سكة السفر

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 28 يونيو 2024 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

منذ أن تم اكتشاف البترول فى الأرض العربية وحكايات هجرة المصريين إلى هذه البلاد لا تنتهى، ولا تكاد تكون هناك عائلة إلا وسافر ابناؤها إلى الدول العربية التى كانت هى بلاد المال الجديد، وبالتالى المنقذ لهذه المشاكل ومن أوائل هذه الأفلام التى ناقشت هذا الموضوع (أعز الحبايب) إخراج يوسف معلوف 1962 وعقب حرب أكتوبر عام 1973 انطلق المصريون الذين شاركو فى الحرب إلى هذه البلاد وغيرها باحثين عن البترودولارات، واهتم جيل الثمانينيات بهذه الهجرة واهتم هذا الجيل بهذه الأرض، فجعلوها أرضا خرسانية لا زرع فيها ولا خضار وتظهر الخرسانة فى الريف وتظهر طبقة من الجهلاء أساطين المدن والريف وهذه الظاهرة تعانى منها مصر حتى الآن حتى وأن تغلفت ببعض مظاهر الثروة والتحضر حتى الآن وربما لأكثر من مائتى عام من المستقبل، ولم تكن السينما المصرية غافلة عن هذا الأمر، ولكنها لم تقدم عددا كبيرا من سينما الهجرة أو العودة، ورغم كل سلبيات هذه الظاهرة أو إيجابياتها، فإن السينما عجزت عن تصوير حقيقة شاملة عن هذه الظاهرة الاجتماعية وقد اهتم محمد خان فى فيلمه (عوده مواطن) 1987 وقدم زميله بشير الديك فيلمه الأول.. سكة سفر.. بطولة نور الشريف ونورا، الفيلم الأول تدور أحداثه فى قاع مدينة القاهرة حول مواطن يعود إلى بيته القديم ليجد أسرته وقد وقعت فى إغراءات الحياة الجديدة، واضطر إلى العودة إلى البلاد التى جاء منها لكنه لم يحتمل وترك الطائرة وانتظر أن يعيش وسط الأحباب، أما فيلم سكة سفر تجربة يجب الالتفات إليها من خلال بعض كتاب السيناريو المتميزين حاولوا تجربة الإخراج وكانت تجاربهم قليلة فعادوا إلى السيناريو فقط، ومن أبرز هذه الأسماء إبراهيم الموجى ومعه بشير الديك، فكانت التجربة غير مكتملة وغالبا ما تم نسيان تلك التجارب مع الزمن.

بشير الديك ابن محافظة دمياط اختار أن يكون بطله هو زغلول ابن الريف، الذى يعود من السفر مرتديا ملابس أقرب إلى قبعة الكايبوى وانتهت به العودة ليقول بألم شديد: الغربة حشت وسطى، ولا شك أنه كان يعنى أيضا أن العودة إلى الوطن قد قامت بنفس المهمة حش الوسط، فما أن وصل إلى قريته فى الدلتا حتى التف حوله النصابون والفاسدون يعيدون عليه المشاريع ومنها شراء الأرض وتبويرها، وبناء العمارات، إنه عالم من الغشاشين والطامعين فى تلك الثروة التى أتى بها زغلول بصعوبة شديدة بعد رحلة خمسة أعوام، زغلول أشبه بالمحارب أوريس الذى يجب أن يرتبط ببنت قريته، ولكن عينه مركزة على المال الذى جاء به: دولارات دولارات، هناك نهايتان مختلفتان من الفيلمين فى النهاية الأولى فى فيلم عودة مواطن رجع إلى موطنه كما فى فيلم عسل أسود العائد من الولايات المتحدة وهو حامل جواز السفر الأزرق الذى يعطيه القوة والمركز، أما فى فيلم سكة سفر يتدخل فى مشروعات فاشلة ويفقد ثروته ويضطر أن يحجز تذكرة من جديد لكى يحش ما تبقى من ظهره.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved