روح الروح.. وداعًا
ناجح إبراهيم
آخر تحديث:
الجمعة 27 ديسمبر 2024 - 7:25 م
بتوقيت القاهرة
• كان يسكن مع ابنته وأحفاده فى بيت واحد، كان يلعب معهما «ريم وطارق» ولكن ريم كانت الأقرب إلى قلبه، دمر الصهاينة بيته بقذيفة حولته إلى ركام، حمل جثمانها الصغير كان يظنها نائمة رغم كثرة الجراحات فى جسدها البارد ولون جلدها الباهت، أخذ يحضنها ويقبلها، ويتحدث إليها مناديا «يا روح الروح» رغم يقينه بموتها، يشمها ويلثمها ويقبلها كما كان يفعل معها أيام الرخاء والصفاء، أدرك أن العدو الصهيونى قتل ضحكتها التى كانت تملأ الدنيا حوله، وتغمر روحه بالحيوية والسعادة كما قتل كل شىء جميل فى غزة، قتل الأطفال والنساء والشيوخ ودمر الشجر والحجر والجامعات والمستشفيات والحيوانات، لم يترك شيئا جميلا إلا ودمره وأتى عليه ظلما وبغيا وعدوانا.
• أخد يناديها «يا روح الروح» خرجت الكلمات عفوية صادقة من قلب مفجوع بفقدان أغلى ما عنده حفيدته «ريم» ذات الثلاث سنوات ومعها طارق.
• حفر خالد نبهان الجد اسمه فى ذاكرة العالم الإنسانية بكلمة بسيطة صادقة ولكنها عميقة «روح الروح»، لو قالها غيره ما أحدثت هذا الأثر، السر ليس فى الكلمة واللسان ولكن فى صدق القلب والجنان.
• لقد أصبح الجد خالد صاحب أجمل روح إنسانية عرفها العالم فى الآونة الأخيرة.
• الجد خالد يشترك مع حفيدته «ريم» فى شهر ميلاد واحد «ديسمبر» ففيه ولدا، وفى نفس الشهر رحلا أيضًا فى عامين متتالين برصاص صهيونى فاجر وغادر، وكأنه أبى الحياة بعد فقدانه لـ«روح الروح».
• كانت «ريم» تمثل اللحن العذب فى دنيا الجد خالد، والوردة المتفتحة فى حياته ولكن رصاص الصهاينة ذبحها بدم بارد وقلب أسود يكره الحياة والأحياء.
• رغم وفاة «روح الروح» ريم ومعها وطارق إلا أن الجد خالد لم تنكسر إرادته ولم يتملكه اليأس، بل انطلق بروح مفعمة بالأمل والحب والرغبة فى إسعاد الجميع فشارك بقوة فى عمليات إنقاذ المصابين، أو طهى الطعام للجائعين وتوزيعه عليهم، أو اللعب مع الأطفال، وإحضار الهدايا لهم، تساعده روحه الإنسانية الرائعة ولسانه الذى يقطر شهدًا، والذى يستمد معانيه من قلب صادق مفعم بالإيمان والرضا الذى لم أرَ له مثيلاً، وبعدها ارتقى شهيدًا ليلحق بحفيدته ريم «روح الروح» وشقيقها طارق.
• قصة روح الروح «خالد نبهان» هى حكاية الألم والحزن التى دخلت كل بيت فى العالم، فهى أروع قصة إنسانية حدثت فى الأيام الأخيرة، وما كانت الشهادة لتخطيء هذه الروح الرائعة، فالشهادة لها أهلها، وفرسانها.
• رحل «روح الروح» بعد أن انضم مع أحفاده لقائمة طويلة، لا تكاد تنتهى من شهداء فلسطين ضحايا الهمجية الصهيونية، إنهم يمثلون قصة أجيال متعاقبة من الشهداء لا تنتهى إلا بتحرير فلسطين.
• رحل «خالد» روح الروح بعد أن رسم على وجه البشرية البائسة قصة جد فلسطينى عظيم ملأ الدنيا صبرًا وحزنًا وإيمانًا وصدقًا ورضًا وتجردًا.
• وقد أثرت قصته فى الدنيا كلها حتى قامت فرقة The Herd الأسترالية بإصدار أغنية «روح الروح» تعبيرًا عن تضامنهم معه وقامت CNN بإجراء حوار معه بعد تدمير منزله واستشهاد أحفاده.
• كل لحظة فى حياة الجد خالد تذكرك بالله، وبكل معانى الإيمان، بل وفى استشهاده أيضا، فقد رأى أشخاصًا مصابين فجرى لمساعدتهم لكن قذيفة دبابة إسرائيلية عاجلته فلقى ربه شهيدًا، كما حكى شقيقه لشبكة CNN.
• آه يا روح الروح، صبرك، وكلماتك، ورضاك، ومواقفك، إنسانيتك، حبك للخير، برك بأمك، وإطعامك لها بيدك، كلها رسائل رائعة هزت العالم وأجبرته على رفع القبعة لك، ولفلسطين كلها، لتبقى كلماتك «روح الروح» خالدة باقية، سلام عليك وعلى الشهداء جميعًا فى عليين.