«دعوشة» بالإكراه
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 27 سبتمبر 2014 - 7:25 ص
بتوقيت القاهرة
الشروق ــ الجزائر - رشيد ولد بوسيافة
عشرات الأسئلة الغامضة تثار حول عملية اختطاف الرّعية الفرنسى «بايرفى غوردال» بجبال تيزى وزو، وأولها علاقة هذا الاختطاف والشريط الذى بث على مواقع الانترنت بالأشرطة التى اشتهر بها التنظيم الإرهابى الذى يطلق على نفسه الدولة الإسلامية فى العراق والشام.
هذا «السّائح» الفرنسى اختار زيارة إحدى أسخن المناطق فى الجزائر فى ظرف دولى حرج يتم بتشكّل التحالف الدولى لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، وفى سبيل ذلك خالف القواعد الأمنية المفروضة على تنقل الأجانب فى الجزائر، واعترف بذلك فى حسابه على الفيس بوك وهو الحساب الذى اختفى بطريقة مثيرة تشتم منها رائحة العمل الاستخباراتى.
ثم ما هذا التهويل الإعلامى العالمى الذى يريد «دعوشة» بقايا الإرهابيين فى الجزائر بعد أن نجحت البلاد فى التصدى للإرهاب والتّطرف، لتدشّن عمليه غوردال مرحلة جديدة تعتمد على الصدى الإعلامى للعمليات التى يقوم بها الإرهابيون بأهداف عدة على رأسها إيجاد مبررات التدخل الأجنبى، وذلك أمر بعيد المنال، لأن الجزائر ليست العراق أو سوريا.
وعلى الرغم من الاختلالات السياسية الاقتصادية فى الجزائر، وإخفاق السلطة فى إدماج كل الجميع فى مشروعها السياسى، فإن الجزائريين متحدون على رفض الإرهاب والتطرف، ومجمعون على محاربته ومحاصرته، وعليه فإن محاولات خلق كيان اسمه داعش أو فصيل مسلح تابع له لا يمكن أن تنجح أو تنتشر.
من الواضح أن القوى الغربية تريد جر الجزائر إلى التحالف الدولى الجديد لمحاربة تنظيم داعش من وراء هذه العملية المشبوهة التى جاءت بعد تأكيد الجزائر لموقفها الرافض للتّدخل خارج الحدود، خاصة فى ليبيا، أين تورّطت فرنسا هناك حتى النخاع عندما ساندت الفصائل المحسوبة على حفتر ضد باقى الفصائل المسلحة.
لذلك، فإنّ ثبات الجزائر على هذا الموقف هو عين الصواب فى المرحلة الراهنة، وليس ذلك بالأمر الصعب، لأن البلاد سبق لها مواجهة أزمات أخطر بكثير من اختطاف رعية فرنسى، خصوصا إذا وضعنا هذا الحادث فى سياقه الدولى الرامى إلى إحراج الجزائر وإقحامها فى حرب بعيدة عنها جغرافيا.
لقد صاغت الجزائر استراتيجيتها فى مكافحة الإرهاب، وهى استراتيجية لها جانب أمنى وجانب سياسى وجانب فكرى ودينى، وما يفعله التّحالف الدولى ضد تنظيم داعش هو استراتيجية أمنية بحتة تستهدف الإبقاء على تنظيم داعش كتهديد دائم فى المنطقة العربية، وهو ما يتيح وجود غربى دائم لرعاية مصالحه فى المنطقة، لذلك لا يمكن للجزائر أن تكون ضمن هذا التّحالف بشكله الحالى.