الأوضاع السياسية فى الوطن العربى
العالم يفكر
آخر تحديث:
السبت 28 أبريل 2018 - 8:35 م
بتوقيت القاهرة
ذكر «أحمد عبيدات» رئيس الوزراء الأردنى الأسبق فى كلمة له أنه «لا يصح الحديث عن الأوضاع السياسية فى الأردن دون النظر إلى المشهد العربى الراهن وما يحيط به من تحديات أمنية وبيئية واجتماعية وسياسية، وما لها من آثار مباشرة وغير مباشرة على الأوضاع فى الأردن بشكل عام».
وأضاف: «تتمثل هذه التحديات بمجملها، فى استمرار النزاعات المسلحة والحروب الأهلية بما فى ذلك الحرب على الإرهاب والحروب بالوكالة، وعمليات التهجير القسرى للسكان الذى يواكب أو يعقب تلك النزاعات».
«ولابد هنا من الإشارة إلى الدور الذى تضطلع به القواعد العسكرية الأجنبية المتمركزة اليوم فى العديد من أقطار الوطن العربى، إذ بسبب هذا الوجود الكثيف للقواعد الأجنبية ولأسباب أخرى لم تعد الحروب العربية توجه ضد الغزو الأجنبى أو فى مواجهة قوات الاحتلال الصهيونى، بل أصبحت تشن بالتحالف مع القوات الأجنبية وتمول بأموال الأمة، لتدمير الأوطان والإنسان وتفكيك المجتمعات فى اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان والقائمة طويلة...».
«وفى جميع الأحوال يجب أن تبقى عيوننا مفتوحة على ما تخططه الولايات المتحدة الأمريكية حتى تبقى العجلة تدور فى المجمع الصناعى العسكرى الأمريكى من جهة، وعلى إيقاع الصراع بين الدول الكبرى حول مستقبل الغاز والنفط فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية من جهة أخرى».
وفى حديثه عن التحديات البيئية يرى عبيدات أن أهم هذه التحديات يتمثل فى « تدمير الموارد الطبيعية كآبار النفط والسدود والغابات، ونقص مياه الشرب وتلوثها وتفشى الأوبئة والأمراض، وها هى اليمن المنكوبة مثال حى على ذلك. وما يرافق هذه التحديات وينتج عنها آثار اجتماعية لا تقل عنها خطورة وفى مقدمتها اتساع مساحات الفقر وتصاعد أعداد العاطلين عن العمل، وانتشار تجارة المخدرات التى تستعمل أحيانا لتمويل الجماعات المسلحة، وكذلك عمليات الإتجار بالبشر وتعمق النزاعات المذهبية والطائفية، وانهيار التعليم بسبب تهدم المدارس وفقدان الاستقرار الأمنى وانتشار التعصب الفكرى».
***
ثم انتقل عبيدات إلى الحديث عن الوضع السياسى فى الأردن قائلا «نحن نعيش حالة أصبح فى ظلها من الصعوبة بمكان الركون إلى قرارات حكومات مرتبكة فاقدة للصلاحيات الحقيقية وللرؤية السياسية الوطنية من جهة، وخاضعة كليا لإملاءات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى من جهة أخرى. فقد تهتكت الطبقة السياسية عندنا بفعل عوامل الزمن والانفراد بالحكم فى أسلوب إدارة الدولة، ولم يعد لدينا «سياسيون»، حتى الأحزاب السياسية التاريخية كما أراها اليوم فهى مجرد واجهات لهياكل تنظيمية متهالكة تفتقر إلى أبسط القواعد الديمقراطية فى بنيتها وممارساتها، وبالتالى لا مكان للحديث اليوم عن «حياة سياسية» بأى معيار.
«أنتم تعلمون أن الدولة لا يبنيها ولا يكونها الأميون فكريا، إنما ينهض بها ويثرى أداءها العلماء والمفكرون والباحثون وأولئك الذين يعرفون شئون الناس وحقائق المجتمع وظاهراته المعيشية والفكرية، وهذه الظاهرات لا يفكر بها ولا يفهمها هواة السياسة من أنصاف المثقفين وصبيان الليبراليين الجدد وأولئك الذين يشترون مواقعهم بالمال الأسود ويتصدرون المشهد السياسى من خلال تزوير الانتخابات النيابية منذ حوالى عقدين من الزمن».
«أقول لكم بكل صراحة إننى كمواطن أشعر بالمهانة والقلق عندما أرى مؤسسات الدولة تتحول إلى منابر للتهريج السياسى ويصبح بعض من يفترض أنهم يمثلون هذا الشعب سماسرة لا يستعصى عليهم حل أى قضية مخالفة للقانون مقابل الرشوة. وباستمرار هذه الحالة سيتعمق الإحباط العام، ويستمر التدهور على جميع الصعد ما لم تتوافر إرادة سياسية وطنية قادرة على التغيير».
«أيها الإخوة والأخوات.. أنا على يقين بأن ما ذكرته على مسامعكم ليس جديدا عليكم ولكن مشكلتنا اليوم أن الدستور لم يعد ذلك الدستور المرجع فقد أصبح بعد ما نخره السوس ليس دستوريا، وليس لنا مخرج إلا بتوافر إرادة سياسية وتشكيل جمعية تأسيسية وطنية منتخبة تضع دستورا ديمقراطيا للمملكة يعيد للنظام البرلمانى موقعه بحق، ويحافظ على النظام الملكى الدستورى لحكم البلاد، ويكون الشعب فيه مصدر السلطات جميعها، والمواطنة مصدر الحقوق ومناط الواجبات، ويحظر فيه تركز السلطة فى يد أى كان، ويسود حكم القانون فى ظله على الحكام والمحكومين دون تمييز».