آخر زيارة أفريقية لأوباما الرئيس
العالم يفكر
آخر تحديث:
الثلاثاء 28 يوليه 2015 - 7:20 ص
بتوقيت القاهرة
نشر مركز بروكينجز مقالا تحليليا للكاتب موانجى كيمنى، زميل أول بوحدة الاقتصاد العالمى والتنمية بمبادرة النمو الإفريقى بالمركز، يتناول فيه آخر زيارات الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى أفريقيا، مبينا اسباب زيارته لدول بعينها وهى (كينيا وإثيوبيا)مقترحا أنه كان من الضرورى زيارة نيجيريا، مشيرا إلى وضع كل دولة والدوافع وراء زيارتها. يشير كيمنى فى البداية إلى أنه منذ تولى أوباما منصبه رئيسا للولايات المتحدة، زار خمس دول أفريقية: غانا ومصر والسنغال وتنزانيا وجنوب أفريقيا. واستغل الرئيس رحلاته عام 2009 إلى غانا ومصر للتعبير عن سياسة طموحة وواسعة النطاق للتعامل مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعالم العربى، على التوالى. وأثارت تصريحات الرئيس خلال رحلتيه إلى غانا ومصر توقعات عالية لبزوغ فجر جديد فى العلاقة بين الولايات المتحدة وهذه المناطق. ومع ذلك، لم يكن هناك الكثير من المبادرات السياسية الجديدة لدعم هذه التصريحات، وبالتالى، إلى حد كبير كانت الزيارتان رمزيتين أكثر منهما جوهريتين. وخلال فترة ولايته الأولى وجه المحللون السياسيون الكثير من الانتقادات علاقة الرئيس بأفريقيا. رأى العديد من البلدان فى ظل رئاسة أوباما أمريكا ما زالت متخلفة وراء العديد من البلدان الأخرى وخاصة الصين والهند والبرازيل، وحتى غيرها من الاقتصادات الأصغر حجما مثل تركيا فى تعاملها مع أفريقيا.
ويضيف كيمنى أنه فى 2013، قام الرئيس برحلة أكثر شمولا وإيجابية إلى أفريقيا، وسافر إلى السنغال وجنوب أفريقيا وتنزانيا. وخلال هذه الزيارة، أعلن الرئيس المبادرات الفعلية التى تهدف إلى تعميق العلاقات التجارية، ودعم لوجستيات التجارة الإقليمية، وتعزيز الأمن. فضلا عن الإعلان عن أول مؤتمر قمة للولايات المتحدة وأفريقيا القمة الذى عقد فى العام التالى، فى أغسطس 2014. كما أشار أوباما فى العام نفسه إلى أنه سيزور أفريقيا مرة أخرى على الأقل خلال فترة رئاسته.
وبينما تستحق البلدان التى زارها حتى الآن هذه الزيارة، تم إغفال بلدان أخرى، مهمة جدا. ويبدو أن اختيار البلدان التى زارها أوباما كان ينظر إليها على أنها «رهانات آمنة» تلبى بعض معايير السلام والحكم. وتجنب الرئيس البلدان التى تواجه تحديات كبيرة مثل الإرهاب وسجلات الحكم الرديئة. غير أن الرئيس يحتاج إلى الخروج من النطاق المريح، لزيارة الدول التى لا تمثل رهانات آمنة، والاتصال مع الدول التى تظهر انفتاحا على الإصلاحات، ويظهر فيها قادة اقتصاديين، ويمكن أن تكون شريكة رئيسية فى الأمن الاستراتيجى.
وفى هذا الصدد، كان من المقترح أن تغطى رحلة الرئيس إثيوبيا وكينيا ونيجيريا، على الأقل.
إثيوبيا
يبين كيمنى أن إثيوبيا دولة كبيرة لديها أيضا مشكلات حكم ضخمة. وقد اتسم ماضى البلاد بالديكتاتوريات، والصراع الخطير والمجاعات المدمرة. ومع ذلك، أحرزت تقدما مهما منذ خلع الديكتاتور منجستو هايلى مريام، بما فى ذلك اعتماد دستور فيدرالى جديد والإصلاحات الاقتصادية بعيدة المدى التى أسفرت عن تحقيق البلاد واحدا من أعلى معدلات النمو فى القارة خلال العقد الماضى. وقد اجتذبت الإصلاحات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة مع ما ترتب على ذلك من ظهور التجمعات الصناعية الجديدة، وبخاصة فى تجهيز الجلود. وعلى الرغم من أن الأمور كلها ليست على ما يرام: فمن ناحية الحكم، مازالت إثيوبيا متخلفة كثيرا عن غيرها من البلدان فى مجال تحرير بعض قطاعات الاقتصاد الرئيسية، خاصة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأسواق الأراضى، والأعمال المصرفية، والتمويل.
ويرى كيمنى أن أديس أبابا تستحق زيارة أوباما لعدد من الأسباب. أولها، إثبات القيادة الإثيوبية الرغبة فى الإصلاح. حيث تشهد عملية الإصلاح مسارا إيجابيا، يعتبر مثالا جيدا للدول أفريقية أخرى. ثانيها، أنها بلد حليف مهم فى الحرب ضد الإرهاب وكان محوريا فى الحرب ضد حركة «الشباب».
وأخيرا، من الضرورى استغلال أوباما للرحلة بزيارة مقر الاتحاد الأفريقى هناك. وسوف تعتبر زيارة رئيس الولايات المتحدة إلى مقر الاتحاد الأفريقى دعما كبيرا لدور المنظمة القارية، وستكون أفضل محفل لعقد مؤتمر قمة الولايات المتحدة الأفريقية المقبل بناء على نجاح القمة الأولى التى عقدت فى واشنطن فى 2014. ونظرا للدور المركزى الذى تعهدت الولايات المتحدة به فى تقدم مشروع التكامل الأفريقى، يمكن أن يستغل أوباما والقادة الأفارقة القمة لمناقشة استراتيجيات دفع وتيرة التكامل الإقليمى وخاصة بما يخص مشاركة القطاع الخاص الأمريكى، كما هو الحال فى بناء البنية التحتية الإقليمية.
كينيا
يعتقد كيمنى أنه من الجدير أن تدرج كينيا فى الرحلة باعتبارها «الوطن» الثانى للرئيس الأمريكى. فقد أظهر رؤساء الولايات المتحدة السابقون الفخر من خلال زيارة بلاد أجدادهم. وأبرز هذه الزيارات التى قام بها الرؤساء كينيدى وريجان وكلينتون إلى ايرلندا. وستكون فرصة كى يظهر أوباما فخره بأصوله الأفريقية. وعلى الرغم من أن أوباما زار كينيا كمواطن، ومرة اخرى عندما كان عضوا فى مجلس الشيوخ، سيكون للزيارة باعتباره رئيس أهمية كبرى ليست له فحسب، وإنما للكينيين، ولبقية الأفارقة بالتأكيد.
وبعيدا عن الصلة الشخصية، يرى كيمنى أن هناك أسبابا أخرى تدفع أوباما لهذه الزيارة. فقد حققت كينيا اصلاحات سياسية واقتصادية كبرى. وأصبح لديها الآن واحد من أكثر الدساتير تقدما فى العالم وتواصل تطبيق هذا الدستور على نحو مطرد. وتعتبر صاحبة أكبر اقتصاد فى شرق أفريقيا ورائدة فى دمج جماعة شرق أفريقيا. وتبرز كينيا كمركز الابتكار أفريقيا، وكانت أيضا فى طليعة الحرب ضد الإرهاب، وخاصة ضد «حركة شباب الإسلام». وتواصل كينيا أداء دور مهم جدا كوسيط فى مبادرات السلام فى المنطقة. لكل هذه الأسباب، تستحق كينيا أن تدرج فى خط سير رحلة الرئيس.
نيجيريا
يوضح كيمنى أنه كان من المهم زيارة نيجيريا فهى دولة لديها مشاكل خطيرة فى الحكم ترتبط بحوادث إرهاب بوكو حرام التى تفاقمت أكثر من أى وقت مضى، ولا تعتبر رهانا آمنا. وعلى الرغم من الإخفاقات والتحديات التى تواجه نيجيريا، وبغض النظر عن كيفية التى انتهت إليها انتخابات 2015، فهى بلد يستحق زيارة الرئيس أوباما.
وعلى الرغم من انها البلد الذى اتسم لفترة طويلة لمستويات عالية من الفساد والانقسامات العرقية والدينية الخطيرة. تعتبر نيجيريا الدولة الأكثر أهمية فى أفريقيا، ولديها أكبر تأثير على التوجهات الأفريقية. وهى الآن صاحبة أكبر اقتصاد فى القارة ولديها أكبر عدد من السكان هناك. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر نيجيريا الدولة المهيمنة فى التجمع الإقليمى، والاقتصادى لدول غرب أفريقيا (إيكواس). وعلى الرغم من كل عيوبها، أجرت نيجيريا أخيرا عددا من الإصلاحات التى تساعد فى تحفيز الاقتصاد، وتحوله بعيدا عن الاعتماد البالغ على البترول. وبكل المقاييس، يمكن اعتبار نيجيريا البلد الرئيسى فى القارة: كلما يحدث فى هذا البلد له آثار غير مباشرة كبيرة فى جميع أنحاء القارة.
التركيز السياسي
يرجح كيمنى أن تكون زيارة أوباما الأخيرة إلى أفريقيا كرئيس ذات تأثير قوى، فمن المهم أن تركز على عدد قليل من القضايا الرئيسية المتعلقة بالسياسات ذات التأثير القارى بدلا من الكثير من السياسات الصغيرة المجزأة. وعلاوة على ذلك، ينبغى انتهاج سياسة تُبنى على تبادل المنافع والمصالح فى المداولات خلال مؤتمر قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا. وفى هذا الصدد، ينبغى على الرئيس التركيز على قضايا السياسات الرئيسية متضمنة استراتيجيات تعاونية فى مكافحة الجماعات الإرهابية فى أفريقيا ودعم مشروع التكامل الإقليمى فى أفريقيا لا سيما من خلال مشاركة القطاع الخاص الأمريكى. وأخيرا، ينبغى أن يركز أوباما على جدول أعمال التنمية فى مرحلة ما بعد عام 2015. وعلى وجه التحديد، يجب توضيح الكيفية التى ستعمل بها الولايات المتحدة مع الأفارقة فى دفع جدول أعمال التنمية. وسيكون من المفيد بوجه خاص إذا دعا الرئيس إلى تعبئة المجتمع الدولى لدعم ما بعد جدول أعمال التنمية فى أفريقيا. ولا شك أن مبادرات الولايات المتحدة التى تدعم الأفارقة فى التعامل مع هذه القضايا واسعة النطاق وسيلة مؤكدة للرئيس من أجل ترسيخ تراث أفريقى فى السياسة الأمريكية.