انتخابات الصحفيين.. خدمات أم حريات؟
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 27 فبراير 2023 - 8:45 م
بتوقيت القاهرة
أيام تفصلنا عن الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين التى ستعقد الجمعة 3 مارس المقبل لإجراء انتخابات التجديد النصفى لمجلس النقابة، وانتخاب نقيب جديد خلفا للزميل ضياء رشوان الذى أنهى دورتين متتاليتين مدة كل واحدة عامان، وبالتالى، ووفقا للقانون، لا يحق له الترشح هذه المرة، ما اتاح لأسماء جديدة المنافسة على المقعد الأهم فى نقابة عريقة.
الانتخابات، وكما هى الحال فى مثل هذا الوقت كل عامين، تكون فرصة لرؤية الزملاء المرشحين، من يخوض منهم السباق لأول مرة أو يعيد الكرة للاحتفاظ بمقعده، وفرصة أيضا للاستماع إلى وجهات نظر واجتهادات الزملاء، مرشحين وناخبين، حول أوضاع المهنة والتحديات التى تواجه الصحفيين ونقابتهم فى ظل مناخ ضاغط على الجميع، يظهر فى صفحات وسطور الجرائد والمجلات المختلفة مثلما هو منعكس على المواقع الإلكترونية.
وحتى هذه اللحظة، ومن خلال رصدى لجولات عدد من الزملاء المرشحين على مقار المؤسسات الصحفية المختلفة، نحن بصدد دوافع متباينة لكل مرشح يعرض نفسه على جمعية عمومية متنوعة المشارب والتوجهات، فالبعض مسلح بدرجة من الوعى ويدرك دور عضو مجلس النقابة، وقيمة النقابة ذاتها فى الارتقاء بمهنة تواجه فترة صعبة، وهو يحاول أن يدلى بدلوه للتصدى لبعض المشكلات المتراكمة، وهؤلاء يتحدثون كثيرا عن قيم ومعايير غابت وحريات انتقصت، وهناك مرشحون يعرضون مساعدة الزملاء عبر وعود بخدمات قد تخفف أعباء الحياة فى ظل غلاء فاحش.
وباستثناء قلة «غاوية» شهرة وتخوض السباق للتعريف بنفسها، نكون أمام نوعين من المرشحين أحدهما يركز على قضايا الرأى والدفاع عن حرية التعبير، لمهنة لا تعيش ولا تزدهر إلا فى مناخ من الحرية، والنوع الثانى من المرشحين الذى يهتم بالخدمات، وهو يعلم أن الصحفيين، كما باقى أفراد الشعب المصرى، فى حاجة إلى الدعم والمساندة المادية بعد تدنى الأجور، والرزق الشحيح.
وكما هى العادة يحتدم النقاش بين الناخبين، الواعين بالأساس، حول أولوية الاختيار، البعض يفضل الواقع المادى الملموس فيسرع وراء الخدمة، والبعض الآخر يحاول أن يكون صوت القضايا النقابية والمهنية حاضرا وواضحا فى مجلس النقابة، ليس استغناء عن الخدمات لكن إدراكا بأن الحرية تكفل المنافسة واستعادة قارئ ملّ «الصوت الواحد»، وبما يكفل فتح أبواب جديدة للرزق وارتفاع الدخول.
ليس هناك عيب بين أن يفضل الزملاء مرشحى الخدمات، أو دعم المدافعين عن الحريات، لكن العيب أن تتم الاختيارات على أساس عمليات الحشد والتعبئة لهذا المرشح أو ذاك من بعض المؤسسات التى يحكمها عقل القبيلة أحيانا، و«الريموت كنترول»، للأسف، فى بعض الأحيان، فتتدفق الجموع، فى الساعات الأخيرة للتصويت بأوراق دوارة، تنتج مجالس نقابية هزيلة القدرة، وأعضاء جاءوا على متون الحافلات التى جلبت ناخبيهم، فيصبح منطقيا بعد نجاحهم أن يغلقوا هواتفهم ولا ترى وجوههم إلا فى الانتخابات التالية!
النوع الأخير من المرشحين يجب أن تتصدى له الجمعية العمومية، وأن تتحد الإرادات لاستبعادهم أو تقليل وجودهم فى المشهد، فبمثل هؤلاء ندفع أثمانا باهظة بعد أن جعلوا من مهنة الصحافة «فعل مجرم» تتعالى فيه المصادر على الصحفى، وتحجب عنه المعلومات، إلا فى شكل بيانات أحيانا تكون مليئة بالأخطاء التى لا يجد الصحفى من يصححها له، بينما يذوق الزملاء المصورون الأمرين لمزاولة عملهم، بعد أن بات استخدام الكاميرا بغير إذن جريمة.
وفى الأخير نريد أن تسفر الانتخابات عن اختيار نقيب ومجلس يكونان الأكثر تعبيرا عن مهنتنا ودفاعا عن حريتنا، مجلس لا تعود فى عهده الستائر أو الأكفان إلى واجهة النقابة تحت لافتة ترميم استغرق أربع سنوات، وهو زمن ربما لم يستغرقه إنشاء المبنى الحالى ذاته.