حرية الرأى فى فضاءات التواصل الاجتماعى

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الإثنين 28 أغسطس 2017 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Digital Context مقالا للكاتب «جاسون كنيت» المدير التنفيذى للموقع، يتناول الحرب التى يشنها ترامب ــ من خلال حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» ومن خلال أية منصة إعلامية يتواجد فيها ــ على الصحفيين والتحريض ضدهم بسبب انتقادهم إياه، وما يمثله ذلك الهجوم والحظر من تناقض مع قيم الولايات المتحدة الداعية للحرية والشفافية والتعددية، ويتطرق الكاتب إلى إشكالية التطور التكنولوجى وما تمنحه من مساحات واسعة للأفراد للاطلاع والتعبير عن الرأى، وتطور سبل الحظر ومنع المعلومات وفرض سبل جديدة للرقابة.
استهل الكاتب المقال بالإشارة إلى الأزمة التى أعقبت تصريحات ترامب العدائية الصارخة ضد الصحفيين بعد حادث الدهس فى مدينة «شارلوتسڤيل» فى القناة الإخبارية MNSBC ــ وإلقاءه باللوم على اليمين المتشدد ــ، بما يدق ناقوس الخطر تجاه حرية الصحافة فى عهد ترامب ومدى قبوله بالتعددية ووجود الرأى والرأى الآخر.
تجدر الإشارة إلى أنه فى ظل حرية الصحافة والإعلام وتعدد منصات الرأى وبالتالى يمكن للجمهور التحكم فيما يشاهدونه ولذا كان بإمكانهم غلق التليفزيون وعدم استكمال حديث ترامب (إذا كانوا غير راضين عن المحتوى المعروض)، لا أن يطالبوا بحجب القناة بأكملها أو قطع البث. وكذلك الحال بالنسبة لتغريدات ترامب على موقع «تويتر» فإن كانت مزعجة لهم وغير راضين عما يقوله فبإمكانهم عدم متابعته لا أن يطالبوا بغلق حسابه على الموقع.
ونجد أن الشركات التقنية التى تحوى الـ«Server» المسئول عن بث وتقديم المحتوى تزعم حيادها تجاه تلك النزاعات، فهم لا يرون فى أنفسهم أنهم مجرد شركات إعلامية مثل وسائل الإعلام التقليدية، إنما هى منصات حرة لا يتحكم أحد فيما تقدمه لأنه يتمتع بحماية من أى تدخل أو مساس بما يعرض، على الرغم من ذلك فإن تلك المنصات الإعلامية الرقمية تقع عليها مسئولية ما تعرضه سواء أمام القانون أو أمام الرأى العام.
***
إلا أن ذلك الحياد والحماية التى توفرها تلك الشركات المسئولة عن بث المحتوى الإلكترونى على مواقع التواصل الإلكترونى، وما تدعيه من توافر الحماية للمحتوى وتوافر حرية الرأى، كل ذلك محض ادعاءات بسبب عدم إمكانية تجاهل موجات الغضب، لأنها طوعا أو كرها ستستجيب للضغط من الجماهير وأيضا للضغط من الرأى العام والحكومات فى العالم أجمع، حتى تتحكم فى المحتوى المعروض من خلالها. لكن حتى وإن كانت مثل تلك الدعوات لها وازع أخلاقى؛ فإنها تفتح الباب ــ بقصد أو بحسن نية ــ إلى التدخل وفرض رقابة على كل ما ينشر بما ينذر بتهديد حرية إبداء الرأى وتقليص المساحات المتاحة.
استخدم ترامب هذا السلاح، فى أثناء شنه لحملته ضد اليمين المتطرف والنازيين الجدد، وقام بغلق موقع «Daily Stormer»، على الرغم من أن ذلك الموقع لم يكن يلقى ترحيبا من الرأى العام الأمريكى المعارض لما يبثه من أفكار متطرفة، إلا أن تلك الخطوة التى قام بها ترامب لم تلق تأييدا جماهيريا، فلا يجب أن يفرض أحد وصايته على المحتوى المنشور ويحدد ما يُعرض وما يمُنع! واستجابت الشركات التى ادعت الحياد وتدخلت لغلق ذلك الموقع، حيث قامت شركة «Google» بإزالة ذلك الموقع من على محركها البحثى، وقامت شركة «Cloudfare» المختصة بأمن المعلومات بإزالة الحماية عن ذلك الموقع، ورفضت شركة «GoــDaddy» توفير أى «Domain name» جديد لاستضافة الموقع عليه بعد غلقه.
عارضت شركة «(Electronic Frontier Foundation (EFF» تلك التحركات التى وصفتها بالخطر المهدد لحرية إبداء الرأى واستشعرت الخطر بسبب التحكم فى المواد المنشورة وغلق المواقع التى لا تلقى تأييدا من ترامب! لأنه لا يوجد من له سلطة الرقابة والوصاية على الرأى. حيث أكدوا على موقفهم برفض تلك الخطوة على الرغم من معارضتهم لما يقدمه موقع «Daily Stormer» فقد أكدوا على ضرورة ضمان حرية إبداء الرأى للجميع ليس لما يؤيدوه من أفكار فقط!

***
بالإضافة إلى أن لجنة الاتصالات الفيدرالية بصدد إطلاق (الإنترنت مفتوح المصدر)، لأنه يتيح للجميع استخدامه بحرية وسرعة، لكن يعيبه أنه ليس محايدا كما يُزعم؛ لأنه يمكنه قطع الاتصال عن أى محتوى غير مرغوب، خوفا من تدهور أوضاع حرية إبداء الرأى وانزلاقها لمستوى خطير. وبمتابعة ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط والصين، أدى التدخل الحكومى إلى حجب العديد من المواقع وغلقها بسبب القبضة الحديدية للنظام الحاكم وتقييده وحجبه لكل ما يعارضه ليسود الصوت الأوحد فقط.
يشير الكاتب إلى أن حرية الرأى من خلال المنصات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد ترامب تحتاج إلى مزيد من الحماية وإلى توفير ضمانات تمنع التدخل الحكومى أو رضوخ الشركات والمواقع القائمة على إدارة المحتوى بالتدخل استجابة للضغط الحكومى، خوفا من تضييق مساحة الحريات الممنوحة لمعارضى ترامب، ولابد من توفير ضمانات من المحرك البحثى «Google» حتى لا يحذف ما لا يرضى عنه من نتائج البحث حتى لا يتكرر ما حدث مع موقع «Daily Stormer».
ولابد أيضا من توفير إطار جديد لتنظيم تصريحات المسئولين الحكوميين الرسميين على «تويتر»، لأن هذا الموقع الشهير أصبح يوفر تصريحات وبيانات رسمية صادرة على لسان هؤلاء المسئولين، فهو بمثابة ساحة تعامل رسمية بين المسئولين والمواطنين، لذلك فليس بالأمر الهين أن يقوم أحد المسئولين الرسميين بحظر أحد المواطنين من متابعته، لأنه ليس حسابا خاصا به يستخدمه بشكل شخصى.
والأخطر أنه لو قام المسئولين الحكوميين بحظر الصحفيين، فإنه يحرمهم من الاطلاع على المعلومات والتصريحات الحكومية، فالأمر جلل شأنه شأن حرمان الصحفيين من حضور مؤتمرات رسمية وبالتالى تُحجب المعلومات وتُعرقل الشفافية ويُحرم المواطنين من الحق فى المعرفة، ولا يوجد من له الحق فى منع مواطن أو صحفى من الوصول للمعلومات. وحتى لو سلمنا بحق المسئولين الرسميين فى حظر بعض المتابعين؛ فلا بد من إعلان الحسابات التى تم حظرها حتى يعلم أصحابها (لأن مواقع التواصل لا تُعلم الشخص أنه تم حظره)، ولا بد من توفير نوافذ أخرى لهم ليطلعوا منها على تصريحات المسئولين وما يعلنوه من معلومات وقرارات، فلا يوجد لأى مسئول سلطة حرمان المواطنين من الحق فى الاطلاع على المعلومات الرسمية المعلنة من حكومة بلاده.
يختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن التطور التكنولوجى هو سلاح ذو حدين، على الرغم مما يوفره من حرية إبداء الرأى وتداول للمعلومات، إلا أنه قد يضر المصلحة العامة والأمن القومى بموجب الاطلاع على ما لا يجب نشره، لكن ذلك لا يعنى التخلى عن القيم الأصيلة الراسخة التى قامت عليها الولايات المتحدة الداعمة للحرية والشفافية، ومن ثم يجب التوفيق بين الأمرين من خلال إتاحة الإنترنت ذى المصادر المفتوحة مع إتاحة المعلومات للجميع دون حظر، بدلا من العودة لعصور بالية فالسلطة الحقيقية هى التى تحكم بشفافية لا تلك التى تمنع حق المعرفة. 
الاقتباس
خوفا من تدهور أوضاع حرية إبداء الرأى وانزلاقها لمستوى خطير. وبمتابعة ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط والصين، أدى التدخل الحكومى إلى حجب العديد من المواقع وغلقها بسبب القبضة الحديدية للنظام الحاكم وتقيده وحجبه لكل ما يعارضه ليسود الصوت الأوحد فقط.
النص الأصلى 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved