الفرق الإفريقية.. لماذا خرجت؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: السبت 28 يونيو 2025 - 7:50 م بتوقيت القاهرة

 

** بدون شخصية الكرة البرازيلية الضاربة فى جذور اللعبة والتى كانت تجمع بين جمال الأداء والنتائج، تأهلت أربعة فرق إلى دور الستة عشر الذى انطلق أمس فى مونديال الأندية. وهى فلومينينزى وبالميراس وبوتافوجو وفلامنجو. ومع هذا التأهل، جاء السؤال: أين جمال الأداء فى الكرة البرازيلية وهل تستمر هذه الفرق فى دائرة القمة فى البطولة ويتوج أحدها باللقب؟
** لكن ماذا عن الكرة الإفريقية التى خرجت فرقها من دور المجموعات؟ هل هى فروق جوهرية بدنية وفنية بين اللاعب الإفريقى ونظيره الأوروبى أو البرازيلى؟ هل منجم المواهب الإفريقية الذى نهلت منه الأندية الأوروبية وراء ضعف مستوى كرة القارة فى مواجهة قارتى أوروبا وأمريكا الجنوبية؟
** أول الأسباب المعلبة والمحفوظة هو هجرة نجوم إفريقيا إلى الشمال.. كذلك هناك سبب آخر من الأسباب المعلبة وهو أن الدوريات والبطولات الإفريقية انتهت قبل المونديال. لكن لماذا نجحت فرق أوروبية على الرغم من انتهاء مواسمها العنيفة والمرهقة قبل المونديال؟ وهو سؤال لم يطرحه أصحاب الأسباب الجاهزة التى كانت تناسب زمنا لم يعد موجودا فى كرة القدم.
** وقد يكون ذلك سببا ثالثا أو رابعا بالنسبة للكرتين الإفريقية والبرازيلية. لكن الأسباب الحقيقية وبالترتيب هى: الفقر، مقابل الثراء، هى أن أغنى أندية القارة، وهو الأهلى، قيمته التسويقية تبلغ 48 مليون يورو. وهذا أقل بكثير جدا من القيمة التوسيقية لريال مدريد البالغة 1.3 مليار يورو. فى الوقت نفسه، فإن قيمة الأهلى أكبر بكثير من قيمة، على سبيل المثال، بطل الدورى الغانى الممتاز لأول مرة، بيبيانى جولد ستارز، الذى تقدر قيمته بـ 1.85 مليون يورو.. والقيمة التوسيقية تعنى مهارات لاعبين وقدرات خاصة فى سوق الاحتراف، وكم كانت قيمة التعاقدات وقيمة اللاعبين مع البطولات، وسوف تظل هذه القيمة التسويقية الضعيفة انعكاسا لأسباب أكبر وأهم مثل ضعف الدوريات والمسابقات المحلية الإفريقية. ولاشك أن الشمال الإفريقى يملك مسابقات محلية قوية مقارنة بمناطق القارة الأخرى، إلا أن ضعف تلك المسابقات يرجع بالدرجة الأولى إلى الفقر المالى. وضعف البنية التحتية، وضعف الاهتمام، ودرجة جودة الاستشفاء، وضعف المشهد العام من حضور جماهيرى، ومستوى ملاعب، ودرجات حرارة ورطوبة، وأساليب التدريب العلمية، واحترام حقوق البث، ووجود قواعد ولوائح حاكمة للعبة، واحترام حقوق اللاعبين المادية فى أنديتهم، وبعضها لا يدفع رواتبهم، وصناعة أجيال من المواهب. والعقلية الاحترافية للاعب. بما تتضمنه تلك العقلية من أسلوب حياة، فى التدريب وخارج التدريب. وبما تعنيه تلك العقلية من جدية لدرجة اللعب بالطاقة القصوى فى كل مباراة.
** غياب الأكاديميات ووسائل تدريب الناشئين العلمية دفعت إسرائيل فى وقت من الأوقات إلى استغلال ذلك سياسيا واقتصاديا فى القارة بما عرف بـ«معكسرات حبقوق» أحد أنبياء إسرائيل واشتهر بالقوة البدنية، وقد تأسست تلك المعسكرات فى عام 1999بواسطة « شاؤل بن عاموس» وهو أحد أبرز مدربى الناشئين فى إسرائيل، وكانت البداية فى بلدة امبرارا جنوب غربى أوغندا. وعقب نجاح الفكرة تولى الاتحاد الإسرائيلى لكرة القدم مهمة تأسيس تلك المعكسرات ونشرها فى العديد من الدول الإفريقية.. مثل أنجولا وموزمبيق وزامبيا وغانا والكونجو وتنزانيا والجابون وأوغندا.
** ومعسكرات حبقوق تبدو مشروعا رياضيا اقتصاديا، حيث استغل شاؤل بن عاموس خبراته كمدرب، وخبراته فى مجال أعماله، وهو التنقيب عن المعادن فى دول وسط وغرب إفريقيا، لانتشال الناشئين، ثم بيعهم إلى السماسرة فى إسرائيل لبيعهم بالتالى إلى الفرق الأوروبية. ويتضمن البرنامج اليومى الذى يبدأ فى السادسة صباحا التدريب والتغذية ومشاهدة المباريات العالمية والاستماع إلى محاضرة يلقيها أحد المدربين العاملين بالمعسكر.
** إن تحليل أسباب قوة كرة القدم وأسباب ضعفها يتطلب تحليلا دقيقا وعميقا، بعيدا عن تلك العناوين والأسباب القديمة التى يلقى بها دون تفكير فى مضمونها ودون تفكير فى واقع اللعبة ودون تفكير فى تطورها وأسباب هذا التطور.. ولعل خروج الفرق الإفريقية ودراسة الفروق الجسدية مثل القوة السرعة واللياقة والفروق الفنية المتعلقة بالتدريب، لعل ذلك يدفع المهتمين باللعبة فى القارة إلى مراجعة الأسباب بعمق ودقة.. إن أمكن.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved