ذهب المحافظ.. وبقيت المشكلة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 - 8:50 ص
بتوقيت القاهرة
أن تبادر الحكومة إلى اتخاذ قرار بقبول استقالة محافظ الإسكندرية هانى المسيرى، فهو تطور مهم يشير إلى أنها لا تتحلى بـ«العناد الطبيعى» الذى ميز كل حكومات السنوات الماضية خصوصا أثناء عهد حسنى مبارك.
قبل أيام قليلة اتخذت الحكومة قرارا شجاعا بتجميد قرار وزارة التربية والتعليم بخصم عشر درجات من طلاب الثانوية العامة الذين يتغيبون عن الحضور للمدرسة، هذا القرار لقى ترحيبا كبيرا من غالبية المتابعين والمراقبين وكتاب الرأى.
الاستجابة لنبض الرأى العام شىء جيد يحسب للرئيس عبدالفتاح السيسى وحكومة المهندس شريف إسماعيل، بل ولحكومة المهندس إبراهيم محلب السابقة حينما استجابت لمطلب إلغاء قرار وزير التعليم العالى السابق باستثناء بعض ابناء الكبار فى عمية التحويل الجغرافى فى الجامعات المصرية.
إقالة ومحاسبة المسئول المخطئ أو المقصر أو الفاسد أو المرتشى أمر مهم للغاية، لكنه لا يحل وحده كل المشكلة من جذورها للأسف الشديد.
أحد الزملاء كتب معلقا على صفحته امس يقول: «طالما ان الأمطار هى سبب إقالة محافظ الإسكندرية، فعلى كل المحافظين كتابة استقالاتهم ووضعها فى جيوبهم، لان معظم المحافظات غير مهيأة لهطول أى أمطار غزيرة، ولو أن محافظة القاهرة أو غيرها هطلت عليها ١٠٪ من الأمطار التى نزلت فى الإسكندرية فسوف تتحول إلى جزر وتصاب الحياة فيها بالشلل، لو أردتم محاسبة المقصرين فعليكم بمحاسبة أغلب المحافظين السابقين الذين اهتموا بالكورنيش وتركوا البنية التحتية عاجزة عن مواجهة الأمطار فى مدينة ساحلية بسبب شبكات الصرف الصحى المتهالكة».
انتهى كلام الزميل وأراه محقا فى معظم ما ذهب إليه، وأضيف إليه أن إبعاد المحافظ أمر مهم، لكن ماذا سنفعل فى المحافظ المقبل إذا تكررت نفس المأساة قريبا مع توقع هطول أمطار غزيرة فى فصل الشتاء الذى بدأ يدق الأبواب.. هل سنغير محافظا كل شهر مع كل نوة صعبة وشديدة تضرب الإسكندرية أو أى محافظة أخرى؟!.
الإصلاح الفعلى ان نبدأ فى علاج المشكلة من جذورها، وأحد جذور الحل هو ضرب شبكات الفساد فى المحليات التى تقوم بـ«الطرمخة» على كل الأخطاء والفساد والمحسوبية، وتسمح بالعمارات والأبراج المخالفة، ولا تقوم بالحد الأدنى من العمل والمتمثل فى مجرد تسليك بالوعات الصرف الصحى فى فترة معروف ان النوة سوف تضرب المدينة فيها.
من دون ضرب وتفكيك منظومة الفساد، وأن يؤدى كل شخص عمله، وان نضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، فسوف نعيد إنتاج منظومة الفساد كل فترة، لو أردنا الإصلاح فعلينا أن نحاسب المقصرين من أول الموظف البسيط إلى أعلى مسئول وأن نبدأ بالكبار قبل الصغار، وان يكون الحساب واضحا، طالما ان التكليف الصادر من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء واضحا ومحددا باليوم والساعة.
لو أردنا الإصلاح فعلينا أن نوقف فورا المهازل الموجودة فى المحليات، والتى تلتهم أى أمل فى الإصلاح. لو أردنا الإصلاح فعلينا أن نضمن أن كل مسئول مناسب موجود فى المكان المناسب، لانه لو حدث العكس، فالمصيبة أكبر وأفدح.
مشكلة المحليات لمن لا يدرى، انها الباب الملكى للفساد فى مصر منذ سنوات طويلة، ليس فقط فى الرشاوى، ولكن فى وجود موظفين غير أكفاء فى مواقعهم إلا فيما ندر.
علينا أن نبدأ فى علاج جذور المشكلة، لأننا لا يمكننا إقالة مسئول أو محافظ كل أسبوع أو شهر!!!.