وداعًا للاستقرار.. إلى حين
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الخميس 28 فبراير 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
«احنا رايحين على فين».. سؤال يتكرر كل يوم فى مصر ملايين المرات، ومعظمنا كان يجيب عليه حسب موقفه السياسى أو حالته النفسية.
الآن وبعد أن أصرت مؤسسة الرئاسة وخلفها جماعة الإخوان على فرض قواعدها وطريقة لعبهاعلى الجميع، وبعد أن قررت جبهة الإنقاذ مقاطعة الانتخابات، فقد صار بمقدورنا للأسف الشديد أن نقول ان الطريق الذى نسير فيه صار طويلا وربما لا نعرف نهايته، والأخطر ان فرص التعثر والانكسار والعنف صارت تتقدم على فرص الانطلاق والتقدم والاستقرار.
نستطيع ان نتوقع سلوك مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين خلال الشهرين المقبلين، حيث سيحرصون على اتمام الانتخابات النيابية والحصول على نسبة مريحة من المقاعد تؤهلهم لبسط سيطرتهم على المجتمع بأسرع ما يمكن، وفى طريقهم لتنفيذ ذلك سيحرصون على إرضاء بعض الأحزاب والشخصيات، وسوف يسعون بكل السبل لتهدئة الجميع حتى تعلن نتائج الانتخابات وبعدها ينطلقون بأسرع ما يمكن لاستكمال مخططهم.
بالنسبة لجبهة الإنقاذ، فهى حتى الآن لا تملك إلا الوسائل الاحتجاجية، ولذلك فالمتوقع ان تبدأ فى أسرع وقت ممكن فى تنظيم المظاهرات والاعتصامات، وستؤكد طوال الوقت إدانتها للعنف.
وبالمنطق وبالتجربة فإن استمرار المظاهرات يعنى توقع بعض المواجهات بين متظاهرى المعارضة وغالبية أجهزة الدولة، وهناك احتمال كبير ان يسقط ضحايا كثيرون خلال هذه المواجهات، سينضمون بدورهم لطابور الشهداء الطويل، هذه الدماء ستزيد من الاحتقان وستطلب المعارضة التحقيق، ثم تتجدد المظاهرات ليسقط ضحايا جدد، وهكذا سوف تستمر هذه الدوامة الدموية، وعند لحظة معنية قد يقع حادث كبير يسقط فيه ضحايا بالمئات، ما قد يقود بدوره إلى حدث درامى خارج حدود المتوقع.
فى ضوء هذا السيناريو أى استمرار المظاهرات والمواجهات والضحايا، فسوف يستمر الاقتصاد مأزوما، والمستثمرون عازفون عن الدخول للسوق، وبالتالى سوف تزيد البطالة ويزيد عجز الموازنة.
يرتبط بما سبق تعثر الاتفاق مع هيئات التمويل الدولية، أو حتى الاتفاق مع تقديم تنازلات ضخمة.
هذا السيناريو يعنى أيضا زيادة حدة الاحتجاجات الاجتماعية بشكل أخطر عما هو حادث الان، وبالطبع سوف تجد جبهة الإنقاذ فرصة ذهبية للتحالف مع أى كيانات نقابية تخرج لتحدى سلطة محمد مرسى.
أحد الاحتمالات الواردة أيضا أن تؤدى هذه الاحتجاجات المستمرة إلى «اختلاط الحابل بالنابل»، من قبيل انضمام عناصر ساخطة وغاضبة ويائسة معيشيا، ما قد يقود إلى اشكال من المواجهات الأهلية، ما يفتح الباب لحرب مجاعة حقيقية.
إذن أحد السيناريوهات المطروحة ان نجد مظاهرات صغيرة هنا وهناك، تتطور باستمرار لتصل إلى مواجهات مع أجهزة الدولة، وقتها يراهن البعض ان يتدخل الجيش ليحسم الأمر. هذا ما يسعى إليه البعض.
إذن النصيحة الصادمة التى يجب على البسطاء الاستماع إليها ان زمن الحنين إلى الاستقرار قد ولى، وسوف نحتاج وقتا قد يطول حتى نصبح مستقرين. لن يحدث ذلك إلا إذا عرف كل حزب وجماعة قدره وحجمه.
لكن المشكلة وإلى أن يحدث ذلك، فيبدو أننا يجب أن ندفع ثمنا فادحا حتى نعيش فى «مصر التى نحلم بها».
وإلى أن يحدث ذلك أيضا علينا أن نقول وداعا للاستقرار إلى حين.