حرامى الدقيق .. وحرامى الحديد
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأربعاء 27 أبريل 2011 - 9:43 ص
بتوقيت القاهرة
إذا كان البلطجية يمثلون خطورة على الأمن العام هذه الأيام، فإن سارقى قوت الشعب والمتاجرين بالظروف الراهنة هم الأكثر خطورة ويستحقون وقفة عاجلة، والأهم يستحقون ردعا فوريا وعلنيا حتى يكونوا عبرة لغيرهم
حسنا فعلت الحكومة قبل أسابيع حينما أقرت مشروع قانون لمواجهة البلطجة تصل فيه العقوبة إلى الإعدام فى حال تسبب ترويع المواطنين فى الوفاة.
البلطجى أمره معروف للكافة، هو يؤذى شخصا أو مجموعة من الأشخاص ويفر بجريمته، لكن ماذا عن القاتل الذى يعيش بيننا ويسير فى الشوارع مبتسما، والقانون عنه غافل.
قبل أيام خرج بعض أهالى قرى بمحافظة أسيوط وقطعوا الطريق السريع احتجاجا على عدم توافر الخبز واستغلال أصحاب المخابز للظروف الراهنة.
لوهلة اعتقدت أن المحتجين يمارسون الرياضة المصرية المفضلة هذه الأيام وهى التظاهر والاعتصام، لكن عندما عرفت تفاصيل القصة تضامنت معهم وشعرت أنهم وأمثالهم يحتاجون دعما وتدخلا عاجلا من الحكومة والمجلس العسكرى حتى نضع حلا لكل المتاجرين بأقوات الشعب.
هؤلاء الاهالى «المساكين» فوجئوا أن أصحاب المخابز يأخذون حصتهم من الدقيق المدعم وبدلا من خبزها وتحويلها إلى أرغفة، يقومون ببيعها فى السوق السوداء لأصحاب المخابز الخاصة، وعندما ضاق الناس ذرعا بالأمر اضطروا إلى التظاهر.
ما فعله أصحاب المخابز هو لعبة قديمة يمارسها معظم أصحاب المخابز، لكن فى الماضى كان هؤلاء يبيعون جزءا من الدقيق للسوق السوداء ويخبزون الباقى للغلابة..
الآن ــ ومع الانفلات الأمنى وغياب الرقابة التموينية، واعتقاد الكثيرين خاصة ذوى الضمائر الميتة أن الأيام الحالية تمثل فرصة ذهبية للثراء السريع، فقد اندفع كثيرون إلى محاولة «حلب وسرقة» أموال الشعب بكل الطرق الممكنة.
ما يفعله أصحاب المخابز يكرره كثير من التجار فى سلع مختلفة، والنتيجة أن ما سيصل للمواطن العادى هو أن الثورة لم تحل مشاكله بل ساهمت فى تفاقمها.. فماذا سيفعل د.عصام شرف والمجلس العسكرى الحاكم فى هذه المشكلة؟.
إذا كنا قد نادينا بالردع والحسم مع البلطجية واللصوص والمسجلين خطر، ورحبنا بتغليظ العقوبات عليهم فمن باب أولى أن نناشد كل المسئولين أن يطبقوا قانون الطوارئ على كل تاجر ظالم يحاول استغلال الظروف الراهنة.
نحن نعيش أياما غير عادية، ونؤكد دائما على ضرورة تطبيق القانون حتى على الفاسدين، لكن هناك مواقف تحتاج رسالة محددة وسريعة وحاسمة إلى الذين يعيشون بيننا ويمتصون دماء فقرائنا.
ماذا نفعل لصاحب مخبز يبيع الآن الدقيق المدعم فى السوق السوداء أو يهرب الأرز عبر البحر أو يتاجر فى أنابيب الغاز أو يستغل بأى صورة من الصور الظروف الاستثنائية التى نعيشها؟!.
لا حل سوى اعتقال و«تشميع محله» ومحاكمته عسكريا أو طبقا لقانون الطوارئ. اذا كانت الحكومة جرمت المظاهرات الفئوية فالأحرى بها أن تحرم سارقى قوت الشعب.
للقوات المسلحة خبرة كبيرة فى الخدمات المدنية خصوصا إنتاج الخبز. يمكنها أن تفعل الكثير، وتبعث برسالة عاجلة إلى كل اللصوص.
لو أن فاسدا أو مستغلا واحدا تم اعتقاله ومحاكمته بسرعة وبعدالة، وفضحناه على الملأ وعبر شاشات التليفزيون وصفحات الصحف فإن زملاءه ومن يريدون السير على نهجه سوف يفكرون كثيرا.
نريد من الحكومة والمجلس العسكرى أن يظهروا «العين الحمرا» ضد حرامية قوت الشعب من أصغر حرامى للدقيق الى أكبر حرامى للحديد.