المقال رقم مائة ... التفاتة إلى الخلف ... ونظرة للأمام
محمد زهران
آخر تحديث:
الأحد 28 يناير 2018 - 8:29 م
بتوقيت القاهرة
هذا هو المقال رقم مائة لكاتب هذه السطور في جريدة الشروق وقد وجدتها فرصة للنظر في المقالات السابقة ورد فعل الناس عليها وأحاول من ذلك رسم طريق لمستقبل هذه المقالات، الأصل عندما بدأت كتابة تلك المقالات أن تكون عن علمائنا الكبار في مصر وقد وضعت عدة معايير لإختيار من سأتكلم عنهم: أول معيار هو أن يكون هذا العالم قد عاش في المائة عام الماضية فنحن لا نريد أن نتكلم عن تاريخ بعيد بل تاريخ قريب مازلنا نلمس آثاره حتى الآن، المعيار الثاني أن يكون هذا العالم قد توفى وذلك منعاً للإحراج (أتكلم عنهم بصيغة المذكر ولكني أعني جميع العلماء رجالاً كانوا أو نساء)، المعيار الثالث ألا يكون هذا العالم معروفاً ومشهوراً لأن الغرض هو جعل الناس تنظر إلى هؤلاء النجوم الساطعة فإذا كان هذا العالم قد صدر عنه مسلسل تليفزيوني أو ظهر هو شخصياً في الصحف أو التليفزيون فهو معروف والضوء مسلط عليه، المعيار الرابع هو أن يجد كاتب هذه السطور معلومات كافية عن هذا العالم تكفي لكتابة مقال ويكون بالإمكان التأكد من صحة هذه المعلومات، وأخيراً وليس آخراً أن يكون هذا العالم قد ساهم بعلمه في تقدم البلاد سواء بالأبحاث العلمية أو التدريس أو الإدارة أو كل هذا بحيث يصلح كمثل أعلى لنا جميعاً فماذا تنتظر من دولة يكون مُثلها العليا من العلماء؟ وقد تحدثنا في مقال سابق عن أهمية قراءة سير العلماء.
كانت سير العلماء في مصر هي أصل هذه المقالات ثم رأى كاتب هذه السطور أن من المهم أن يعرف القارئ ولو قليلاً عن المجتمع العلمي والأكاديمي وعن التدريس والبحث العلمي فهذه هي الملاعب التي يبدع فيها هؤلاء العلماء الذين نتكلم عنهم ومن ثم كان النوع الثاني من المقالات عن هذا المجتمع العلمي وكيفية إنتقال العلم من عقول العلماء إلى قاعات الدرس ثم إلى الحياة العامة على صورة منتجات تكنولوجية أو أخبار ومقالات في الصحف أو استشارات علمية إلخ.
وقد كنت متخوفاً من هذا النوع الثاني من المقالات الذي قد لا يهتم به الناس بقدر إهتمامهم بسير العلماء أنفسهم ولكن كما سنرى بعد قليل كنت مخطئاً ... لحسن الحظ.
إذا نظرنا إلى أكثر عشر مقالات قراءة لكاتب هذه السطور لوجدنا خمسة منهم مقالات سير وتراجم العلماء (هنا وهنا وهنا وهنا وهنا) والخمسة الآخرين عن المجتمع العلمي والأكاديمي (هنا وهنا وهنا وهنا وهنا) وقد كانت هذه مفاجأة لي خاصة أن أكثر مقال قراءة كان عن الكتابة العلمية.
ما تدل عليه هذه الأرقام هو شيء يدعو للتفاؤل والأمل لأنه يعني أن القراء يرغبون أو يتمنون أن نبني مجتمعاً علمياً ويؤمنون أن هذا هو الطريق الصحيح للتقدم وأنهم يستلهمون القدوة والقدرة والأمل من سير هؤلاء العلماء المصريين الأفذاذ الذين تكلمنا وسنتكلم عنهم، أحب أن أكرر هنا ما قلته في عدة مقالات أن المجتمع العلمي لا يعني مجتمعاً من الحاصلين على شهادات عليا ولكن تعني مجتمعاً من الناس الذين يقرأون بوعي ويحللون ما يقرأون ويتخذون قراراتهم تبعاً للعقل وليس العاطفة، التفكير المنطقي والتخطيط هما جناحا التقدم ... هذا هو المجتمع العلمي في رأيي.
طبعاً عدد قراء هذه المقالات لا يقارن بعدد قراء المقالات التي تتحدث عن الرياضة أو السياسة ولكن مع ذلك فهي أرقام مبشرة ... فكرة خبيثة: ماذا لو جعلت عنوان المقال القادم "رسالة إلى محمد صلاح" أو "عن جول مجدي عبد الغني أتحدث" ... ثم أتكلم في المقال عن العلم وأهله؟!
هذه كانت إلتفاتة إلى الخلف ... فماذا عن الآتي؟
أولاً سنكمل ما بدأناه عن سير علماءنا الأفذاذ في المائة عام الأخيرة في مصر ولكن هنا أحب أن أوجه نداء لكل من يهتم بتأريخ الحقبة العلمية في مصر، كتابة مقال عن سيرة عالم من مصر عملية شاقة جداً لو كنتم تعلمون لندرة المعلومات المتوفرة، كنت أمزح مع صديق وأقول له أنه من السهل الحصول على مقاس حذاء السير إسحاق نيوتن عن الحصول على معلومات عن أبحاث وتواريخ تخرج العالم العبقري وأبو أبحاث الكيمياء في مصر الدكتور أحمد رياض تركي مثلاً، هذا نداء لكل من يهتم بالتاريخ العلمي المصري (المجمع العلمي المصري، مكتبة الإسكندرية، دار الوثائق، دار الكتب، ...) يجب أن نجمع ونوثق ونؤرخ تفاصيل حياة وإنجازات علمائنا ونقدم هذا هدية للأجيال القادمة...
كاتب هذه السطور كان يعتمد على مافي بطون بعض الكتب والإنترنت وبعض المجلات العلمية القديمة (مثلاً خطب التأبين لبعض العلماء في مجلة مجمع اللغة العربية) وبعد الاتصالات الشخصية لأسرة هذا العالم أو ذاك إن استطعت إليهم سبيلاً.
على الصعيد الآخرسنكمل حديثنا عن المجتمع العلمي وما يمكن أن نستفيده من الخارج وما نستلهمه من الداخل ... وأخيراً أحب أن أنوه أنني أقرأ جميع التعليقات عن المقالات (تلك التي لها علاقة بالمقالات طبعاً!) واستفيد من الملاحظات ...
نلقاكم في المقال رقم مائة وواحد.