كتائب الظل الإخوانية!
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الإثنين 29 أبريل 2019 - 10:15 م
بتوقيت القاهرة
هل هناك كتائب ظل فى السودان، يمكن أن تتمرد على الجيش السودانى، وتسعى لتغيير الأوضاع الراهنة بالقوة، بعد خلع الرئيس عمر البشير قبل أيام قليلة؟!
هذا السؤال يشغل كثيرين من الغيورين على مستقبل هذا البلد العربى الكبير، وكذلك من المراقبين والقوى الإقليمية والدولية.
الإجابة الجزئية على هذا السؤال قدمها النائب السابق للرئيس السودانى على عثمان محمد طه، فى التاسع من يناير الماضى، فى حوار مع قناة «سودانية ٢٤»، معلقا على عرض البشير وقتها استعداده لتسليم السلطة للجيش. وعلق طه على كلام البشير، وعلى مطالب المتظاهرين بتسلم السلطة للجيش قائلا: «الذى يظن الجيش سيتدخل واهم، الجيش لن يتدخل أبدا». لكن أخطر ما قاله عثمان طه هو: «هناك كتائب ظل تحمى البشير ومستعدة للدفاع عنه بأرواحها، خصوصا أنه يواجه استهدافا بتشويه صورته لدوره المتوازن فى جهات عديدة مدنية وعسكرية، ولأن لديه خبرة كبيرة فى الشأن الداخلى والخارجى»!!
لن ننشغل بتقديرات على عثمان طه، التى ثبت أن معظمها فشنك، فالجيش تدخل والبشير سقط، ودخل السجن، بل وعثمان طه نفسه تم القبض عليه لاحقا.
لكن ما يشغلنا أساسا هو قول عثمان طه وقتها إن هناك «كتائب ظل» ستحمى البشير ومستعدة للدفاع عنه بأرواحها.
البشير سقط فى 11 ابريل الجارى، وغالبية قيادات الجبهة الإسلامية تم القبض عليهم، والحمد لله لم تظهر كتائب الظل حتى الآن، والسؤال هل كان عثمان طه يلوح ويهدد فى الفراغ، أم كان صادقا، حينما تحدث عن كتائب الظل؟!
فى الأيام التى تلت سقوط البشير مباشرة، اختفت غالبية قيادات الإخوان، وقيل إنهم تحصنوا فى مزارع مغلقة يملكوها على أطراف الخرطوم، وبها عناصر مسلحة تابعة للجبهة، وأن هذه العناصر، جاهزة ومستعدة للتحرك فور تلقيها الأوامر بذلك!
لكن المخاوف زادت يوم الخميس الماضى، حينما قال زعيم المعارضة السودانية الصادق المهدى، إن السودان قد يواجه انقلابا مضادا، إذا لم يتوصل المجلس العسكرى الانتقالى لاتفاق بشأن تسليم السلطة لحكومة مدينة، والمفارقة أن مريم الصادق المهدى، قالت يوم عزل البشير إن كتائب الظل الإخوانية، قاومت حتى اللحظة الأخيرة تحركات الجيش لإنهاء حكم البشير. ويوم الاحد الماضى حاول انصار قوى الاسلام السياسى تنظيم مظاهرة مليونية امام مقر القوات المسلحة، لكن جرى تأجيلها.
فى تقدير خبراء تحدثوا لصحيفة الاتحاد الإماراتية فى الأسبوع الماضى، فإن كلام عثمان طه لم يكن من فراغ، وأن الميليشيات موجودة، وبدأت تحاول إرباك المشهد، وربما محاولة الانقلاب، إذا سنحت الظروف. يقول هؤلاء إن الدول العربية التى شهدت ثورات واجهت الدولة العميقة فقط. لكن السودان يواجه دولتين الأولى العميقة، حيث سيطر الإخوان على معظم مفاصلها، اعتمادا على سياسة التمكين، والدولة الأخرى موازية، أنشأها الإسلاميون أيضا، لأن هاجسهم أنهم طالما وصلوا للسلطة بانقلاب عسكرى، فقد يتعرضون لانقلاب عسكرى. وفى تقدير المحلل السودانى عبدالمنعم سليمان فإن نظام البشير كان يعتمد أساسا على جهاز الأمن الشعبى الحزبى. فى حين أن كتائب الظل التى كان يترأسها على عثمان طه، كانت تسير بهويات تابعة لجهاز الأمن، وأغلب ضباطها وعناصرها من موظفى الدولة، لكنهم أعضاء فى الجبهة الإسلامية، ولهم ارتباطات عميقة اقتصادية وحزبية بالجبهة، وبالتالى فمصلحتهم هى عودة النظام السابق بكل الطرق. الهدف الأولى لهذه الكتائب هو ضرب العلاقة بين المجلس العسكرى والحراك الشعبى، وبين كل مكونات المجتمع السودانى. والحل هو أن يبادر المجلس العسكرى إلى نزع أسلحة كل الميليشيات والكتائب والتنظيمات وضرب الدولة الموازية سواء كانت تحمل اسم «الدفاع الشعبى» أو «الأمن الشعبى» وغيرهما. إضافة إلى تطهير الدولة العميقة من فلول واتباع النظام السابق، خصوصا فى الأماكن الحيوية.
الصحافة السودانية والعربية تعج بعشرات التقارير التى تتحدث عن كتائب الظل الإخوانية وغيرها، خصوصا أن هناك تنظيمات مسلحة أخرى فى أكثر من منطقة من دارفور إلى كردفان. مثل هذه التنظيمات هى التحدى الأكبر الذى يواجه السودان الجديد إضافة بالطبع إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة.
كل ما نتمناه أن يعى المجلس الانتقالى العسكرى وقادة الثورة فى السودان خطورة ملف «كتائب الظل الميليشياوية»، والأهم أن يتذكر المصريون أنهم نجوا من مصيدة الميليشيات التى انتشرت فى غالبية البلدان العربية خصوصا ليبيا والسودان واليمن وسوريا والعراق.