نقابة الصحفيين وجوائزها
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 28 أغسطس 2023 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
يلعب التحفيز، ماديا كان أم معنويا، دورا مهما فى فتح باب التنافس بين الكتّاب والمبدعين، لتقديم أفضل الأعمال التى تصب فى صالح زيادة الوعى والتنوير وسط المجتمعات، وفى هذا الإطار تعد الجوائز عاملا مهمّا لتشجيع كل صاحب موهبة على إظهار مهاراته الإبداعية، شريطة أن يتحلى القائمون على منح تلك الجوائز بالشفافية والموضوعية، والعمل وفق قواعد معلنة عند منح هذه الجائزة أو تلك لمن تقدم إليها أو تم ترشيحه لها.
وتستمد كل جائزة قيمتها من الجهة التى تمنحها، وسمعة القائمين عليها، ومدى التزامهم بالشروط الواجب توافرها فى المرشحين لنيل الجوائز، وأهمها لجان التحكيم التى تشكل الضمير العام، وتعكس مدى النزاهة والعدل عند ترجيح كفّة هذا الفائز على حساب من لم يحالفه الحظ، وهى عملية فى غاية الصعوبة عند التعامل مع منتج غير مادى يمكن لمسه، بل يقوم على الإدراك العقلى والذائقة النقدية التى تراكمت عبر السنين.
وتعد جائزة بوليتزر، التى تقدمها سنويا جامعة كولومبيا بنيويورك فى مجالات الصحافة والآداب والموسيقى، أرفع الجوائز التى تمنح للصحفيين فى الولايات المتحدة الأمريكية، والأكثر شهرة واحتراما على المستوى العالمى، فهى توصف بحق «أوسكار الصحافة»؛ لأنه ومنذ انطلاقها عام 1917 بتمويل من أكبر ناشرى الصحف الأمريكية الصحفى من أصل مجرى جوزيف بوليتزر، تخضع لمعايير صارمة قبل منحها للفائزين فى فروعها المختلفة.
وللاقتراب قليلا من الأسباب التى تجعل بوليتزر «أوسكار الصحافة»، هناك مجلس إدارة للجائزة يضم 20 عضوا هم مديرو التحرير فى الصحف المحلية، وستة أكاديميين من ضمنهم مدير جامعة كولومبيا، وعميد كلية الصحافة فى الجامعة نفسها، ومدير الجوائز، وتتكون لجنة التحكيم الخاصة بالجائزة من حكام تعينهم جامعة كولومبيا، ولا يسمح لمدير الجوائز والعميد بالتصويت.
وفى كل عام يتم اختيار لجنة تحكيم من مجلس إدارة الجائزة تضم أكثر من 100 عضو للعمل فى 20 لجنة مستقلة لفروع الجائزة (عددها 21 فرعا)، وتختار اللجان بعد الاطلاع على الأعمال المقدمة ثلاثة منها فى كل فرع، ويفوز العمل الحاصل على أعلى نسبة أصوات من مجلس الإدارة، الذى قد يصوت بعدم أحقية أى عمل بالجائزة إذا لم يجد أنه جدير بالاختيار.
ووفقا لما نقله موقع «شير أمريكا» تقول كاثى كيلى، الأستاذة فى كلية ميزورى للصحافة والعضو السابق فى لجنة التحكيم المعنية بمنح جوائز بوليتزر، إن «الجوائز لا يتم منحها لتكريم التقارير الصحفية التى تطبل للمشاهير وتمجدهم، كما تعلمون.. إنها تكرم الصحافة الجادة التى فى أغلب الأحيان تنتصر للمظلومين وتقتص من الظالمين».
ومن دون استدعاء المقارنات، لأنها ستكون ظالمة بكل تأكيد، لما تتمع به الصحف الأمريكية من حرية وحيوية، ها نحن بعد سنوات من غياب المعايير الموضوعية فى منح بعض جوائزها، إن لم تكن غالبيتها، أمام قرار من مجلس نقابة الصحفيين، بتشكيل مجلس أمناء لمسابقة جوائز الصحافة المصرية، الذى سيترأسه شرفيا هذا العام الكاتب الكبير محمد العزبى، آخر من حصلوا على جائزة النقابة التقديرية.
مجلس الأمناء سيضم فى تشكيله، وفقا للقرار المعلن قبل أيام، النقباء السابقين: يحيى قلاش، وضياء رشوان، وعبدالمحسن سلامة، إضافة إلى عدد من كبار الكتاب والصحفيين هم: سناء البيسى، وفاروق جويدة، وكريمة كمال، وشريف رياض، وعبلة الروينى، وهالة العيسوى، وعبدالله السناوى، وأيمن الصياد، وحمدى رزق، وأسامة سلامة.
الأسماء التى تشكل مجلس الأمناء تحظى بكل احترام وتقدير، لكن نتمنى أن يكون وجودها ضمانة حقيقية لتلافى أخطاء، إن لمن تكن «خطايا»، شابت بعض فروع جوائز النقابة فى السنوات الأخيرة، وأن تتحلى لجان التحكيم بالقدر المطلوب من الشفافية والموضوعية، وأن تتمتع بشخصيات على قدر المسئولية، بعيدا عن الشللية.
نتمنى أيضا أن نتجاوز مرحلة توزيع الجوائز على أسس غير مهنية «حرفية»، وألا نقع فريسة للأهواء، وأن ينظر للمحتوى النقدى، إذا توفر، بنفس عين «المدح» مما هو متوفر بغزارة، عند منح هذه الجائزة أو تلك، حتى نخرج من حالة «مولد سيدى الجوائز»، هذا إن كنا نريد أن تعود لجوائز نقابة الصحفيين قيمتها!.