هل كل أمناء الشرطة.. حاتم؟
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 27 أكتوبر 2011 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
صدق أو لا تصدق، أمناء وأفراد وعاملون فى الشرطة يتظاهرون ويعتصمون ويغلقون الباب الرئيسى لوزارة الداخلية ويهتفون بأعلى أصواتهم مطالبين بإقالة الوزير ومساعديه.
لو أن أى شخص ــ أقسم بأغلظ الأيمان ــ قبل الثورة، ناهيك عن أمناء الشرطة يعتصم أمام مقر الوزارة مطالبا بإجراء إصلاحات لتم اتهامه بالجنون.
بركاتك يا ثورة يناير، عشنا وشفنا وما كان مستحيلا، صار ممكنا.
مساء الاثنين الماضى، ذهبت الى مقر الاعتصام والتقيت بعضهم.
اولهم قال إن مطالبهم الرئيسية هى عدم إحالتهم لمحاكم عسكرية داخل الوزارة والاكتفاء بالتأديب وفتح الباب أمام ترقيتهم إلى ضباط، وتحسين أحوالهم المادية والحصول على العلاج مثل ضباط الشرطة.
ثانيهم اتهم الإعلام بأنه لا ينصفهم.. ويظهرهم وكأنهم لصوص وقطاع طرق وأن صورة أمين الشرطة تم اختزالها فى شخصية «حاتم» الكريهة فى رائعة يوسف شاهين وخالد يوسف «هى فوضى».
هذا الأمين قال إن المعتصمين هم الشرفاء الذين يريدون أن تتحسن أحوالهم، وبعدها فليتم إعدام كل من يسرق أو يرتشى أو يخالف القانون.
أمين شرطة آخر قال إن «أمثال حاتم» هم الذين يسيئون الى الغالبية الشريفة، الذين حولهم نظام مبارك والعادلى الى أداة لتنفيذ الظلم وجميعهم دفعوا فاتورة فساد الشرطة قبل الثورة. وأضاف «ان المطالبة بإصلاح الشرطة هى أفضل طريقة لمصالحة الشعب والاعتذار له عما حدث قبل الثورة».
فرد شرطة ثالث قال كلاما خطيرا خلاصته أنه كيف يريد الشعب أن يعيش آمنا فى بيته، بينما الذين يطلب منهم أن يوفروا له هذا الأمن غير آمنين على معيشتهم وأرزاق أولادهم، ويتساءل كيف يعيش هو وأولاده الخمسة بمرتب 774 جنيها ؟!.
أضاف هذا الشرطى أن الفاسدين منهم كانوا لا يشكون من قلة الراتب قبل الثورة لأنهم كانوا يحصلون على إتاوات ورشاوى من اول سائقى الميكروباص والابرياء الذين يتم اعتقالهم او الاتاوات على بعض رجال الأعمال، ولما انتهى ذلك توقفوا عن العمل او هربوا من الجهاز.
ما سبق كان وجهة نظر أكثر من ٣٨٠ ألف أمين شرطة ومندوب وفرد شرطة وهو عدد لا يشمل الموظفين المدنيين بالوزارة طبقا لتقديراتهم.
اتصلت بأحد كبار المسئولين بالوزارة للتعقيب فقال ان اللواء منصور العيسوى جلس بالساعات مع ممثلى المعتصمين وانه تمت الاستجابة بالفعل لأكثر من 70٪ من المطالب لكن هناك مطالب تحتاج تغيير قوانين ووقتا واعتمادات من وزارة المالية.
ما يبعث على القلق هو اننا نريد من الشرطة العودة لممارسة دورها الذى نحلم به، فى حين انها لا تستطيع الآن ضبط الأمن داخلها.
يحدث كل ذلك فى ظل مناخ واسع من الانفلات والفوضى فى معظم القطاعات.
هل فى إمكانية الوزارة والحكومة أن تستجيب لكل هذه المطالب الآن، وهل يمكن مثلا للضباط أن يدخلوا فى اعتصام حتى تتحقق مطالبهم المادية؟.
ثم سؤال جوهرى، ألم يكن من الأفضل لأمناء وأفراد الشرطة الانتظار حتى تهدأ الأوضاع خصوصا أن الثورة قامت فى الأساس احتجاجا على ممارساتهم؟ ثم هل تستجيب الدولة لمطالب فئة كان الشعب يصنفها باعتبارها «مفترية» فى حين لا تتم الاستجابة لفئات مطحونة؟.
أسئلة كثيرة.. وكان الله فى عون د. عصام شرف وبقية الوزراء الذين ما أن يسدوا ثغرة حتى تنفتح ثغرات! لكن علينا أن نسأل سؤالا بسيطا وهو: أين العقل السياسى وأين الرؤية.. وإلى متى نستمر فى سياسة رد الفعل؟!!