عبور المحنة
عماد الغزالي
آخر تحديث:
الإثنين 26 ديسمبر 2011 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
أتصور أن أمامنا الآن فرصة للتهدئة ورأب ما تصدع من علاقة كانت مثالية فى الأيام الأولى للثورة، وحتى خلع الرئيس السابق ونظامه».
خلال عشرة أشهر حدثت أخطاء من كل الأطراف، من المجلس العسكرى والحكومة والقوى السياسية وشباب الثورة والنخبة والإعلام، لا أستثنى أحدا، حتى وصلنا إلى هذه الحال من الانقسام وسوء الظن.
ليس الآن وقت البكاء على اللبن المسكوب وادعاء البطولة بأثر رجعى، هذا وقت العمل لإنقاذ وطن ندفعه جميعا نحو الهاوية، ونتلهى بمصيره على شفا منحدر، وكل فرقة تظن أنها ناجية، وهو ظن يشبه «عشم إبليس فى الجنة».
الخطوة الأولى بدأت أمس بالإعلان عن تبكير تسليم السلطة، وإجراء انتخابات الشورى على مرحلتين فقط لتنتهى فى 22 فبراير المقبل، وأمام المجلس الاستشارى مقترحات عدة بتبكير انتخابات الرئاسة، عليه أن يدرسها بسرعة ويحصل على التوافق حولها من القوى السياسية المختلفة، ثم يعلن على الملأ ما انتهى إليه.
الخطوة الثانية هى الإعلان عن محاكمات عادلة للمتهمين فى أحداث مجلس الوزراء وقبلها أحداث ماسبيرو ومحمد محمود، سواء من المدنيين أو العسكريين، وكذلك كشف المتورطين فى المؤامرة التى أعلن عنها، والتى تستهدف إحداث فوضى شاملة فى البلاد فى الذكرى الأولى للثورة، هل أطمع أيضا فى تسريع محاكمات رؤوس النظام السابق وعلى رأسهم مبارك وولداه وكبار حاشيته.
الخطوة الثالثة هى الإعلان عن التعويضات التى تم ويتم صرفها لأسر الشهداء تفصيلا وبالأسماء، وكذلك تعويضات المصابين وكيفية علاجهم، أيضا بالتفصيل وبالأسماء.
أتمنى أيضا أن يدعو عقلاء المجلس الاستشارى للقاء يجمع شباب الثورة الحقيقيين بالمشير طنطاوى، فاستمرار الجفاء بين الطرفين لا يستفيد منه سوى «الطرف الثالث»، الذى لا أشك فى وجوده، والذى لعب الجميع لصالحه حتى صار أقوى أطراف المعادلة، والذى هو توليفة من بقايا النظام السابق وقيادات أمنية تم تسريحها وأخرى تعبث من وراء ستار، وقوى أجنبية وصهيونية يزعجها ان ينهض المصريون.
أتمنى أن يقدم الإخوان المسلمون باعتبارهم اللاعب الأقوى فى المعادلة السياسية، مبادرات عملية لإنقاذ ماتبقى من المرحلة الانتقالية، حتى لواضطروا لتقديم بعض التنازلات، سواء فيما يتعلق بتسريع انتقال السلطة أومعايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، ولاشك عندى أنهم ــ حرصا على الصالح العام ــ سيفعلون.
أتمنى من شباب الثورة أن يلفظوا من بينهم الفوضويين والبلطجية والمرتزقة، الذين اخترقوا صفوفهم وشوهوا صورتهم، وأحالوا كل مظاهرة أو اعتصام سلمى إلى مواجهة بين المتظاهرين والأمن، والذين لايميزون بين هدم الدولة ومعارضة النظام.
أتمنى من «نخبة الفضائيات وتويتر» والتى تظهر عقب كل مواجهة لتدين استخدام القوة فى فض الاعتصامات، أن تتحلى بالشجاعة ذاتها لتعلن أن إغلاق ميدان التحرير ومنع السيارات من المرور فيه وتفتيش العابرين إليه ليس اعتصاما سلميا، وقطع الطرق وتوقيف السكة الحديد ومهاجمة وزارة الداخلية وأقسام الشرطة بالمولوتوف ليس اعتصاما سلميا، ومنع رئيس الحكومة من دخول مكتبه حتى لو كنت ترفضه ليس اعتصاما سلميا، واقتحام سفارة دولة أجنبية ــ حتى لو كانت إسرائيل ــ ليس اعتصاما سلميا.
أمامنا فرصة انتقال هادئ للسلطة، فلاتضيعوها، وقانا الله وإياكم شر الفتنة.