تداعيات قرارات الاتحاد الإفريقى بشأن الصحراء الغربية
العالم يفكر
آخر تحديث:
الإثنين 27 أغسطس 2018 - 9:45 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع ( Peace and Security Council ReportــISS Africa) تقريرا حول قرارات الاتحاد الإفريقى الأخيرة فى القمة الحادية والثلاثين والتى عقدت فى نواكشوط والتى تنص على دعم عمليات الأمم التحدة بشأن منطقة الصحراء الغربية.
فى القمة الحادية والثلاثين فى نواكشوط، قرر الاتحاد الإفريقى الحد من جهود السلام الخاصة به فى الصحراء الغربية من أجل دعم العمليات التى تقودها الأمم المتحدة. حيث سيكون هذا الدعم من خلال «ترويكا» لرؤساء الدول مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة فوز كبير للمغرب الذى يعتقد أن الجهود التى يقودها الاتحاد الإفريقى متحيزة. ومع ذلك، يمكن أن يشكل سابقة للدول الأخرى الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى التى تعارض تدخلات الاتحاد الإفريقى.
إن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقى والانتخابات اللاحقة لمجلس السلم والأمن الإفريقى فى يناير 2018 خلقت بعدا جديدا لنهج الاتحاد الإفريقى تجاه الأزمة فى الصحراء الغربية. فى الماضى وصف الاتحاد الإفريقى ذلك بقضية «إنهاء الاستعمار» وقبل الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كعضو. ولا يزال المغرب ينظر إلى هذه العضوية كدليل على أن المنظمة ليست محايدة. لقد اعترض المغرب فى كثير من الأحيان على الطريقة التى يستمر بها مجلس السلم والأمن ــ على مستوى السفراء فى أديس أبابا ــ فى المطالبة باستقلال الإقليم.
ويضيف التقرير أنه يمكن اعتبار قرار الاتحاد الإفريقى فى يوليو 2018 بدعم عمليات الأمم المتحدة بشكل كامل من أجل حل التوترات بين الدول الأعضاء انتصارا للمغرب. حيث ناشدت الجمعية أطراف النزاع استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة وبحسن نية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة. كما يتفق هذا القرار مع نتائج اجتماع الأمم المتحدة فى إبريل 2018 الذى حث الدول الأعضاء على دعم عملية السلام فى الأمم المتحدة، والتى تنطوى على مفاوضات بين الطرفين. وينظر البعض إلى قرار القمة الحادى والثلاثين حول الصحراء الغربية باعتباره حلا وسطا يحول دون تدهور العلاقة بين حلفاء المغرب ومؤيدى الصحراء الغربية المخلصين مثل الجزائر وجنوب إفريقيا وبلدان أخرى فى جنوب إفريقيا. فقد يكون إبقاء المناقشات خارج مجلس السلم والأمن طريقة لتجنب المواجهة. ومع ذلك فإن القرار له آثار خطيرة عليه.
الانقلاب على قرارات الاتحاد الإفريقى السابقة
إن القرار الأخير لتقديم دعم حاسم لعمليات الأمم المتحدة هو مخالف ومناقض لقرار الاتحاد الإفريقى فى يناير 2018، والذى دعا إلى «محادثات مشتركة بين الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة من أجل إجراء استفتاء حر وعادل لشعب الصحراء الغربية».
وينص القرار الجديد أيضا على أن الاتحاد الإفريقى سينخرط بالقضية بشكل رئيسى على مستوى المجموعة الثلاثية المنشأة حديثا والتى تتكون من رؤساء الاتحاد الإفريقى المنتهية ولايتهم والرؤساء الحاليين والقادمين. ستقدم «الترويكا» الدعم لعملية الأمم المتحدة وتقدم تقاريرها مباشرة إلى جمعية الاتحاد الإفريقى، وإذا لزم الأمر سيتدخل مجلس السلم والأمن ولكن فقط على مستوى رؤساء الدول.
كما يلغى القرار اللجنة المخصصة لرؤساء الدول حول الصحراء الغربية التى تأسست عام 1978، خلال السنوات الأولى للمواجهات العنيفة. كما أن قرار نواكشوط لم يشر إلى الممثل الأعلى للاتحاد الإفريقى للصحراء الغربية، الرئيس السابق لموزمبيق «جواكيم شيسانو».
سابقة للدول الأعضاء الأخرى
يعتبر قرار الصحراء الغربية الأخير هذا أمرا حاسما بالنسبة للاتحاد الإفريقى ومجلس السلم والأمن لأنه، ولأول مرة، اتخذ الاتحاد الإفريقى قرارا رسميا يقضى بمنع مشاركة المجلس فى الأزمات فى إفريقيا. حيث إنه منذ إعادة إطلاق الجهاز القارى «الاتحاد الإفريقى» فى عام 2002 وتفعيل مجلس السلم والأمن فى عام 2004 اعتبر المجلس نفسه لاعبا رئيسيا فى كل قضية أمنية فى القارة. حيث إن بروتوكول المجلس ينص على أنه «يناقش مجلس السلم والأمن ــ المكون من 15 عضوا ــ حالات الصراع فى القارة على جميع المستويات. وفى معظم الوقت يكون ذلك على مستوى الممثلين الدائمين المقيمين فى أديس أبابا والذين يجتمعون بانتظام بشأن المسائل الأمنية بغض النظر عما إذا كانت عمليات السلام تقودها منظمات حكومية دولية أخرى.
فعلى سبيل المثال شارك مجلس السلم والأمن فى العديد من القضايا، بما فى ذلك الأوضاع فى ليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، حيث تلعب الجهات الفاعلة التابعة للأمم المتحدة والجهات غير الإقليمية أدوارا مهيمنة. فى حين قد يلعب الاتحاد الإفريقى دورا بسيطا فى عملية السلام، فإن مناقشات المجلس تمكن الاتحاد الإفريقى من أداء دوره اليومى فى إدارة الصراع.
فى حين أن مجلس السلم والأمن قد ابتعد عن مناقشة بعض التهديدات الأمنية الناشئة مثل الكاميرون وزيمبابوى بسبب الضغوط السياسية من الدول الأعضاء، فلم يتخذ أى قرار رسمى فى هذا الصدد.
التأثير على أساليب عمل مجلس السلم والأمن
يمكن أن يؤثر قرار الجمعية فى الحد من دور المجلس فى الصحراء الغربية بشكل سلبى على أساليب عمل المجلس. حيث تعقد قمم المجلس على مستوى رؤساء الدول مرة واحدة فقط أو مرتين فى السنة، وعادة ما يكون من المقرر أن يناقشوا حالة أزمة حادة. وتم تكريس القمم القليلة الماضية منذ عام 2016 لمناقشة الوضع فى جنوب السودان. وهذا يعنى أن قضية الصحراء الغربية قد تكون على جدول أعمال المجلس وحتى لو حدث ذلك فقد لا تكون هناك قرارات ملزمة فى ظل أن الاتحاد الأفريقى يهدف إلى دعم عملية الأمم المتحدة.
كما أن الآثار المترتبة على الأزمات الأخرى واضحة. فى المستقبل، يمكن للدول الأعضاء التى تعارض تدخل المجلس فى الأزمات الإصرار على دعم عملية الأمم المتحدة بدعم من رؤساء الدول. ولا يؤثر هذا على أساليب عمل المجلس فحسب، بل يمكن أن يقوض أيضا أهميته فى التعامل مع بعض التهديدات الأمنية فى القارة.
نطاق وحدود عمل الترويكا (المجموعة الثلاثية) الأفريقى
تظهر التجربة أن اللجان المكونة من رؤساء الدول غالبا ما تفتقر إلى الإرادة السياسية للتعامل مع الأزمات. إضافة إلى ذلك، فإن الترويكا الخاصة برؤساء الاتحاد الإفريقى السابقين والحاليين والمستقبليين هى فكرة ليست مدرجة فى القانون التأسيسى للاتحاد الإفريقى وليس لها سلطات حقيقية خارج جمعية الاتحاد الإفريقى. وقد أُنشئت لجان مماثلة رفيعة المستوى فى الماضى لمعالجة الصراعات فى ليبيا وبوروندى وجنوب السودان، ولكنها فشلت فى تحقيق أى إنجازات رئيسية فى وضع عمليات السلام أو حل الأزمات فى تلك البلدان على جدول الأعمال.
وختاما يضيف التقرير أنه من الآن فصاعدا، يتحمل رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى مسئولية وضع قضية الصحراء الغربية على جدول أعمال قمة الاتحاد الإفريقى وقمة رؤساء الدول والحكومات. ويشمل ذلك وضع خارطة طريق لترويكا الاتحاد الإفريقى للاجتماع بانتظام لحث الأمم المتحدة على تسريع الجهود لحل إحدى الأزمات التى طال أمدها فى إفريقيا.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى: