فى لبنان تم الاختيار.. استمرار الصراع
العالم يفكر
آخر تحديث:
الإثنين 26 أغسطس 2013 - 1:41 م
بتوقيت القاهرة
كتب هيكو ويمن الزميل بالمعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية تحليلا للصراع السياسى الذى يسيطر على المشهد اللبنانى الحالى والذى يغفل فيه السياسيون الآثار الكارثية التى ستصيب المواطن اللبنانى من جراء هذا الصراع. نشر التحليل تحت عنوان «على حافة الهاوية» على الموقع الإلكترونى لمؤسسة كارنيجى لدراسات وأبحاث السلام فى الشرق الأوسط.
يقول الباحث إن المالية العامة اللبنانية قد تنهار فى ظل الوضع الحالى، فالحكومة من المرجح أنها ستعجز عن صرف رواتب العاملين بها فى نهاية شهر أغسطس الحالى، وسيكون نتيجة ذلك حرمان حوالى خمس سكان لبنان تقريبا من دخولهم.
هذه الأزمة الاقتصادية ما هى إلا نتيجة لاستخفاف السياسيين بمخاوف المواطنين ومطالبهم، فكان من المفترض أن ينعقد مجلس الحكومة ومجلس النواب من أجل صرف المبالغ اللازمة لدفع رواتب العاملين بالقطاع الحكومى، لكن كانت هناك حالة من تضارب المصالح عطلت هذا الأمر؛ ففريق 8 آزار المعروف بموالاته للنظام السورى ولإيران يستمر فى تعطيل الحكومة الحالية من الانعقاد ويرفض تشكيل حكومة جديدة، وكان رد فريق 14 آزار الموالى للسعودية والإمارات أن قام بمقاطعة جلسات مجلس النواب.
●●●
تعتبر الأزمة السورية من أهم محددات الصراع فى لبنان، فطرفى الصراع اللبنانى منغمسان بالكامل فى الأزمة السورية. فحزب الله لن يسمح بإنهيار النظام السورى، لأنه لو إنهار سيجر معه المشروع الإيديولوجى لحزب الله ولراعيته إيران. فى الجهة الأخرى نجد نفس الشىء فآل الحريرى وتيار المستقبل يخسران العديد من أنصارهما الذين يتحولون نحو الجماعات المتشددة والشيوخ السنة المتطرفون، وكلما أشتد النزاع فى سوريا ظهر المسلحون المتطرفون فى الشارع اللبنانى السنى أكثر وأكثر.
وعلى هذا الأساس يواجه تيار المستقبل خطر التهميش أو الدخول فى مواجهة مع حزب الله سيخسر فيها تيار المستقبل كما خسر فى مايو 2008 خسارة موجعة أمام نفس الغريم. وهكذا يعتقد تيار المستقبل أن انتصار الثورة فى سوريا هو الحل الوحيد لإرساء توازن مع حزب الله، فسعوا لتقوية جبهة المعارضة السورية عن طريق دعمها وإمدادها بالسلاح.
●●●
يرى الكاتب أن الضحية الأولى لتلك الأزمة اللبنانية هى الحكومة التى تعرضت لضغوط عديدة، ثم تبع الحكومة مجلس النواب. فبعد أن فشل التوصل إلى صيغة توافقية يتم عمل الانتخابات النيابية عن طريقها، قام النواب بكل بساطة بتأجيل الانتخابات التشريعية وإمداد ولايتهم لمدة 17 شهرا إضافيا. وهنا أثير العديد من التساؤلات حول قدرة هذا المجلس المشكوك فى شرعيته والمنقسم على ذاته فى انتخاب رئيس جديد يخلف الرئيس ميشال سليمان الذى ستنتهى ولايته فى مايو 2014.
وهنا كذلك نجد حزب الله وقد طالب باستقالة الرئيس سليمان على خلفية انتقاده للمقاومة وتصريحه بأن «المقاومة التى تجر لبنان إلى النزاع السورى، تفقد علة وجودها». ولم يستثن الجيش من آثار تلك الأزمة، فبسبب الشلل الذى أصاب الحكومة، أصبحت عاجزة عن اختيار قيادات أمنية جديدة تحل محل من بلغ منهم سن المعاش، فكانت النتيجة أن تم إرجاء تقاعد قائد الجيش العماد جان قهوجى، وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان.
وبالطبع لم يعجب هذا القرار الجميع، فهناك على الساحة من تتعارض مصالحه مع هذا الأمر. فنجد التيار الوطنى الحر بقيادة ميشال عون من أشد المعارضين لكافة أشكال التمديدات وتأجيل التعيينات الجديدة. السبب وراء ذلك أن تقاعد قائد الجيش سيفسح المجال أمام العميد شامل روكز صهر ميشال عون ليكون قائد الجيش الجديد.
وحيث إن قيادة الجيش تمثل إضافة كبيرة بالنسبة لمن يريد الترشح لرئاسة الجمهورية فى لبنان، فإن تقاعد قائد الجيش الحالى من منصبه قبل تسعة أشهر من الانتخابات الرئاسية من شأنه أن يضعف فرصته أمام ميشال عون الذى يريد الرئاسة لنفسه. كما أن هذه هى الفرصة الأخيرة لميشيل عون حيث انه قد بلغ الثمانين من عمره، وهذا سبب كاف لمعارضة التمديدات من الأساس خشية أن يتم التمديد لرئيس الجمهورية الحالى هو أيضا.
●●●
وسط كل تلك الصراعات التى تسيطر على المشهد اللبنانى نجد الجيش ينتشر بصورة كبيرة فى منطقة طرابلس لوأد حرب أهلية بين السنة والعلويين. فتلك المنطقة تعانى منذ فترة من عمليات اختطاف وتبادل إطلاق نيران ويدعم كل من أطراف الصراع فى الداخل اللبنانى أبناء طائفته فى الصراع السورى. والجيش اللبنانى عانى كثيرا فى الفترة الأخيرة فقد تعرضت وحداته المنتشرة فى مناطق التصارع إلى مرمى النيران العديد من المرات.
وهنا تظهر الخطورة، ففى ظل نخبة سياسية غير مسئولة وجيش منتشر على نطاق واسع ويعانى من أزمة تمويلية كبيرة، إذا تحول هذا الجيش إلى مجرد جدار عازل بين مسلحين يصرون على فرض «أمنهم الذاتى»، عندها سيكون الموضوع مسألة وقت قبل اندلاع المواجهات الكبرى.
إعداد/ أيمن طارق أبو العلا