود الاحتياط ينهارون، وفى المقابل، يحتفل المتهربون من الخدمة العسكرية بانتصارهم. ويسير الانقلاب القضائى وسحق حراس البوابة بسرعة. المخطوفون متروكون على مذبح بقاء السلطة التى أفشلت محاولات تحريرهم مرارًا. بالنسبة إلى هذه السلطة، من المهم أن تستمر الحرب، لأن نهايتها ستكون يوم حساب للحكومة، ومحاكمة سريعة، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وعزلًا مشينًا.
مَن المسئول؟ المسئول الحكومة ورئيسها. قيادة عديمة المسئولية تتأرجح ما بين الرؤية المسيانية لإيتمار بن غفير وبِتسلئيل سموتريتش، وجشع الحريديم، والمصالح الشخصية لبنيامين نتنياهو الغارق فى الفضائح. فمن أجل الدفاع عن بقائه، يسعى لتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية، من خلال تعيين «أشخاص مطيعين» فى رئاسة الشاباك ومنصب المستشار القانونى للحكومة، وإخضاع المحكمة العليا. لم يعد هناك ما لا يمكن تصوُّره، بما فى ذلك إلغاء الانتخابات الحرة وظهور ميليشيات يمينية مسلحة. إن اللحظة الدستورية حلّت فعلًا. كنا نردد منذ طفولتنا: «شعب إسرائيل حى»! واليوم، هناك مَن يضيف: «حى فى فيلم خيالى».
ماذا يجب أن نفعل؟ لا يمكن التوصل إلى تسوية بين مدمّرى إسرائيل والمدافعين عنها. ما من شيء مقدس عندما ينهار الحصن، ولا حتى إجازات المحاكم والكنيست. يجب أن يستمر التحقيق فى قضايا فساد نتنياهو على مدى خمسة أيام فى الأسبوع. يجب على الكنيست مواصلة عمله والتوصل إلى قرارات، بينما يعانى المخطوفون فى الأنفاق، وكلّ يوم قد يكون يومهم الأخير، وتتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة فى العالم، حيث فقدت الأغلبية ثقتها بالحكومة ورئيسها. الاستسلام ممنوع، يجب إسقاط الحكومة الآن. مَن يتردد فى إلغاء العطل قد يجد بعدها أن ديمقراطيتنا أصبحت جثة.
ما الفعل الوحيد القادر على إنقاذ إسرائيل؟ أنه العصيان المدنى اللا عنفى. والإضراب الشامل فى الدولة حتى استقالة الحكومة، أو رئيسها. فقط عندما تتوقف إسرائيل عن العمل تمامًا، ستُلغى الإجازات، وسترضخ الحكومة لإرادة الشعب، وتفسح المجال لحكومة أفضل.
مَن يجب أن يقود هذا المسار؟ قيادة الدولة! رئيس الدولة، قادة المعارضة، الهستدروت (اتحاد العمال)، قادة قطاع التكنولوجيا، رجال الأعمال، الأكاديميون، رجال القانون، رؤساء جهاز التعليم والصحة، حركات الكيبوتسات والموشافيم، وطبعًا قادة الاحتجاجات.
إذا فشلنا، فسيهبط الظلام على إسرائيل، الذى يهدد هويتها وأمنها ووجودها. وستُحفر وصمة عار على جبين رئيس الحكومة ووزرائه إلى الأبد. لكن العار سيلحق أيضًا بكل مَن وقف جانبًا وصمت.
الوحيد القادر على النجاح فى ذلك هو الشعب. عندما يخرج مليون شخص إلى الشوارع، بعزيمة وإصرار، يمكنهم إسقاط الحكومة. يجب أن نكون كلنا معًا، وعلى مدار الساعة: فى الساحات، وفى المفترقات، وعلى الجسور، ويجب الجلوس على الطرقات، فى قوافل السيارات، وفى المسيرات، حتى يُطرَد رئيس الحكومة وحكومته، ويذهبون إلى منازلهم.
وأكرّر تحذيرى: المطلوب عصيان مدنى الآن، فبعد العطلة سيكون قد فات الأوان.
إيهود باراك
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية