الحوار فى حد ذاته جيد
نادر بكار
آخر تحديث:
الخميس 27 أكتوبر 2016 - 9:35 م
بتوقيت القاهرة
شهد مؤتمر الشباب المنعقد فى شرم الشيخ بدايات جديدة يصعب تجاهلها أو الإعراض عنها إلا لمن اختار لنفسه منذ زمن خانة العداء المطلق مع النظام الحالى؛ هؤلاء وحدهم لن يبرحوا خانة التندر والسخرية من كل شاردة أو واردة تتعلق بجلسات المؤتمر أو تعليقات الرئيس أو ردود أفعال الضيوف.
(الانحياز التام) أو (العداء المطلق) هما خياران استراتيجيان (Dominant Strategy) يسيطران على أصحابهما مع كل تعليق وتظهر آثارهما فى كل موقف بشكل تستحيل فيه الموضوعية ويخفت فيه صوت الاعتدال بجوار ضجيج الأصوات المتعارضة للفريقين المتحمسين أو قل المتعصبين.
على قدر المتابعة الخاطفة لوقائع الحدث الضخم ــ وضخم ٌهنا تُشير إلى حجم المشاركين وتنوعهم ــ أستطيع القول إن ثمة شيئا مختلفا...على الأقل إذا ما قُورن بفعاليات سابقة كان التواصل فيها من جانب واحد لا يُسمح فيه بالأخذ والرد أو المناقشة والاعتراض... ثمة خطوة إلى الأمام وإن اختلفنا فى تقدير حجمها أو دوافعها أو توقيتها.
الحوار فى حد ذاته أمر جيد، وأنا واثق من أن عددا كبيرا ممن يحيطون بالسلطة الحاكمة لم يستوعبوا ذلك بعد ومازالوا يضيقون ذرعا ًبأى حديث تُشتم فيه رائحة الانتقاد ولو من بعيد..لكن الجديد هذه المرة أن الحوار فرض نفسه.. وانضمت إليه أطياف غُيبت قسرا ًواتُهمت فى وطنيتها وشرعيتها بل وحُرضّ على التنكيل بها علانية... هؤلاء تحدثوا أمام رأس السلطة وعبروا عما سطرته من قبل أقلامهم ونطقت به ألسنتهم دون مجيب... لا يعنى ذلك وحده أن شيئا مما ذكروه أو دعوا إليه سينفذ بالشكل أو فى التوقيت الذى أرادوا... لكنه يعنى على الأقل أن تحولا فى طريقة إدارة الأزمة آخذ ٌفى التكون... وهذا فى حد ذاته ومهما قلل أنصار معسكر (العداء المطلق) من أهميته أو وصفوه بالمناورة او شابهوه بحوارات أنظمة ماضية، أقول أنه فى حد ذاته أمر ٌإيجابى.
ومن المفارقات أن كثيرا من الوجوه الإعلامية القبيحة لم تظهر صورتها لا فى دور البطولة ولا حتى فى الأدوار المساندة وهى التى استمدت من سكوت النظام على انتهاكاتها طويلا نوعا من الحصانة استطالت بها ليس فقط على معارضيها أو منافسيها بل حتى على زملائها من داخل نفس الوسط... وصار رئيس التحرير فلان والمذيع علان يتبجحون علنا بعلاقات (أجهزة) الدولة بهم بعد أن كان الأمر متروكا لتكهنات الناس وتخميناتهم!
هؤلاء لم يكتف رأس النظام بإهمال دعوتهم بل انتقل إلى خانة منتقديهم وإن غلف انتقاده بالإشارة إلى انتفاء سوء نيتهم... والحق أن إضرارهم بالوطن لم يعد محل نقاش.. إنما الجديد هو ما استشعره النظام الحاكم من أنهم قد أصبحوا عبئا فعليا على عاتقه.
الحوار لن يخلو من فائدة مهما بلغت درجة الأزمة... هناك آراء موفقة للغاية استمع الناس لأصحابها للمرة الأولى... والجيد أن كل مسئولى الدولة تقريبا ممن يتعلق عملهم مباشرة بالملف الاقتصادى والأمنى قد استمعوا إلى هذه الأصوات جيدا.. تبقى التنقيح واستخلاص ما يمكن أن يساهم فى خطة العمل...ثم....ثم المتابعة!